ماذا تعرف عن المدفع الذى ينتظره ملايين المسلمين في شهر رمضان لينطلق ساعة غروب الشمس لكي يتناولوا إفطارهم بعد صيام يوم كامل؟.. ماذا تعرف عن تاريخه.. لماذا عهدت به الدولة إلى إدارة الإطفاء؟.. ولماذا المدفع بالذات للإفطار.. ألا يكفى أذان المغرب وأذان الفجر ليتناول المسلمون في مصر إفطارهم والانتهاء من سحورهم.. وما رأى علماء المسلمين فى مدفع الإفطار؟.. هذه الأسئلة طرحها الكاتب الصحفي حسن علام قبل نحو 50 عامًا فى تحقيق مهم نعيد نشره في السطور التالية: ■ في انتظار مدفع الإفطار يقول العقيد نبيل حسين فرج قائد مطافئ القاهرة إن تاريخ مدفع الإفطار في مصر يرجع إلى عام 1811، وإذا بحثنا عن هذا التاريخ سنجده من أيام محمد علي باشا، وهو أول حاكم اهتم بتسليح الجيش في مصر، وقد بلغت ذروة اهتمامه بالتسليح سنة 1812 بعد فترة طويلة عانت فيها مصر الركود وتفكك الجيش، وكان اهتمامه الأول بالتسليح هو المدفعية، ومن ضمن المدافع التي اشتراها لمصر مدفع الإفطار الحالي وهو ما يسمي بمدفع «كروب 6» وهو صناعة ألمانية، واشترك هذا المدفع في حروب كثيرة أيام حكم محمد علي، وقد أحيل هذا المدفع للمعاش بعد استخدام مدفعية أحدث منه، وبعدما أحيل المدفع للمعاش استخدم بعد ذلك بمعرفة أطقم من الجيش للإعلان عن الإفطار والسحور في شهر رمضان، ولم تقتصر استخدامات المدفع على ذلك، إنما يُطلق صبيحة أيام الأعياد الإسلامية، وفي الاحتفالات الرسمية والوطنية. ويقول العقيد نبيل حسين فرج، إنه من حوالي 30 سنة عهدت به الدولة إلى إدارة المطافئ للعمل به في شهر رمضان وإطلاقه في الأعياد والمناسبات الدينية والوطنية. ◄ خطر البارود وسألته عن سبب أن تعهد الدولة بمدفع الإفطار لإدارة مطافئ القاهرة، فأجاب: إن مدفع الإفطار أثناء إطلاقه تنتج عنه كمية كبيرة من البارود وتحدث منه أضرار، ومن هنا عهدت به الدولة إلى رجال المطافئ باعتباره مصدرًا للنيران. ويتابع قائد مطافئ القاهرة حديثة من تاريخ المدفع: بعد الاستغناء عنه في الحروب وتقرير استخدامه في شهر الصيام بعد محمد علي كان يحتفل به احتفالًا كبيرًا في القلعة، فعند حلول شهر رمضان من كل عام يرتدي الوالي والحكام ملابس التشريفات ويتوجهون إلى القلعة لحضور احتفالات حلول شهر الصوم حول المدفع. ويضيف العقيد نبيل أنه منذ 30 سنة، وقبل أن تعهد به الدولة لإدارة المطافئ، كانت توجد مجموعات من هذا النوع من المدفع وكانت موزعة على القاهرة وأطرافها مثل القلعة والمعادي وحلوان ومصر الجديدة وأطراف شبرا، لكن عندما زادت الضوضاء والمدنيّة بالقاهرة من سبل المواصلات والسيارات والطائرات أصبح من الصعب سماع هذه المدافع في أماكن كثيرة ومتفرقة بالعاصمة، لذا قررت إدارة مطافئ القاهرة منذ عامين فقط (1973) نقل مدافع الإفطار من هذه المناطق إلى منطقة الدراسة وهي الجهة الوحيدة التي ينطلق منها مدفع الإفطار وليس القلعة كما يعتقد معظم الناس، فقد رأينا أن القلعة أصبحت منطقة سياحية، وقد اتُفِق على اختيار منطقة الدراسة بالذات، حيث إنها بجوار حي الحسين لتاريخه الديني والحضري، وكذلك لوجود مساحة كبيرة من الأراضي الخالية عندما ينطلق المدفع قبل الإفطار. وتوجد بمنطقة الدراسة، عدة مدافع والسبب في ذلك أنه إذا أخطأ أحدها أصاب الآخر، وبقي أن تعرف أن الانطلاقة الواحدة لأي مدفع من المدافع الأربعة تحتاج إلى ثلاثة أو أربعة كيلوجرامات من البارود، وأن كل مدفع له طاقم حيث يقف عليه أربعة من رجال الإطفاء الأقوياء ويرأس الضرب ضابط من المدربين على هذا النوع. ◄ الحاجة فاطمة ومع الزمن صارت هناك ألفة كبيرة بين مجموعة رجال الإطفاء العاملين على المدفع بين المدفع نفسه، وأصبحوا يدللونه باسم «الحاجة فاطمة». وسألت قائد مطافئ القاهرة عن سبب هذا الاسم فقال إن وراء هذه التسمية قصة: يُقال إن أحد رجال المطافئ العاملين على هذا المدفع شاهد في منامه في إحدى ليالي شهر رمضان أن امرأة كبيرة في السن ترتدي الملابس البيضاء كانت تحفر وهي تحمل في يدها «قلة» بها ماء ثم تسقي المدفع، ولما سألها عن اسمها قالت له «أنا الحاجة فاطمة»، ولهذا الحلم أطلق على المدفع «الحاجة فاطمة». وأضاف العقيد نبيل: بقي أن تعرف أن ساعة انطلاق المدفع يتجمع حوله عدد كبير من الأهالي خاصة الأطفال الذين يهللون عند الانطلاق. أما رجال المدفع فهم الوحيدون الذين لا يفطرون في منزلهم. ووجهت لقائد مطافئ القاهرة سؤالًا أخيرًا: ماذا لو فكرت الدولة في إحالة «الحاجة فاطمة» للمعاش مرة ثانية؟ فأجاب: يمكن تسجيله عن طريق الإذاعة والتلفزيون، أما وجهة نظري فهو شيء من عاداتنا القديمة المرتبطة باحتفالات شهر رمضان. ◄ رأي الأزهر واختتمت الحديث عن المدفع برأي فضيلة الدكتور محمد عبدالرحمن وكيل الأزهر: لم يعرف المدفع في عهد الرسول ، إنما كان المسلمون يعلنون عن حلول وقت الإفطار بالأذان، ولما كان الإسلام العظيم ينتشر في جميع أنحاء الأرض فقد استعانت بعض الأحياء التي قد لا يصلها صوت الأذان بوسائل إعلامية مثل المدفع. («آخرساعة» 10 ستمبر 1975)