شهدت منظومة المعاشات التأمينية، خلال السنوات العشرالماضية، نقلة كبيرة وإصلاحا جذريا، سواء من حيث الإصلاحات التشريعية، أو فض التشابكات المالية، أو زيادة المستحقات التى تصرف للمستحقين. فقد تم إصدار القانون 148 لسنة 2019، الذي يوفر العديد من المزايا للمؤمن عليهم وأصحاب المعاشات ويضمن استدامة النظام. ◄ اتفاق تاريخي يلزم الخزانة العامة بسداد 160٫5 مليار جنيه للتأمينات لمدة 50 عاما تزداد بنسبة 5٫9% سنويا ومن أهم هذه المزايا إنشاء صندوق لاستثمار أموال التأمين الاجتماعي بإدارة متخصصة فى مختلف مجالات الاستثمار ومنها الاستثمار العقاري، وفض التشابكات المالية مع الخزانة العامة وبنك الاستثمار القومي بشكل جذري ومنع ظهور تشابكات مالية في المستقبل، وتقرير زيادة دورية للمعاشات بالقانون يتحملها نظام التأمين الاجتماعى لمعالجة آثار التضخم على المعاشات، وتوحيد أجر ونسب اشتراكات تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة لمختلف فئات المؤمن عليهم، وتخفيض نسب اشتراكات التأمين الإجتماعى وعلى الأخص العمالة غير المنتظمة بإعفائهم من حصة صاحب العمل والتى تتحمل بها الخزانة العامة للدولة والحفاظ على المزايا السارية فى قوانين التأمين الاجتماعى السابقة وعلى الأخص حقوق المستحقين فى المعاش، وإنشاء نظام للمعاش الإضافى يقوم على نظام الاشتراكات المحددة لأصحاب الدخول المرتفعة. كما نجحت الحكومة في فك التشابكات المالية بين هيئة التأمينات الاجتماعية من جانب والخزانة العامة وبنك الاستثمار القومى من جانب آخر، باتفاق تاريخى تم توقيعه بين وزارتى المالية والتضامن الاجتماعى منذ عام 2019؛ وذلك وفقًا لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات رقم 148 لسنة 2019 لفض التشابكات يمتد تنفيذه لمدة 50 عامًا بنص المادة رقم 111 من قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات، رقم 148 لسنة 2019، ويحدد المبالغ المالية الواجب سدادها كل عام للهيئة القومية للتأمين الاجتماعى منذ 2019 وتصل 160.5 مليار جنيه حتى 2068، وذلك بنسبة زيادة سنوية فى القسط 5٫9٪ «مركبة»، من أجل العمل على تحسين الأحوال المعيشية لأصحاب المعاشات. وستكون الخزانة العامة للدولة قامت بتحويل 1٫6 تريليون جنيه للهيئة القومية للتأمين الاجتماعى بحلول عام 2026، وبلغت قيمة أول قسط تم سداده فى 2019، مبلغ 160٫5 مليار جنيه يزداد سنويًا بنسبة 5٫9٪، وتبلغ قيمة إجمالى ما سوف تسدده الخزانة العامة للدولة فى نهاية المدة التى حددها القانون، وهى خمسون عامًا، 45 تريليونًا و79 مليار جنيه. ◄ حصيلة الزيادات شهدت الفترة الماضية 11 زيادة متتالية منذ 2014 حتى مارس 2024، ما يعكس الاهتمام غير المسبوق من القيادة السياسية بتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لأصحاب المعاشات. وأخيرًا إجراءات الحماية الاجتماعية التى أقرها الرئيس السيسى قبل شهر رمضان الحالي، كما سبق ذلك حل مشكلة العلاوات الخمس، حيث تم صرف زيادات المعاش وفروقها المستحقة ل 2.5 مليون مستفيد. ◄ إعفاء المديونيات عملت الدولة على تخفيف أعباء أصحاب المعاشات، أثناء جائحة كورونا، والتى تم فيها إصدار القانون رقم 173 لسنة 2020 للإعفاء من المبالغ الإضافية لتسوية المديونيات، ليستفيد منه العديد من أصحاب الأعمال والمؤمن عليهم المتعثرين. كما تم تبادل المديونيات بأصول عقارية وأراضٍ، مما ساهم فى تسوية المستحقات المالية للهيئة، إضافة زيادة الحد الأدنى للمعاشات ليصل فى العام الحالى إلى 1945 بعد أن كان 1300 فى العام الماضي، لتصل معدلات الزيادات السنوية للمعاشات إلى زيادة بلغ متوسطها 102% منذ عام 2014. ◄ التحول الرقمي وأخيرًا تم إطلاق خطة للتحول الرقمي للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، بهدف تيسير الخدمات للمواطنين. تشمل استبدال كروت الصرف القديمة ببطاقات «ميزة» الذكية، بالإضافة إلى إتاحة صرف المعاشات عبر المحافظ الإلكترونية، وميكنة تحصيل مستحقات التأمينات، على أن يتم تطوير الموقع الإلكترونى للهيئة ليتواكب مع التطور الرقمى الذى يشهده ملف المعاشات فى مصر. ◄ أصحاب المعاشات: نأمل طفرة مماثلة في الخدمات الصحية لا ينكر أصحاب المعاشات ما فعلته الدولة خلال السنوات الماضية، من أجل تحسين معاشاتهم، لكنهم لا يزالون فى انتظار المزيد من إجراءات الحماية الاجتماعية، خاصة أن ارتفاع الأسعار يلتهم الزيادات، كما ناشدوا الرئيس بالنظر إلى ظروفهم الصحية، بتحسين خدمات التأمين الصحى، ومراعاة الأوضاع الصحية الحرجة لأصحاب المعاشات فى الحجز الإلكترونى بعيادات التأمين الصحي. يقول محمود عبد الغني - موظف متقاعد - بوزارة الكهرباء، إن أحوال أصحاب المعاشات تحسنت كثيرًا فى عهد الرئيس السيسي، وزادت معاشاتهم كثيرا، عما كانت فى السابق، وهذا يؤكد انحياز الرئيس دائما لمحدودي الدخل. ويشير إلى أنه يحصل على معاش يصل إلى 5 آلاف جنيه، إلا أن المشكلة الرئيسية التى يعانى منها وجموع المصريين هى جشع التجار وقيامهم برفع الأسعار، كلما علموا بأن هناك أي زيادة مرتقبة. يناشد عبد الغنى أجهزة الدولة بتشديد الرقابة على الأسواق وأسعار السلع حتى يتم وضع حد للارتفاع غير المبرر فى أسعار السلع، متمنيًا وضع حد لهذا الطاعون الذى يغتال الجيوب. ◄ إيجابيات كثيرة وتؤكد حنان صالح، موظفة على المعاش، أن أحوال أصحاب المعاشات أصبحت أفضل بكثير، وهناك الكثير من الإيجابيات كزيادة المعاشات والحصول على العلاوات الخمس، بالإضافة إلى وضع حد أدنى للمعاشات، وتقول: المشكلة الرئيسية ليست فى تحسن أحوال المعاشات أو قرارات الرئيس للحماية الاجتماعية، ولكن الكارثة فى جشع التجار، فالجشع هو الآفة التى تأكل كل محاولة لتحسين أحوال المعاشات. وتوضح أنها تحصل على معاش يقارب ال4000 جنيه، وبالرغم من أن هذا الرقم يعد كبيرًا مقارنة بغيرها، إلا أنه بالكاد يكفيها، مع ارتفاع إيجارات المنازل والسلع. وتوضح نعيمة محمد السيد، التى تحصل على معاش زوجها الموظف بالكهرباء أن ملف المعاشات شهد فى عهد الرئيس الكثير من الحلول الجذرية مثل حل مشكلة أموال المعاشات لدى الحكومة والتسوية التاريخية التى تمت بتوجيهات الرئيس، وأيضًا العلاوات الخمس التى تم إضافتها للمعاشات.. وتشير إلى أنها تحصل على معاش زوجها والذى يصل إلى 6 آلاف جنيه، وهذا الرقم ما كانت لتحصل عليه لولا تلك الحلول التى قام بها الرئيس واهتمامه الكبير بأصحاب المعاشات، وسعيه الدائم لتحسين أوضاعهم والعمل على توفير ما يقيهم تقلبات الحياة.. وتضيف أن المشكلة ليست في الإجراءات، ولكن المشكلة فيمن يطبقها. مثال على ذلك معاناة أصحاب المعاشات فى الحجز الإلكتروني فى التأمين الصحي. أحيانًا هذا الأمر ونتاج تعطل النظام أحيانًا يبطئ من عمليات العلاج والكشف، وهذه المشكلة كبيرة ويعانى منها قطاع كبير من أصحاب المعاشات. ◄ تدخل جراحي ناجح.. خبراء: صندوق الاستثمار حل سحري.. والنرويج خير مثال تدخل جراحي دقيق شهده ملف المعاشات في السنوات السابقة .. أقر به خبراء الاقتصاد والاجتماع السياسي، ويؤكدون على الأهمية الخاصة التى أولاها الرئيس لتلك الفئة، وقدرة الدولة على معالجة العديد من المشاكل القانونية والتشريعية، وفي المقابل ذكروا التحديات التي تواجه أصحاب المعاشات. وأشاروا إلى ضرورة الاستفادة من التجربة النرويجية واستثماراتها الناجحة في أموال المعاشات والتى عادت بالفائدة عليهم وعلى الدولة. يؤكد د. مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، أن الرئيس السيسى منذ توليه المسؤولية فى عام 2014 أعاد الروح لملف المعاشات واستطاع بجرأة قراراته أن يضع حدًا قانونيًا بالتسوية التاريخية التى تمت بين صندوق المعاشات والحكومة فيما يخص أموال المعاشات، والتشابكات المالية بين هيئة التأمينات الاجتماعية من جانب، والخزانة العامة وبنك الاستثمار القومى من جانب آخر. وأشار إلى ما تحقق فى القانون الجديد للتأمينات الاجتماعية، يعكس فكر العدالة الاجتماعية بالجمهورية الجديدة، من خلال تحريك الحد الأدنى للمعاشات ووضع آلية تضمن حصول المؤمن عليه عند بلوغ سن المعاش على 80% من الأجر الأخير للعامل، وهو ما كان يطالب به الكثير من أصحاب المعاشات. كما تم الاتفاق على أن يكون هناك زيادة سنوية للمعاشات تصل إلى 15%. وأضاف: هناك نقطة لابد أن نوضحها فى هذا الملف، أن نسبة الزيادة السنوية المحددة فى القانون بحد أقصى 15% لابد من إعادة النظر فيها، خاصة أن نسب التضخم تتخطى هذه النسبة بكثير، لافتا إلى أهمية إنشاء صندوق استثمار أموال المعاشات، فى القانون، كضمانة حقيقية للحصول على معاش كريم يتناسب مع غلاء المعيشة. ◄ التجربة النرويجية وقال بدرة: لنا فى تجربة النرويج خير مثال، حيث نجحت بفضل الاستثمار المتنوع فى كافة المجالات أن تحقق أرباحًا كبيرة، كان لها الأثر فى الارتقاء بمعاشات الأفراد هناك، وتوفير الكثير من الخدمات لهم. هذه الخطوة إذا ما تم التخطيط الجيد لها، والسعى إلى الاستثمار طويل وقريب الأمد، والعمل على وضع خطة استثمارية لأموال المعاشات، ستؤدى إلى الوصول لحل سحرى لهذا الملف دون الحاجة للتدخل المستمر من الدولة. ◄ نقطة بداية وتقول د. عالية المهدي، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، إن ما تم فى ملف المعاشات يعد نقطة بداية، علينا الإسراع بها أكثر، خاصة مع ارتفاع معدلات التضخم، فهذه الخطوة ينقصها العمل على إعادة هيكلة المعاشات ككل ،حتى يحصل كل شخص على حقه من المعاش، خاصة أن القانون القديم بحصول صاحب المعاش على 20% من أجره الأخير، كان ظالمًا ولابد أن يتم معالجة آثاره التى يعانى منها أصحاب المعاشات الآن. وتوضح أن هناك خطوة رائعة أيضًا وإيجابية تمت فى هذا الملف، وهو صندوق الاستثمار لأموال المعاشات. لكن هذه الخطوة لا بد أن تكون لها رؤية واضحة حتى لا تتكرر أخطاء الماضي، وحتى نستطيع تحقيق أرباح لأصحاب المعاشات تعود بالنفع عليهم ◄ خطة استثمارية ويوضح د. سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن مشكلة المعاشات مشكلة مزمنة وتسبب فى كثير من المشاكل منها الزيادة السكانية، خاصة أن ضعف المعاشات أدى إلى بدعة قيام الأفراد بالإنجاب أكثر ظنًا منهم أن العزوة تضمن لهم مستقبلًا أفضل.. وأضاف: كان أصحاب المعاشات يضطرون إلى الاستمرار فى العمل بعد تجاوزهم سن المعاش، بالرغم من ضعف قدرتهم البدنية، وهى أمور تغيرت الآن للأفضل، بعد أن أصبحت هناك حلول من الدولة على رأسها ضمان حصول أصحاب المعاشات على حقوقهم وفى مقدمتها المعاش المعقول الذى يؤمن احتياجاتهم، أيضًا زيادة الحد الأدنى للمعاشات، ناهيك عن جعل المعاش بنسبة 80% من قيمة آخر أجر. ولكن هذه الخطوة ينقصها أن يكون هناك هيكلة للمعاشات، فلا يعقل أن يتساوى الذي خرج على المعاش حديثًا مع رجل خرج على المعاش منذ أعوام، ففى هذا الأمر ظلم كبير.. ويختتم: الأفضل فيما تم لأصحاب المعاشات هو صندوق الاستثمار، فهذه الخطوة ستنقل أصحاب المعاشات لمكانة ووضع آخر إذا ما كان هناك خطة استثمارية منضبطة يراقبها البرلمان.