يعد كتاب «العقيدة وبناء الإنسان» للراحل الدكتور عبد الفتاح عبد الله بركة عضو هيئة كبار العلماء، أحد المؤلفات المهمة التى تسلط الضوء على دور العقيدة الإسلامية في تشكيل شخصية الإنسان وبناء مجتمعه، ينطلق المؤلف من فكرة أن الإنسان لا يكتمل بمجرد وجوده المادي، بل يحتاج إلى بناء فكري وروحي متكامل، وهذا البناء لا يتحقق إلا من خلال العقيدة الصحيحة التى تمنحه الوعي بذاته، وتحدد علاقته بخالقه وبمن حوله، وترسم له طريقه فى الحياة.. يبدأ المؤلف بالحديث عن الإنسان باعتباره كائناً مكرماً خلقه الله فى أحسن تقويم، ومنحه العقل والإرادة والقدرة على التمييز بين الخير والشر، لكنه في ذات الوقت كائن مسؤول عن أفعاله، إذ سيسأل عن عمره وكيف قضاه، وعن علمه وكيف استخدمه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، ومن هنا تتجلى أهمية العقيدة فى توجيه الإنسان ليحقق هدفه الأسمى فى الحياة. يوضح الكتاب أن العقيدة ليست مجرد أفكار نظرية، بل هى منهج حياة متكامل يؤثر فى تصرفات الإنسان وسلوكياته، فالإيمان بالله يمنح الإنسان شعورًا بالطمأنينة والسكينة، كما يساعده على مواجهة التحديات والصعوبات بثقة وثبات، كما أن العقيدة الصحيحة تحرر الإنسان من الخوف والتردد، وتجعله يدرك أن حياته لها معنى وغاية، فيسعى إلى إعمار الأرض ونشر الخير وتحقيق العدل. يشير المؤلف إلى أن العقيدة لها دور رئيسى فى بناء المجتمعات، فهى تضع القيم الأخلاقية التى تحكم العلاقات بين الناس، وتغرس فيهم معانى الأمانة والصدق والإحسان، كما أنها تخلق مجتمعًا قائمًا على التعاون والتراحم، حيث يدرك كل فرد مسؤولياته تجاه الآخرين وفى المقابل، فإن غياب العقيدة الصحيحة أو انحرافها يؤدى إلى انهيار القيم وانتشار الفوضى، مما ينعكس سلبًا على الأفراد والمجتمعات. ◄ اقرأ أيضًا | الطيب: أطالب باحترام الأديان عند العمل بحقوق الإنسان يتناول الكتاب كذلك: الفرق بين الإنسان وغيره من المخلوقات، حيث يوضح أن الإنسان هو الكائن الوحيد الذى يمتلك القدرة على التفكير واتخاذ القرار، مما يمنحه مسؤولية كبيرة تجاه نفسه وتجاه الآخرين، ويؤكد المؤلف أن حياة الإنسان هى رأس ماله الحقيقي. يناقش المؤلف مفهوم الحرية فى الإسلام، موضحًا أن الإسلام لا يقيد حرية الإنسان، بل يوجهها لتكون فى مصلحته ومصلحة المجتمع.. كما يتحدث الكتاب عن دور الأنبياء فى بناء الإنسان، حيث يؤكد أن الله أرسل الرسل لهداية البشر وتعليمهم الطريق الصحيح، فالأنبياء لم يأتوا فقط لتعريف الناس بوجود الله، بل ليضعوا منهجًا كاملاً للحياة. في الختام، يخلص المؤلف إلى أن العقيدة الإسلامية هى الركيزة الأساسية التى تقوم عليها حياة الإنسان، وأنها ليست مجرد شعائر وعبادات، بل هى نظام متكامل يشمل جميع جوانب الحياة، ويؤكد أن من يفهم العقيدة فهمًا صحيحًا، ويطبقها فى حياته، يكون قد أدرك الغاية الحقيقية من وجوده، وضمن لنفسه حياة طيبة فى الدنيا ونجاة فى الآخرة.