يُشارك الموسيقار أشرف الزفتاوي للعام الثالث عل التوالي ضمن الماراثون الرمضاني الحالي، وذلك بعد النجاح الكبير الذي حققه من خلال موسيقى مسلسل "صلة رحم" الذي عُرض العام الماضي، حيث يُقدم الموسيقى التصويرية لمسلسلات "النُص"، "في لحظة"، و"منتهي الصلاحية" المنتظر عرضه في النصف الثاني من شهر رمضان الكريم.. في الحوار التالي يتحدث الزفتاوي عن كواليس تأليفه لموسيقى الأعمال الثلاثة، وأبرز الجوانب التي حرص على التركيز عليها من خلال الموسيقى، والعديد من التفاصيل الأخرى. - نبدأ بالحديث عن الموسيقى التصويرية لمسلسل "النُص" الذي يجمع بين الدراما والكوميديا، ما أبرز الجوانب التي حرصت على التركيز عليها أثناء صياغة موسيقى العمل؟ - حرصت على التركيز على شخصيات العمل في المقام الأول، ومعرفة تفاصيل وجوانب كل شخصية على حدة، ثم بدأت بصياغة (تيمات) موسيقية مختلفة مُعبرة عن كل شخصية في العمل، فمثلًا صنعت تيمة خاصة لشخصية أحمد أمين بعنوان (تيمة البطل) والتي تظهر عندما يبدأ بتكوين فريق النشالين من أجل سرقة الإنجليز، وهكذا مع باقي شخصيات العمل، كما قمت بصياغة مقطوعات موسيقية عديدة لتصاحب مشاهد الأكشن، وتعاملت مع كل مشهد على حدة مثل السينما تمامًا، وهذا بالطبع تطلب مجهودًا كبيرًا خاصة أننا اتجهنا إلى (الاستايل الهوليوودي) حتى نواكب ونجابه الجودة الموسيقية التي نستمع إليها في الأعمال الغربية. - وهل استعنت بأوركسترا غربية أثناء تسجيل الموسيقى ؟ - للأسف لم نتمكن من الاستعانة بأوركسترا (لايف) أثناء عملية التسجيل، وهذا الأمر قد يكون صعبًا للغاية بسبب عدم توافر الإمكانيات المادية التي قد تُمكنا من القيام بذلك، خاصة أن موسيقى العمل تتخطى مُدتها الأربعة ساعات، ونحتاج إلى ميزانية تتخطى النصف مليون دولار حتى نتمكن من تسجيلها كاملة، ولم نحبذ أيضًا تسجيل بعض المقطوعات بشكل (لايف) عن غيرها حتى لا يكون هناك فروقات في الجودة النهائية لموسيقى العمل، لكن بفضل الله ومع التعب والمجهود الذي بُذل لم تقل الجودة عما نستمع إليه في هوليوود. - "النُص" تدور أحداثه خلال ثلاثينيات القرن الماضي، هل استعنت بمراجع تاريخية عن هذه الحقبة الزمينة أم اكتفيت بقراءة سيناريو العمل؟ - عادة ما أُحبذ مشاهدة الصورة الإخراجية للعمل ثم أبدأ بصياغة الموسيقى، لأن الصورة أبلغ من السيناريو أو أي مرجع، وهذا ما حدث أيضًا أثناء جلسات العمل التي جمعتني بالمخرج حسام علي عندما عرض عليَ المشروع، وبدأ في سرد القصة، وأتذكر أننا تحدثنا كثيرًا عن شخصيات العمل وأجواءه الدرامية والكوميدية، وديكوراته التاريخية حتى أتخيل معه الصورة الإخراجية، لأن الصورة هي التي تُحدد اتجاه الموسيقى في المقام الأول، ثم تناقشنا في (ستايل) الموسيقى الذي قد يتناسب مع (الحدوتة) والأهم بأن يكون مؤثر في الأحداث لاسيما أن معظم الأعمال الكوميدية التي عُرضت في السنوات الأخيرة كانت موسيقاها تُعطي إحساس الكوميديا لكن غير مؤثرة، وتكون مجرد موسيقى تُعزف في خلفية المشهد، وهذا ما لم نكن نُريده أبدًا. - لكن لماذا ابتعدت عن القالب الموسيقي لحقبة الثلاثينيات؟ - لا أُفضل تقديم قالب موسيقي خاص بحقبة زمنية دون غيرها لأن هناك اختلافات في أسلوب التأليف الموسيقي لكل حقبة، وبذلك نكون ابتعدنا عن القالب أو نوعية الموسيقى التي اعتاد الجمهور على سماعها في العصر الحالي، وهذا ما قد ينتج عنه عزوف المشاهد أو عدم استطاعته تذوق المشاعر التي أحاول توصيلها له من خلال الموسيقى، وبالتأكيد لم نبتعد أيضًا عن الحقبة بتقديم ألوان موسيقية لم تكن موجودة في هذا العصر مثل (الروك) مثلًا، لكن الأهم بالنسبة لنا كصُناع أن الموسيقى تأتي مُعبرة عن (الحدوتة) بشكل كبير. - ما أبرز الآلات التي اعتمدت عليها أثناء التأليف الموسيقي؟ - اعتمدت على آلتي الكلارينيت والفلوت بشكل أكبر لأنهما يترجمان الحس الكوميدي وفي الوقت نفسه تعطي إحساس الشجن أو الحزن لكن بدرجات أخف من آلة التشيللو، وذلك بما يتناسب مع طبيعة المسلسل الدرامية والكوميدية. - وماذا عن تتر نهاية العمل؟ - تتر النهاية يُتيح لي حكاية قصة العمل بالإيقاع و(التيمبو) الذي أراه مناسبًا، ولي كامل الحرية في تخيل أفكار وصور مُعينة تتلخص في مقطوعة موسيقية مُدتها 3 دقائق ونصف، أما المشاهد أو الصورة الإخراجية تحكمني بشكل كبير، و وضع الموسيقى عليها أصعب بكثير. - ننتقل للحديث عن موسيقى مسلسل "في لحظة"، ماذا عن كواليس تأليفها وتسجيلها؟ - "في لحظة" يحمل نوعية دراما مختلفة تمامًا عن "النُص"، فهو مسلسل رومانسي يتخلله أحداث مُشوقة، وكان الأهم بالنسبة لي أثناء عملية التأليف والصياغة أن أصنع جملة موسيقية مُحببة على أذن المشاهد والمستمع و(تتحفظ من أول مرة)، وشجعني على ذلك المخرج أحمد خالد الذي أطلق لي الحرية في تنفيذ عدد من الأفكار، واختار من بينها (التيمة) الموسيقية التي نستمع إليها حاليًا من خلال العمل. - على ذكر الجملة الموسيقية التي تعلق في ذهن المشاهد سريعًا، برأيك كيف تصبح الموسيقى التصويرية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالعمل وليست مجرد إثراء للناحية الجمالية؟ - هذا الأمر قد يكون صعب تحقيقه في الوقت الحالي، ليس بسبب سوء جودة الموسيقى المُقدمة في الأعمال الدرامية، ولكن بسبب الزخم الكبير للأعمال التي تُعرض خلال شهر رمضان، فضلًا عن الإعلانات التي أصبحت تعتمد على الأغنيات والجمل الموسيقية بشكل كبير، لذا المُستمع يتشتت تركيزه، على عكس الماضي، إذ كان عدد المسلسلات أقل بكثير، لذا استطعنا حفظ الجمل الموسيقية للأعمال وتمييزها، ومازالت حاضرة في وجداننا إلى الآن، مثل مسلسلات "رأفت الهجان"، و"ليالي الحلمية" وغيرهم الكثير، وليس فقط الموسيقى التي قد تُظلم بل هناك مسلسلات أيضًا قد تتعرض للظلم وعدم تحقيق نسب مشاهدة عالية بسبب الزخم الكبير رغم جودتها على جميع المستويات. - أيهما الأصعب في التأليف، موسيقى الأعمال الكوميدية أم الدرامية أم الوطنية؟ - العمل الكوميدي هو الأصعب بالنسبة لي، لأنني أُحبذ أن تكون الموسيقى مرتبطة ومتناسقة مع الصورة بشكل كبير، وهذا يتطلب تركيزًا وجهدًا أكبر من أي نوعية أخرى. - ما الذي ينقص صناعة الموسيقى التصويرية في العالم العربي؟ - توفير الميزانية المالية الضخمة التي من خلالها نستطيع توفير الإمكانيات وبالتالي تخرج الجودة إلى النور في أفضل صورة، فهي عملية تكاملية تتكون من الميزانية والموهبة اللذان يُخرجان لنا جودة رائعة، والأمر الآخر هو توفير الوقت الكافي للصانع، ونحن نفتقد في العالم العربي لهذان الأمران، لذا لابد أن نعذر مؤلفي الموسيقى التصويرية لأنهم يبذلون جهدًا كبيرًا بأقل الإمكانيات. - وما هي أعمالك المقبلة؟ - أنتظر عرض مسلسل "منتهي الصلاحية" في النصف الثاني من شهر رمضان، والذي أشارك فيه بالموسيقى التصويرية، والعمل من بطولة محمد فراج، ياسمين رئيس، هبة مجدي، محمود الليثي، سامي مغاوري، دنيا ماهر، من تأليف محمد هشام عبية، وإخراج تامر نادي. اقرأ أيضا: أشرف الزفتاوى: ترجمت وحدانية الأبطال فى «صلة رحم» l حوار