وسط أجواء تسودها الألفة والتسامح، تحتفل كنيسة الأقباط الكاثوليك في الغردقة بشهر رمضان المبارك على طريقتها الخاصة، حيث تتزين أرجاؤها بالفوانيس الرمضانية والزينة المضيئة، في مشهد يعكس عمق المحبة والتآخي بين المسلمين والمسيحيين، ويؤكد أن القيم الإنسانية تتجاوز حدود الأديان، لتجمع أبناء الوطن الواحد تحت راية المحبة والسلام. يحرص القمص يؤنس أديب، راعي الكنيسة، على نشر أجواء البهجة الرمضانية داخل الكنيسة وخارجها، من خلال تعليق الزينة المضيئة والفوانيس، التي باتت جزءًا من تقاليد الكنيسة في هذا الشهر الكريم. ويقول القمص يؤنس أديب في تصريح خاص: «نحن نعيش في وطن واحد، وما يفرح إخوتنا المسلمين يفرحنا أيضًا. رمضان ليس مجرد شهر صيام، بل هو فرصة لنشر المحبة وتعزيز قيم التآخي. تعليق الزينة والفوانيس الرمضانية ليس مجرد زينة، بل هو رسالة واضحة بأننا جميعًا أبناء هذا الوطن، وأن المحبة والاحترام هما الأساس في العلاقة بين الجميع». اقرأ أيضًا| البابا تواضروس يستقبل رئيس أساقفة مارسيليا وأضاف: «الكنيسة كانت وستظل دائمًا داعمة لقيم التعاون والتآخي. فرحتنا بشهر رمضان لا تقل عن فرحة المسلمين به، لأن أي مناسبة تجمع الناس على الخير والرحمة هي مناسبة تستحق الاحتفاء بها». لم تقتصر احتفالات الكنيسة بشهر رمضان على الزينة فقط، بل امتدت لتشمل مبادرات إنسانية تهدف إلى دعم الأسر الأكثر احتياجًا. فمنذ بداية الشهر الكريم، تعمل الكنيسة على تجهيز مئات الكراتين الغذائية، التي يتم توزيعها على المحتاجين دون تمييز، في صورة تجسد المعنى الحقيقي للتراحم والتكافل.. وأوضح القمص يؤنس أديب أن هذه المبادرة تأتي إيمانًا برسالة الكنيسة في دعم المجتمع وخدمة الفئات الأكثر احتياجًا، قائلًا: «رسالتنا في الكنيسة ليست مقصورة على الجانب الروحي فقط، بل تمتد لتشمل الجانبين الاجتماعي والإنساني. عندما نرى الابتسامة على وجوه مَن يتلقون هذه المساعدات، نشعر بأننا قمنا بواجبنا تجاه إخواننا في الوطن. الخير لا يرتبط بدين معين، بل هو سلوك إنساني يعبر عن الضمير الحي والرحمة التي يجب أن تجمعنا جميعًا».. وفي لفتة إنسانية تعكس روح التسامح والتعايش، يواصل رجل الأعمال القبطي محارب رمزي عجايبي تقليد عائلته الممتد منذ عقود، بإقامة مائدة إفطار يومية في مدينة الغردقة طوال شهر رمضان. هذه المبادرة، التي بدأت في محافظة الأقصر على يد والده، أصبحت اليوم واحدة من أبرز صور الوحدة الوطنية. حيث يشارك في تجهيز المائدة شباب مسلمون ومسيحيون يعملون معًا في أجواء من الود والمحبة.. يقول محارب رمزي عجايبي: «أنا أعتبر هذه المائدة صدقة جارية على روح والدي، الذي كان يحرص على إقامة موائد الرحمن في الأقصر. اقرأ أيضًا| فانوس رمضان يزين مطرانية الأقباط الكاثوليك بالغردقة اليوم، أكمل ما بدأه والدي، لأنني أؤمن بأن الخير يجب أن يستمر، وأن المحبة لا تعرف حدودًا. ما يميز هذه المائدة أنها ليست مجرد مكان لتقديم الطعام، بل هي مساحة للقاء والتواصل بين الناس، حيث يجتمع الجميع، مسلمين ومسيحيين، على مائدة واحدة، يجمعهم الود والتآخي». ويضيف: «كل عام، أجد أن المشاركة في هذه المائدة تتزايد، وهناك العديد من المتطوعين الذين يبادرون بالمساعدة، سواء في إعداد الطعام أو تنظيم المائدة. هذا يدل على أن الخير موجود في قلوب الناس، وأن مصر ستظل دائمًا بلد التآخي والتسامح». تجسد هذه المبادرات معنى الوحدة الوطنية في أبهى صورها، حيث يجتمع المصريون على قيم التراحم والتكافل، دون تمييز بين مسلم ومسيحي، ليؤكدوا أن ما يجمعهم أكبر بكثير من أي اختلافات.