أوضحت دار الافتاء كل ما يريد معرفته المسلم عن سنة الاعتكاف ، وترصد في التقرير التالي معني الاعتكاف في السنه وأقول الفقهاء في حكمه: قالت دار الافتاء بإن الاعتكاف سنةٌ باتفاق، ولا يلزم إلا بالنذر، أو بالشروع فيه عند السادة المالكية، وقال الحنفية: إنه سنَّة مؤكَّدة في العشر الأواخر من رمضان، ومستحب فيما عدا ذلك؛ بناءً على التفريق بين معنى السنة والمستحب عندهم. اقرأ أيضًا | نصيحة لمن تترك الحجاب بعد الالتزام به في رمضان قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار على الدر المختار" (2/ 441، ط. دار الفكر): [وهو-أي النذر- ثلاثة أقسام: (واجب النذر) بلسانه وبالشروع وبالتعليق ذكره ابن الكمال، (وسنَّة مؤكدة في العشر الأخير من رمضان) أي سنة كفاية؛ كما في "البرهان" وغيره؛ لاقترانها بعدم الإنكار على من لم يفعله من الصحابة، و(مستحب في غيره من الأزمنة) هو بمعنى غير المؤكدة] اه. وقال الإمام العدوي المالكي في "حاشيته" على "شرح كفاية الطالب الرباني" (1/ 464، ط. دار الفكر): [الاعتكاف من نوافل الخير المرغب فيها على المشهور] اه. وقال الإمام الخرقي الحنبلي في "مختصره" (ص 52، ط. دار الصحابة): [الاعتكاف سنَّة إلا أن يكون نذرًا فيلزم الوفاء به، ويجوز بلا صوم إلا أن يقول في نذره بصوم] اه. وقال العلامة ابن المنذر في "الإجماع" (ص 50، ط. دار المسلم): [أجمعوا على أن الاعتكاف لا يجب على الناس فرضًا إلا أن يوجبه المرء على نفسه، فيجب عليه] اه. مكان الاعتكاف مكان الاعتكاف هو المسجد؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: 187]، ولأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يعتكف إلا في المسجد. واتفقوا على أن المساجد الثلاثة أفضل من غيرها، والمسجد الحرام أفضل، ثم المسجد النبوي، ثم المسجد الأقصى؛ قال العلامة ابن المنذر في "الإجماع" (ص: 50): [أجمعوا على أن الاعتكافَ جائزٌ في المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ومسجد إيليا] اه. اقرأ أيضًا | بعد موجة الحر.. ما حكم الإفطار في نهار رمضان لأصحاب المهن الشاقة؟ ثم اختلفوا في المسجد الذي يصح الاعتكاف فيه؛ فذهب المالكية والشافعية إلى جواز الاعتكاف في أيِّ مسجد من المساجد؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: 187]؛ فقد عَمَّ الله المساجد كلها ولم يخص منها شيئًا، فلا دليل على تخصيص بعضها بالجواز. قال العلامة العدوي المالكي في "حاشيته" على "شرح كفاية الطالب الرباني" (1/ 465، ط. دار الفكر): [ولا يكون الاعتكاف إلا في المساجد فلا يصح في البيوت والحوانيت ونحوها؛ كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: 187] فيصح الاعتكاف في أي مسجدٍ كان، ولو كان غيرَ المساجد الثلاثة في أي بلدٍ كان] اه. وقال الإمام الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج" (2/ 189، ط. دار الكتب العلمية): [(وإنما يصح الاعتكاف في المسجد)؛ للاتِّباع رواه الشيخان؛ وللإجماع؛ ولقوله تعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: 187]، (و) المسجد (الجامع) وهو ما تقام فيه الجمعة (أولى) بالاعتكاف فيه من غيره؛ للخروج من خلاف من أوجبه؛ ولكثرة الجماعة فيه؛ وللاستغناء عن الخروج للجمعة، ويجب الجامع للاعتكاف فيه إن نذر مدة متتابعة فيها يوم الجمعة وكان ممن تلزمه الجمعة ولم يشترط الخروج لها؛ لأن الخروج لها يقطع التتابع لتقصيره بعد اعتكافه في الجامع، ويستثنى من كون الجامع أولى ما إذا كان قد عيَّن غير الجامع فالمُعَّين أولى إذا لم يحتج إلى الخروج إلى الجمعة] اه. وذهب الإمام أبو حنيفة والإمام أحمد إلى اشتراط كون المسجد جامعًا عامًّا تُقَام فيه الصلوات الخمس وصلاة الجماعة. قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار على الدر المختار" (2/ 440، ط. دار الفكر) في تعريفه للاعتكاف: [(هو) لغة: اللبث وشرعًا: (لبث) بفتح اللام وتضم المكث (ذكر) ولو مميزًا في (مسجد جماعة) هو ما له إمام ومؤذن أديت فيه الخمس أَوْ لا، وعن الإمام اشتراط أداء الخمس فيه وصححه بعضهم، وقال: لا يصح في كل مسجد وصححه السروجي، وأما الجامع فيصح فيه مطلقًا اتفاقًا] اه. [والمسجد الجامع وإن لم يكن مشروطًا لصحة الاعتكاف، فالاعتكاف فيه أفضل؛ للخروج من خلاف من أوجب الاعتكاف فيه، ولكثرة الجماعة فيه، وللاستغناء عن الخروج للجمعة] اه. "مغني المحتاج" (2/ 190). وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع عن متن الإقناع" (2/ 352، ط. دار الكتب العلمية): [ولا يصح الاعتكاف من رجل تلزمه الصلاةُ جماعةً إلا في مسجد تقام فيه الجماعة فلا يصح بغير مسجد بلا خلاف، ولا يصح ممن تلزمه الجماعة إلا بمسجد تقام فيه حذرًا من ترك الجماعة، وإن لم يكن المعتكف رجلًا تلزمه الصلاة جماعة بأن كان امرأةً أو عبدًا أو صبيًّا أو معذورًا أو لم يأتِ عليه زمن اعتكافه فعل صلاة؛ كما لو اعتكف من طلوع الشمس إلى الزوال صح اعتكافًا في كل مسجد، ولا يصح الاعتكاف ممن تلزمه الجماعة في مسجد تقام فيه الجمعة دون الجماعة إذا كان يأتي عليه وقت صلاة لما مر وظَهْرُه أي: المسجد منه، ورحبته المحوطة وعليها باب نصًّا منه] اه.