مع التطور السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبح من الممكن إعادة إحياء الشخصيات الفنية الراحلة وإعادة تقديمها للجمهور بطرق غير مسبوقة، شهدت صناعة الإعلانات تحولا كبيرا في السنوات الأخيرة، حيث استخدمت تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنتاج محتوى يجمع بين الحاضر والماضي, ومع بداية شهر رمضان لهذا العام، استعانت إحدى الحملات الإعلانية بهذه التقنيات والتي نجحت في إثارة جدل الجمهور وتصدرها محركات البحث على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ظهر الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب والراحلة سعاد حسني كأبطال للإعلان في مشاهد جديدة صممت بدقة وكأنهم عادوا للحياة مرة أخرى.. خلال السطور التالية، نستعرض كيف تم توظيف الذكاء الاصطناعي لإعادة إحياء رموز الفن المصري في الإعلانات الرمضانية، والتقنيات المستخدمة لتحقيق هذه النتيجة، ومدى تأثيرها على مستقبل صناعة الإعلانات. كعادته، يشهد شهر رمضان تنافسا قويا بين الشركات في تقديم إعلانات متميزة، وقد جاء إعلان أحد البنوك المصرية في صدارة الاهتمام هذا العام, فهو يجمع ولأول مرة بين محمد حماقي وبين ويجز في عمل مشترك, واللافت في الموضوع ظهور خاص للراحل محمد عبد الوهاب وسعاد حسني في مشاهد معينة, فجاء الإعلان ليجمع بين الأجيال المختلفة ويعيد للجمهور ذكريات الماضي بأسلوب عصري, وقد اعتمد على الذكاء الاصطناعي في إعادة تجسيد ملامح وأداء سعاد حسني ومحمد عبدالوهاب بدقة، مما جعل ظهورهما يبدو وكأنه عودة جديدة إلى الشاشة. يظهر محمد حماقي خلال الإعلان وكانه يعيش أجواء الخمسينيات والستينيات ويحضر حفلا موسيقيا لمحمد عبدالوهاب، حيث يتفاعل معه وكأنه موجود فعليا في الماضي, أما ويجز، فيعود إلى حقبة الفراعنة في مشاهد تعكس الحضارة المصرية القديمة والتي تم تصميمها أيضا بالذكاء الاصطناعي، بينما تنتقل سعاد حسني إلى الوقت الحاضر لتتفاعل مع العناصر الحديثة، في مزيج درامي يربط الماضي بالحاضر بأسلوب مشوق. وبالنسبة لأغنية الإعلان جاءت تحت عنوان «جواك عالم»، وهي أغنية مشتركة بين ويجز ومحمد حماقي، من كلمات أحمد حسن راؤول، وألحان مدين، وتوزيع حسن الشافعي, الأغنية دمجت بين الطابع الكلاسيكي لزمن الفن الجميل والإيقاع العصري، ما جعلها تترك بصمة قوية لدى المشاهدين. ولصناعة هذا الإعلان بالتقنيات الحديثة، تم تحليل أرشيف موسيقي وبصري واسع، مما أتاح تقديم الشخصيات الراحلة بشكل أقرب للواقعية, حيث استعانت فرق العمل المتخصصة بالذكاء الاصطناعي لإعادة بناء ملامح الوجه وتفاصيل الصوت والحركة، بحيث يظهر كل من سعاد حسني ومحمد عبدالوهاب في مشاهد تحاكي تعبيراتهما الأصلية وأدائهما الفريد. فدخول الذكاء الاصطناعي مجال صناعة الإعلانات ومع تطور تقنياته، أصبح لهذا المجال دور كبير في صناعة الإعلانات، حيث يمكنه إعادة تشكيل الوجوه، وتحليل الصوت، وإنتاج مقاطع فيديو تحاكي الشخصيات الحقيقية بدقة مذهلة. أما عن آلية تجسيد الشخصيات الراحلة باستخدام الذكاء الاصطناعي فتعتمد هذه التقنيات على جمع وتحليل البيانات من صور ومقاطع فيديو قديمة للفنان الراحل، بالإضافة إلى تسجيلات صوتية ومقاطع أداء قديمة لتحليل تعبيراتهم وصوتهم وأسلوب حركتهم. واستخدام التعلم العميق والشبكات العصبية حيث يتم توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل GANs «الشبكات التوليدية التنافسية» وDeepfake لإنشاء نسخة رقمية دقيقة للفنان، بحيث تحاكي ملامحه وصوته وأدائه. ثم تأتي مرحلة دمج الأداء التمثيلي الحديث وفيها يتم اختيار ممثل يشبه الفنان الراحل من حيث تعابير الوجه وطريقة الحركة، ثم يتم التقاط أدائهم باستخدام تقنية التقاط الحركة Motion Capture. ثم تتم عملية المعالجة الرقمية والتعديل النهائي عن طريق تعديل الفيديو رقميا لدمج النموذج الاصطناعي مع المشاهد الحديثة، وضبط الإضاءة واللون لجعل الظهور واقعيا ومتكاملا مع بقية الإعلان. هذه التقنية ليست مجرد أداة لاستعادة التراث الفني، بل تفتح آفاقا جديدة في عالم الإعلانات، حيث يمكن إعادة تقديم رموز الماضي للأجيال الجديدة بطرق حديثة، مع الحفاظ على أصالتهم الفنية. اقرأ أيضا: حسين فهمي يكشف تفاصيل جديدة بشأن وفاة الفنانة سعاد حسني وبالرغم من ذلك أثار استخدام الذكاء الاصطناعي لإحياء الفنانين الراحلين في الإعلانات ردود فعل متباينة بين الجمهور, البعض يرى أن هذه التقنية تمثل تطورا ثوريا في عالم الإعلانات، حيث تتيح إعادة تقديم الشخصيات الفنية بأسلوب عصري يبقي على إرثهم الفني حيا, كما أنها تمنح الأجيال الجديدة فرصة للتعرف على رموز الفن الكلاسيكي بطرق حديثة تتناسب مع التطور الرقمي. في المقابل، أبدى البعض تحفظهم على هذه التقنية، معتبرين أنها قد تثير تساؤلات أخلاقية حول استخدام صورة وصوت الفنانين الراحلين دون موافقتهم, كما أشار البعض إلى أن الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي قد يقلل من فرص الإبداع البشري في مجال التمثيل والإعلانات لكن ومع الاختلاف في وجهات النظر تبقى التجربة خطوة جديدة نحو توظيف الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى الإعلاني، وهو ما قد يشجع المزيد من العلامات التجارية على استخدام هذه التقنية في المستقبل, هذا التطور يفتح الباب أمام استخدامات أوسع، مثل إعادة تقديم شخصيات تاريخية أو إعادة إحياء مشاهد من أفلام قديمة بأسلوب عصري. وحتى لا يقتصر الهدف فقط على تقديم حملة تسويقية، بل خلق تجربة بصرية وسمعية تعيد إحياء العصر الذهبي للفن المصري، وتمكن الأجيال الحالية من التواصل مع رموز الفن الراحلين بطريقة حديثة ومؤثرة.