رمضان في الإسكندرية له طابع خاص، خصوصًا فى أحياء الأنفوشى والمرسي أبو العباس، وما تحمله هذه الأماكن من عبق تاريخى وأجواء روحانية، وقبل نحو 49 عامًا نشرت «آخرساعة» تقريرًا فى هذا الإطار رصدت فيه كواليس سهرات وليالي شهر رمضان في الحى القديم وحول سيدى أبو العباس التى تنوعت بين البهجة والثقافة والإيمان.. وفي السطور التالية نعيد نشر ذلك التقرير بتصرف محدود. ◄ سيد مكاوي يغني.. و«حلال عليه» يرقص.. ومصطفى إسماعيل يرتل القرآن ◄ مسارح مكشوفة وحلقات نقاشية وأطفال يلعبون بالطراطير والمزامير ■ الأطفال يشترون اللعب والهدايا هنا في «الأنفوشي» الحي العريق القديم الذي جاوز من العمر خمسة آلاف عام والذى يتسم بالطابع القدسى والطابع الدينى فى كل العصور، يعيش أهل الإسكندرية خلال شهر رمضان فى حياة جديدة، حياة زهو وصفاء وإيمان. ◄ مملكة الصالحين فى هذا الحى العريق الذى ترتفع فيه المآذن أكثر من العمارات، والذى اختاره أولياء الله الصالحون مقرًا ومستقرًا لهم بعد انتقالهم إلى الرفيق الأعلى.. هذه المملكة الصغيرة التى تضم أكثر من 170 شيخًا وإمامًا من شيوخ الإسلام قد اختارت سلطانًا عليهم.. اختارت أبوالعباس المرسى ليكون سلطانًا لمملكة أولياء الله الصالحين فى حى الأنفوشى الذى يتوسطه مسجده الشهير بالإسكندرية. ولكن من هو سلطان أولياء الله الذى يلتف حوله المسلمون خاصة فى شهر رمضان من الغروب حتى الشروق؟ إنه «أحمد بن عمر الأنصارى المرسى»، نسبة إلى مرسية فى بلاد الأندلس. ولد هذا الشيخ فى عام 616 هجرية، وقد عزم فى صغره على الحج إلى بيت الله الحرام مع والده وهناك عند شواطئ تونس غرقت السفينة وغرق كل من فيها ما عدا قطب الإسكندرية أبوالعباس المرسى وشقيقه أبوعبدالله. وحول أبو العباس المرسى يرقد أكثر من 50 شيخًا من أولياء الله الصالحين ومن تلاميذه ومريديه، وعلى رأسهم الإمام البوصيرى وسيدى ياقوت العرش والطرطوش وأبوالدرداء، بالإضافة إلى 15 شهيدًا وعلى رأسهم ثلاثة من أبناء الإمام زين العابدين بن الحسين رضى الله عنه. ◄ مظاهر رمضان وفى هذا المكان الفسيح الذى يزدحم بكل شىء.. بالكتب الدينية والمأكولات والمشروبات الشعبية وبالكنافة والقطايف، ويلعب الأطفال بالطراطير والمزامير، وتنتشر المسارح المكشوفة ويعيش أهل الإسكندرية فى شكل حلقات مناقشة فى كافة الفروع، فى الفن الأدب والدين والسياسة.. وهذه الحلقات تقام فى الشارع وتحت الأضواء الملوّنة وحول أكواب الشاى الأخضر والحلبة والزبادى والشيشة العجمى. في هذا المكان أقامت هيئة تنشيط السياحة والثقافة الجماهيرية سرادقات كثيرة يشرف عليها سعد خشانة رئيس تنشيط السياحة ومحمد غنيم مدير عام الثقافة الجماهيرية تضم عروضًا دينية وفنية وأكروبات، حيث يلتقى شعب الإسكندرية مع الشيخ مصطفى إسماعيل ومع صوته فى ترتيل القرآن وفى التواشيح الدينية أيضًا. وهناك أيضًا سيد مكاوى الذى يطلق لصوته العنان حتى الصباح فى أغانى سيد درويش ولحن المسحراتى والليلة الكبيرة وكذلك كارم محمود وعبدالعزيز محمود وغيرهم. بالإضافة إلى فرق الفنون الشعبية والراقص السكندرى «حلال عليه» الذى قدم عرضًا أمام الرئيس فورد خلال احتفالات أمريكا بعيدها القومى. («آخرساعة» 22 سبتمبر 1976)