وضعت الخطة التي بلورتها مصر وتوافق عليها الدول العربية خلال انعقاد القمة العربية الطارئة فى القاهرة الأسبوع الماضى الاحتلال الإسرائيلي في حالة حصار دبلوماسى مع توالى الدعم الذي حظيت به دوليا وأوروبيا وكذلك على مستوى منظمة التعاون الإسلامى، وهو ما يمهد لانطلاق الوفود الدبلوماسية المصرية والعربية التى ستكون مهمتها تعريف المجتمع الدولى بما جرى التوافق عليه أخيرا بين جميع الدول العربية، وهو ما يعد تطورا إيجابيا يدعم الانتقال من خانة الإعلان عن الخطة والانتقال نحو آليات سبل تنفيذها. ■ الرئيس عبدالفتاح السيسي يتوسط الرؤساء والزعماء العرب المشاركين بالقمة ويمكن القول بأن قمة القاهرة التي يمكن وصفها بالتاريخية بالنظر إلى أهمية توقيت انعقادها وكذلك ما خرجت عنه من قرارات برهنت على أن التوافق العربى مازال أمرا ممكنا وأن الخطر الإسرائيلي الداهم يدفع نحو المضي قدما فى إجراءات تصد ما تسعى إليه حكومة اليمين المتطرف والتي تحظى بدعم أمريكى يقوده الرئيس دونالد ترامب، وأن التركيز على تفاصيل خطة الإعمار وضع المجتمع الدولي أمام خطوات قابلة للتنفيذ بحاجة لمزيد من التدقيق فيها وليس رفضها مباشرة كما فعلت دولة الاحتلال وهو ما يجعل هناك تعويلا على إمكانية إقناع الولاياتالمتحدة بما جاء فيها من خطوات. ◄ صور وخرائط تتضمن الخطة العربية خرائط توضح كيفية إعادة تطوير أراضى غزة وعشرات الصور الملونة التى تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعى لمشاريع الإسكان والحدائق والمراكز المجتمعية، وتضمنت أن «التعافى المبكر سيستغرق 6 أشهر ويشمل رفع الأنقاض وتركيب مساكن مؤقتة»، فى حين أن إعادة الإعمار بالكامل سيستغرق 5 سنوات. وستتكلف المرحلة الأولى من الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة 20 مليار دولار، فى حين أن المرحلة الثانية ستتكلف 30 مليار دولار، ومن المقرر أن تستغرق المرحلة الأولى عامين وتشمل بناء 200 ألف وحدة سكنية وتستغرق المرحلة الثانية عامين ونصفا وتشمل بناء 200 ألف وحدة سكنية أخرى ومطار بغزة، وبالتالى تصل تكلفة إعمار قطاع غزة الإجمالية وفق الخطة المصرية إلى 53 مليار دولار. وتشمل الخطة المصرية «إزالة 50 مليون طن من الركام، وإزالة الذخيرة غير المنفجرة، وتوفير وحدات سكنية مؤقتة، وبناء إجمالى 460 ألف وحدة سكنية دائمة، واستعادة الخدمات الأساسية والشبكات والمرافق»، كما تمت صياغة بصورة تراعى حجم الدمار الواسع داخل القطاع والحاجة الماسة لإغاثة الشعب الفلسطينى فى غزة وحتى يستعيد الحياة الطبيعية». ◄ اقرأ أيضًا | استشهاد طفل فلسطيني وإصابة والدته إثر قصف الاحتلال خيمتهم بشمال غزة ◄ فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا تؤيد خطة الإعمار ◄ تأييد أوروبي أعلن وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا، تأييدهم خطة مصر المدعومة عربياً لإعادة إعمار غزة بتكلفة 53 مليار دولار وتجنب تهجير الفلسطينيين من القطاع، وقال الوزراء فى بيان مشترك: «تظهر الخطة مساراً واقعياً لإعادة إعمار غزة وتعد - إذا نفذت - بتحسين سريع ومستدام للظروف المعيشية الكارثية للفلسطينيين الذين يعيشون فى غزة». دعا رئيس الوزراء الفلسطينى محمد مصطفى، إلى تبنى الخطة العربية لإعادة إعمار غزة «كخطة عربية - إسلامية مشتركة»، تضمن إعادة إعمار قطاع غزة ب«أيادٍ فلسطينية، ثابتة فى الأرض دون تهجيرها»، وبدعم إقليمى ودولى، على طريق تجسيد دولة فلسطين وبناء مؤسساتها واقتصادها. أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامى حسين إبراهيم طه، خلال انعقاد الدورة الاستثنائية لمجلس وزراء خارجية المنظمة، على دعم خطة إعادة الإعمار لقطاع غزة، التى اعتمدتها القمة العربية مع التمسك بحق الشعب الفلسطيني بالبقاء فى أرضه، لما تشكله من رؤية مشتركة وواقعية تستوجب من الجميع حشد الدعم المالى والسياسى اللازمين لتنفيذها، فى إطار مسار سياسى واقتصادى متكامل لتحقيق رؤية حل الدولتين. ■ السفير محمد حجازي ◄ حجازي: موقف إسرائيل متوقع.. وواشنطن منفتحة على الخطة ◄ الأكثر واقعية وقال السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الخطة المصرية المتوافق عليها عربيا هى الأكثر واقعية والتزاما بقواعد القانون الدولى ويمكن أن تحقق الأمن والاستقرار الإقليمى وذلك بفعل الأهداف التى بنيت عليها وتتمثل في دفع عملية الإعمار وإفشال مخطط التهجير، وهو ما يجعل ردة الفعل الإسرائيلية عليها متوقعة ومنطقية، فيما جاء موقف الولاياتالمتحدة يعكس انفتاحا على الخطة وهو ما يظهر فى تصريحات المبعوث الأمريكى للسلام فى المنطقة. أضاف، أن الخطة المصرية يلتف حولها كافة المواقف السياسية وهى مؤسسة لموقف دولى أكثر تأثيرا على المشهد الإقليمى فى الشرق الأوسط وستكون بحاجة إلى تواصل مباشر مع الأدارة الأمريكية بما يمهد للاستماع إلى أصوات أكثر تعقلا، بخاصة وأن الخطة حملت إجابات لجميع التساؤلات المرتبطة بمستقبل قطاع غزة بما فى ذلك خطوات إعادة الإعمار ومن سيدير القطاع وتمهد لأن يكون هناك ربط جغرافى بين الضفة وغزة سياسيا وقانونيا عبر تمكين السلطة من القطاع، وأشار إلى أن التعويل على المواقف الدولية الداعمة للخطة سيكون على رأس أولويات التحركات المصرية والعربية خلال الفترة المقبلة وأن الموقف الأوروبى وكذلك منظمة التعاون الإسلامي ومن قبلهما الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقى تساهم فى إرساء الخطة التى تعد بالأساس بعيدة المدى وهى تتحدث بشكل مباشر عن إعادة الإعمار، ولكنها تتضمن أيضا حلا سياسيا يمهد لإقامة دولة فلسطينية كما أن الخطة وما أحدثته من توافق عربى وإسلامى حولها يمكن أن تكون مقدمة لوضع نظام أمنى وقانونى يحكم منطقة الشرق الأوسط لمواجهة المخططات التى تستهدف دول المنطقة. ■ أحمد فؤاد أنور ◄ خطة ترامب ومن جانبه قال الدكتور أحمد فؤاد أنور، أستاذ اللغة العبرية بجامعة الإسكندرية والمتخصص فى الشأن الإسرائيلى، إن مخرجات قمة القاهرة تضرب الخطة «الترامبية الصهيونية» بخطة مفصلة وليس مجرد بيانات شجب وإدانة، وهو أمر جديد ومهم ويضاف إليه دعم دولى واسع بدءا من الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقى والدول الأوروبية ومنظمة المؤتمر الإسلامى، وأن الدبلوماسية المصرية نشطت فى أعقاب القمة لشرح تفاصيل هذه الخطة واستقبلت الكثير من وفود الدول المؤثرة فى المشهد الإقليمى. وأوضح أن ما خرجت به قمة القاهرة هى رؤية متكاملة تقدم أملا يخفف معاناة الفلسطينيين خلال أشهر قليلة وتحسن الأجواء فى القطاع خلال أسابيع قليلة ثم السير فى خطة خمسية لإعادة إعمار القطاع دون تأييد، مشيرا إلى أن هناك زخما سياسيا وإقليميا ودوليا حول الخطة وأن وفدا مصريا من الممكن توسعته ليكون عربيا سوف يصل واشنطن لعرض الخطة فى ظل مؤشرات لإمكانية التراجع عن خطة التهجير. وتوقع أن يتم تجاوز العراقيل التى تضعها إسرائيل نحو الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وإدخال المواد الإغاثية وهى حرب نفسية تلعب عليها إسرائيل للضغط على حماس وأن وصول وفد من المقاومة للقاهر وآخر سوف يتوجه إلى قطر للتباحث بشأن هذه المرحلة يشى بأنها تسير فى اتجاه إيجابى. ■ عبير ياسين ◄ عبير: واجبات إصلاحات مطلوبة من السلطة والفصائل ◄ قابلة للتطبيق وأكدت الخبيرة فى الشأن الفلسطيني، عبير ياسين، أن الخطة المصرية قابلة للتطبيق لكنها مرتبطة بسياق وعوامل أساسية لابد أن تتوافر لكى يتم تحويلها إلى إجراءات تنفيذية فى مقدمتها القبول العربى والفلسطينى لها وهو أمر يتوافر الآن على المستوى الرسمى، كما أن الخطة بحاجة إلى دعم دولى يتحقق أيضا مع الموقف الأوروبى وكذلك مواقف العديد من الدول حول العالم فى مقدمتها دول الاتحاد الأوروبى، كما أن الخطة يمكن أن تكون قابلة للتعديل وهو ما تنفتح عليه مصر بخاصة أنه تم تدمير 80% من البنية التحتية للقطاع. وأشارت إلى أن السياقات الأخرى التى قد تعترض الخطة تتمثل فى الرفض الإسرائيلى لها والموقف الخاص من جانب الدول الأوروبية بشأن مستقبل حركة حماس فى القطاع، والموقف الأمريكى الذى يبدو أكثر تماهيا مع الرؤية الإسرائيلية التى يسيطر عليها اليمين المتطرف والأكثر تطرفا، هو تيار لديه خطط قديمة لتهجير الفلسطينيين ولديه رفض كامل لمبدأ إقامة الدولة الفلسطينية، كما أن هذا اليمين استفاد مما حدث فى السابع من أكتوبر ومنذ ذلك الحين جرى طرح مسألة التهجير مرات عديدة بأشكال ورؤى مختلفة، وأوضحت أن الخطة المصرية تسير فى المقابل تماما لهذا التوجه لأنها تقوم على فكرة بقاء الفلسطينيين على أراضيهم وإعمار القطاع، فى وقت سعى فيه الاحتلال لأن يكون قطاع غزة غير قابل للحياة، كما أن إقدامه على غلق المعابر ورفض دخول المساعدات والحديث عن الاستعداد لحرب موسعة يتنافى مع الخطة المصرية التى تهدف للذهاب نحو السلام فيما تحاول إسرائيل استخدام مزيد من القوة تؤدى لوجود بيئة لا تتوفر فيها عوامل السلام أو الاتجاه نحو المسار السياسى. ◄ واجبات فلسطينية وشددت على أن التحدى الآخر يرتبط بخطوات إصلاح السلطة الفلسطينية ومحاولة حل الأزمات الداخلية بحركة فتح ووقف التراشق بين الفصائل وتعيين نائب لمنظمة التحرير الفلسطينية، مشيرة إلى أن تفاصيل هذه الخطوات سوف تؤشر على ما إذا كان هناك رغبة فلسطينية فى تجاوز خلافات الماضى أم لا فى ظل جهود مصرية حثيثة لإنهاء الانقسام، كما أن قدرة الفصائل على التواجد وتجاوز مطالب الغرب الذى يحاول إبعاد حركات المقاومة يساعد على إنجاح الخطة بخاصة وأن استبعاد حماس أمر غير منطقى لما لديها من امتداد شعبى للمجتمع الغزاوى، وكذلك الوضع بالنسبة لحركة حماس التى سيكون عليها الانصهار فى السلطة الفلسطينية والابتعاد عن أى أدوار سياسية لها الفترة المقبلة وأن يتم اختيار تشكيل لجنة الإسناد بالتوافق بين جميع الفصائل على الشخصيات التكنوقراط داخلها، وأهمية أن لا يكون هناك فيتو أو اعتراضات من الفصائل وفى مقدمتها حماس على الأسماء المشاركة فيها، بحسب ما أكدته ياسين.