كتبت : أسماء ياسر كشف البنك المركزى، عن ارتفاع صافى الاحتياطيات الدولية إلى 47.393 مليار دولار بنهاية فبراير 2025، مقابل 47.265 مليار دولار بنهاية يناير 2025 بزيادة قيمتها 128 مليون دولار. ويؤكد د. فرج عبدالله أستاذ الاقتصاد وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى والتشريع، أن هناك عدة أسباب رئيسية وراء زيادة الاحتياطى النقدى الأجنبى أبرزها توفر «الحيز المالي» وهو المساحة المتاحة فى الموازنة العامة، نتيجة لانكماش المدفوعات، وزيادة المتحصلات خلال فترات معينة، مما يؤدى إلى عدم وجود ضغط على الاحتياطى النقدى الأجنبي، موضحًا أن هناك خمسة موارد رئيسية تدعم زيادة الاحتياطى النقدى الأجنبي، وتشمل تحسن إيرادات قناة السويس بعد عودتها لمعدلاتها الطبيعية، وارتفاع إيرادات قطاع السياحة الذى شهد انتعاشًا ملحوظًا، وزيادة تدفقات النقد الأجنبى من تحويلات العاملين بالخارج، وتحسن الاستثمار الأجنبى المباشر، وهو العامل الأساسى لزيادة الاحتياطى خلال العام الأخير، وزيادة الصادرات، مما يعزز تدفق العملات الأجنبية. اقرأ أيضًا | كم بلغت الزيادة في احتياطي النقد الأجنبي لمصر خلال عام؟ وأشار عبدالله إلى أنه للحفاظ على هذه الوتيرة من النمو فى الاحتياطى النقدي، يجب اتباع مسارين رئيسيين، الأول تعزيز الإيرادات الدولارية من خلال زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتحفيز الصادرات، وتشجيع تحويلات العاملين بالخارج، وتطوير برامج سياحية جاذبة لزيادة عائدات السياحة، أما المسار الثانى فهو تقليل الإنفاق بالعملة الأجنبية، عبر تقليص المدفوعات من الاحتياطى النقدى الأجنبي، من خلال ترشيد الواردات، خاصة للسلع غير الأساسية، مثل لعب الأطفال وبعض المنتجات غير الاستراتيجية، مع ضمان عدم التأثير على القطاعات الإنتاجية. وفى نفس السياق، يوضح د.محمد يونس أستاذ الاقتصاد وعميد كلية التجارة بجامعة الأزهر أن ارتفاع الاحتياطى النقدى يعد مؤشرًا إيجابيًا يعكس تحسن موارد النقد الأجنبي، مؤكدًا أن هذا الارتفاع يعتمد على خمسة روافد رئيسية توفر العملات الأجنبية، وهى الصادرات حيث تسهم فى إدخال عملات حرة وتعزيز الاحتياطي، وإيرادات قناة السويس التى لا تزال مصدرًا مهمًا للنقد الأجنبى رغم التحديات الناجمة عن الحرب فى جنوبالبحر الأحمر، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج التى تأتى عادة بالدولار الأمريكى أو عملات أخرى حرة، والسياحة التى تشهد طفرة كبيرة خلال الآونة الأخيرة وتدعم تدفقات النقد الأجنبي، والاستثمار الأجنبى المباشر الذى يمثل أحد المصادر الأساسية للعملات الصعبة ويعزز الاحتياطى النقدي. وأشار يونس إلى أن زيادة الاحتياطى النقدى تنعكس إيجابيًا على قيمة الجنيه فى مواجهة الدولار والعملات الأخرى، وهو ما يستوجب العمل على استدامة هذا الارتفاع من خلال عدة آليات أهمها تحسين وتعزيز الصادرات المصرية عبر رفع جودتها، وإكسابها ميزة تنافسية فى الأسواق المحلية والعالمية، مع ضمان السعر المناسب والجودة العالية والتوقيت الملائم والاستمرارية، وأيضًا الترويج المكثف للمنتجات المصرية فى المعارض والمحافل الدولية، بما يدعم وصولها إلى أسواق جديدة، بالإضافة إلى الاهتمام بالصادرات الصناعية والزراعية، مع التركيز على صناعات التكنولوجيا مثل البرمجيات والرقائق المعدنية، بالإضافة إلى صناعة الدواء لما لها من عائد اقتصادى مرتفع، فضلًا عن تنشيط السياحة المصرية من خلال الترويج المستمر فى المعارض والمنتديات الدولية، وتعزيز الاستثمارات فى هذا القطاع الحيوي. وأضاف أن إيرادات قناة السويس تأثرت خلال الفترة الماضية، لكنها ستعود إلى معدلاتها الطبيعية مع استقرار الأوضاع العالمية، مشيرًا إلى أن تحويلات المصريين بالخارج تُعد من البنود المهة لدعم الاقتصاد، حيث يتم توجيه جزء منها إلى الإنفاق العام مثل قطاعات الصحة والتعليم، مما يحقق استثمارات طويلة وقصيرة الأجل ويؤثر إيجابيًا على المؤشرات الكلية للاقتصاد، من خلال زيادة القيمة المضافة وتحفيز الناتج المحلى الإجمالي، ورفع معدل النمو الاقتصادى نتيجة ارتفاع التدفقات النقدية، ودعم الموازنة العامة للدولة عبر توفير تمويل للإنفاق الحكومي، وتحسين ميزان المدفوعات المصري، وتقليل العجز فى الميزان التجاري، من خلال زيادة الصادرات وخفض الواردات، لافتًا إلى أن الاستثمار الأجنبى المباشر لا يقتصر فقط على كونه رافدًا من روافد النقد الأجنبي، بل يلعب دورًا أساسيًا فى نقل التكنولوجيا الحديثة إلى السوق المصرية، مما يوفر فرص عمل جديدة، ويخفف من معدل البطالة ويعزز إيرادات الدولة. ومن جانبه يؤكد د.هشام إبراهيم أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة أن البنك المركزى يحرص على تحقيق التوازن بين هدفين أساسيين، أولهما زيادة الاحتياطى النقدى الأجنبى بشكل شهري، وهو ما يظهر فى الزيادات المستمرة ولكن بمعدلات مدروسة، حيث تتراوح غالبًا حول 100 مليون دولار، أما العامل الثانى فهو عدم الضغط على النقد الأجنبى المتاح فى القطاع المصرفى، حيث يسعى البنك المركزى للحفاظ على توازن دقيق بين رفع الاحتياطى النقدي، وضمان توافر السيولة اللازمة فى السوق.. وأوضح إبراهيم أن هذه السياسة تضمن استمرار ارتفاع الاحتياطى النقدى من خلال عدة مصادر رئيسية، أبرزها زيادة الاستثمار الأجنبى المباشر، وارتفاع تحويلات المصريين بالخارج، إلى جانب تنامى إيرادات قناة السويس، وقطاع السياحة، والصادرات، مشيرًا إلى أن جميع هذه العوامل تسير فى اتجاه إيجابي، مضيفًا أن الطلب على النقد الأجنبى لا يزال مرتفعًا، مما يؤدى إلى توازن بين أى زيادة فى المعروض وزيادة مقابلة فى الطلب، وهو ما يفسر عدم حدوث قفزات كبيرة فى الاحتياطى النقدى رغم الارتفاعات المتتالية، مؤكدًا أن البنك المركزى مستمر فى هذه السياسة للحفاظ على استقرار السوق النقدية ودعم النمو الاقتصادي. ويرى رامى فتح الله رئيس لجنة المالية والضرائب بالجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال، أن وصول صافى الاحتياطيات الدولية إلى 47.39 مليار دولار بنهاية فبراير 2025 يعكس استقرار السياسة النقدية، وجهود البنك المركزى فى تعزيز الثقة بالاقتصاد المصري، مضيفًا أن الوصول لهذا المستوى من الاحتياطى يعزز قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها الخارجية، ويدعم استقرار سعر صرف العملات الأجنبية، ويساهم فى خلق مناخ أكثر جاذبية للاستثمار، مؤكدا أن استمرار هذا الاتجاه الإيجابى يتطلب مواصلة الإصلاحات الاقتصادية وتعزيز بيئة الأعمال، بما يضمن استدامة النمو وجذب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية.