أجبرتنى الظروف على ترك سيارتى أمام المنزل وطلب سيارة أجرة لعمل بعض المشاوير الشاقة.. السائق شاب مصرى محترم، بياخد ويدى فى الكلام عن الدنيا فى رمضان كعادة أغلب السائقين، فجأة يرن تليفونه ليقطع الكلام ويستأذن للرد، فيجيب: أيوه يا باشا أنا مين حضرتك؟ ويكمل متسائلًا بنبرة تعجب: إيه ده حضرتك بنفسك بتكلمني؟ بجد أنا مش مصدق، ربنا يعزك يا باشا، وسأل محدثه هو حضرتك جبت رقمى منين ياباشا؟ آه ..الناس اللى فى مكتبك معاهم أسامى الناس وأرقامهم.. معلش أصل انا مش مصدق بصراحة وقلت حد عامل فيا مقلب! وهنا ارتفع صوته فجأة كمن فاز بمليون جنيه فى برنامج وهو يقول لمحدثه: عازمنى أنا على الفطار، دى مائدة رحمن دى يا باشا؟ وامتزج صوته بالدهشة المغلفة بالانبهار وهو يقول: عزومة فطار وسيادتك بنفسك هتكون موجود وبتستقبلنى مع بقية الضيوف!! طبعًا جاى بإذن الله بس المكان فين؟ تمام يا باشا، العزومة فى الكنيسة ولا فى الشارع؟ تمام...تمام ..ألف شكر يا باشا. وانتهت المكالمة.. وقد غمرنى الفضول لأعرف مَن هو الباشا الذى تسبب للسائق الشاب فى هذه الحالة من البهجة والانبهار والمفاجأة.. وأصابنى بالفضول الصحفي؟ لم يتحمل السائق الصمت وكأن فرحة الدنيا لا تسعه فانطلق يقص لى بفخر شديد قائلًا: ده النائب أبانوب بتاع البرلمان نائب منطقة الساحل فى شبرا، تخيلى حضرتك بيتصل بيا بنفسه بيعزمنى على فطار عامله لأبناء الدايرة. قلت: أكيد يعرفك قبل كده فبيعزمك قال: أبدًا يا هانم ...عمره ما شافني، بس اللى اعرفه إنه أصغر نائب فى البرلمان سنًا، ودلوقتى بيتصل بالناس بنفسه يعزمهم على فطار عامله لكل الدايرة فى رمضان وهو بنفسه هيستقبلهم، وطبعًا الحكاية دى عمرها ما حصلت قبل كده. قلت فى نفسي: عقبال ما أعرف اسم النائب فى دايرتنا أو ألمح طيفه فى الشارع ولو مرة. ويا ريت كل نواب البرلمان بنفس رقى النائب الشاب أبانوب الذى لا أعرفه.