في ظل إعادة لتشكيل خرائط كثيرة "سياسيا واقتصاديًا هل تقوى إيران على إصلاح نفسها؟!.. ●● هل تقوى إيران على إصلاح نفسها؟!.. سؤال يفرض نفسه الآن في ظل متغيرات جديدة وفي ظل إعادة لتشكيل خرائط كثيرة "سياسيا واقتصاديا".. بل إن الإجابة على هذا السؤال يجب أن تكون إجبارية في ظل فقدان إيران لكثير من اذرعها في المنطقة!.. إن أهم مفاصل الدولة الإيرانية التي تحتاج إلى إصلاحات وفق ما يتفق عليه الشارع الإيراني ويؤمن بضرورة تنفيذ هذه الإصلاحات رغم رفض الدولة تنفيذ أي شيء منها.. ●● لمعرفة قدرة ونية الإصلاح في الجمهورية الإسلامية ليس علينا أن نقف أمام الملفات الصادمة والقضايا الإصلاحية الإشكالية التي ستخلق بلبلة كبيرة إذا وضعت تحت مجهر الإصلاح مثل المساواة بين الجنسين في الميراث، وإلغاء حكم الإعدام الذي ينفذ في الشوارع، وانهاء احتكار الدولة للعطاءات والمشاريع وقطع دعم المؤسسات الدينية والمذهبية من موازنة الدولة واجراء انتخابات نزيهة لانتخاب محافظي المدن بإرادة شعبية، والتوقف عن إعلان العداء لإسرائيل من خلال قنوات السياسة الخارجية الإيرانية.. ●● هذه الإصلاحات مرهونة بالمناخ السياسي والحوار بين مؤسسات الدولة والإعلام الحرّ ومن الممكن أن تتغير عبر هذه القنوات، أما الإصلاحات التي تخص المجتمع بشكل مباشر ويتوجب على الدولة أن تقوم بها منذ سنوات طويلة ولا تتقدم خطوة واحدة نحوها، بل ترفضها رفضًا قاطعًا ولا تظهر أي نية للإصلاح.. ●● "الصورة البانورامية" سواء للوضع الداخلي او الخارجي.. تقول إنه يتوجب على الدولة الإيرانية النظر لها بعين الإصلاح وتنفيذها كمطلب يطلبه المجتمع ويحتاجه، بل وبدأ يطالب بها أيضا بشكل علني الموالون للنظام هناك لأنها تلبي مطالب الشعب وتُجمّل صورة الدولة أيضا: 1 ■ إلغاء قانون البثّ الفضائي وحل الإذاعة والتلفزيون الرسمي: حيث تمنع السلطات هناك الأهالي من امتلاك "أطباق فضائية".. وعلى حد تصريح سابق لوزير الداخلية الإيراني : "إذا امتلك الناس قمراً صناعيا فلن يفتحوا التلفزيون الإيراني أبدا"!.. فالسلطات في إيران تعلم أن نسبة مشاهدة التلفاز الحكومي ضئيلة، ومع هذا تمنع امتلاك أي قمر صناعي خارج سلطتها، ولو كانت الحكومة جادة في الإصلاح فعليها أن تمنح هذه القنوات للقطاع الخاص، بدل إنفاق المليارات عليها، رغم أنها لا تلقى أي رواج بين الناس.. ومن خلال خصخصة هذه القنوات، سيزول العبء الكبير عن الناس، وتنزاح عنهم الضرائب التي يدفعونها، كذلك يمتلك القطاع الخاص خبرة كبيرة في إدارة هذه الشؤون باحتراف كبير، وسيساهم هذا بإبعاد تدخلات رجال الدين والسلطات الأمنية عن الإذاعة والتلفزيون، ليواصلوا واجباتهم في أماكن عملهم فقط.. ومن الجدير ذكره؛ أن الجمهورية الإسلامية تملك ماكينة دعائية عملاقة للسياسة وتشكيل المزاج الشعبي العام، مثل: مؤسسة "أوج"، وكثير من وكالات الأنباء الرسمية "عسكرية وأمنية"، وآلاف المواقع الإخبارية الإلكترونية "منظمة الدعوة الإسلامية، منظمة الإعلام والاتصال".. 2 ■ معالجة عمالة الأطفال وجمعهم من الشوارع : لا يختلف أحد في إيران على هذه القضية، فبدل هدر مليارات الموازنة ومضايقة رجال الشرطة للنساء والشباب، عليهم أن يجمعوا الأطفال الذين يعملون في الشوارع وينبشون القمامة.. وعلى إدارة التعليم ألا تطرد الطلاب من المدارس "في الدول المتحضرة يرسل الطلاب المطرودين إلى مدارس خاصة لحالاتهم بعد طردهم"، بينما في إيران تترك الشرطة الأطفال المشردين في الشوارع تحت نظرها، وفي حال أمسكت بأحدهم فإنعا تحوله إلى عائلته، وإذا كان بلا عائلة تجد له مكانا مؤقتا ليبقى فيه، بوسع الشرطة أن تترك هذه المهمة لمؤسسات المجتمع المدني، وفي هذا خير للأطفال وحماية لهم، إلا أن الدولة لم تتقدم خطوة واحدة نحو هذا الإصلاح، أو انها وضعت رعاية الأطفال المشردين والمطرودين من عائلاتهم، في أهم أولوياتها، بدل رميهم في الشوارع.. 3 ■ ذهاب النساء إلى الملاعب والصالات الرياضية : ●● سعى أربعة رؤساء للدولة "هاشمي رفسنجاني، محمد خاتمي، محمود أحمدي نجاد، حسن روحاني" لتمهيد الطريق أمام المرأة الإيرانية للذهاب إلى الملاعب والصالات الرياضية، إلّا أنّهم لم ينجحوا في هذا المسعى، فقد تصدت فئة من رجال الدين في قم لهذه الجهود وحاربتها، ورأي هذه الفئة يغلب على رأي أكثر من 80 مليون إ.يراني يدعمون هذه الجهود ويريدون النساء في الملاعب. لو زالت هذه العقبة، لاشترت الإيرانيات ملايين التذاكر لحضور المباريات، ممّا سيعود بالنفع على الاقتصاد الإيراني المتراجع، ولأمضت الفتيات مع عائلاتهن أوقات الفراغ بسلامة وأمان، إلا أن هذه القرار، والإصرار على العمل به، ينبع من فتاوى المرجعيات الشيعية التي تضع النساء تحت الوصاية.. 4 ■ إيقاف تنفيذ حكم الإعدام في الشوارع العامة : ●● كان إعدام الإنسان في الأماكن العامة رائجا في الولاياتالمتحدة قبل 80 عاما، كان ينفذ حكم الإعدام في الشوارع العامة أمام حشد من الناس، وآخر تنفيذ للإعدام في أمريكا بهذه الصورة كان عام 1936، وفي فرنسا عام 1938، وفي بريطانيا عام 1868، إلا أنّ الإعدام في إيران قائم، ولا يختلف أحد على مساوئه، والقليل من الإيرانيين يقبلون بالإعدام العلني أمام الأطفال اليافعين.. إنهاء تنفيذ الإعدام العلني ليس مشكلة قانونية، ولا يكلف الدولة الكثير من المال؛ بل يقلل التكاليف، كذلك لا يسهم في زيادة الأمن المجتمعي، ورغم تنفيذ إيران الإعدام العلني دائما، إلا ان لم يقلل من نسبة الجريمة من خلال ردع الناس بالمشهد، وإذا كانت الجمهورية الإسلامية تستطيع الإصلاح فعليها أن تضع هذه الإعدامات العلنية في سلم إصلاحاتها، دون أن تستخدم مشاهدة الناس تنفيذ حكم الإعدام لترهيبهم بهذه الوسيلة البشعة.. 5 ■ التوقف عن دعم الطبقة المخملية ●● قبل، وبعد، المصادقة على دفع الدعم المالي للإيرانيين، يتفق علماء الاقتصاد والاجتماع في أنّ دعم الأثرياء أمر غير معقول؛ ماذا يريد صاحب محل الذهب أو المسؤول المرموق في الدولة، من خمسين أو مئة مليون تومان شهريا كدعم له؟!.. والتومان " أو الريال الإيراني يساوي 0,00023 دولار امريكي".. حاول مجلس النواب، وبعض مسؤولي الحكومة، أن يصلحوا هذا الخلل في مراحل سابقة، مثل تقليص الامتيازات والدعم الذي يحصل عليه رجال الدين وطبقة المسؤوليين المخملية إلّا أنّ الهكيل الإداري في الدولة وضع هذه الخطط الإصلاحية في آخر أولوياته، ومن الطبيعي أن الأشخاص الذين لا يعارضون هذا ويقبلونه، يطيب لهم لو ظل الحال كما هو عليه، وبهذا يضيع 1200 ترليون تومان إيراني سنوياً من الموازنة، ويأخذ ملف الدعم وحده 37.5 ألف مليار تومان من هدر الخزينة.. 6 ■ الرقابة عن الكتاب : ●● في الوقت الذي يستخدم 50 مليون إيراني شبكة الإنترنت وبوسعهم أن يتجاوزوا أي نظام حماية لتحميل الكتب الإلكترونية وبوسع الكتاب نشر مؤلفاتهم الكترونيا، تفرض الحكومة الدينية رقابتها على المؤلفات السياسية والاجتماعية والدينية وتمنع قرابة 200 إلى 500 مطبوعا من التداول.. من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، بوسع الأشخاص أن يقولوا ما يريدون ولا أحد يمنعهم، إلا أن آلاف الكتاب الإيرانيين يخضعون لرقابة الجمهورية الإسلامية لئلا يقول أحدهم ما يدور في ذهنه على صفحته الشخصية.. ●● لن يخلق إلغاء الرقابة على الكتب أي مشكلة اجتماعية أو سياسية في المشهد الإيراني اليوم ولن يؤثر حتى على السلطة الدينية، فلم يعد للكتاب أثره كما كان سابقا.. حتى أن أكثر مؤيدي النظام أبدوا رفضهم للرقابة على الكتاب ولم يخلق هذا الرفض أي أزمة في البلاد.. ●● يقول الواقع السياسي في إيران.. إن مثل هذه الإصلاحات لن تتحقق، بالكاد نرى القليل من الإصلاحات في بعض المجالات مثل تعديل طفيف على قانون المخدرات لإلغاء تنفيذ حكم الإعدام العلني، وكلها إصلاحات تتخذ لإلهاء الناس وليست بنية الإصلاح الحقيقي.. إصلاح تراه دائما في إيران.. إلا أنه لتوطيد تدين الدولة وتغلغل دورها في كل المجالات ولطمس أي تنوع ثقافي واجتماعي.. ●● وعلى الذين يصدقون نية وخطوات الجمهورية الإسلامية نحو الإصلاح عليهم أن يجيبوا - إذا استطاعوا - عن سؤال: "لماذا لا يتم الإصلاح في المجالات المذكورة أعلّاه"؟!.. فالإصلاح لا يتم بينما يتواجد رجال دين في السلطة.. ●● "الإصلاح في الجمهورية الإسلامية".. أمر مستحيل لأن الطرق القانونية للإصلاح مسدودة.. بوجود "المرشد الأعلى" و"مجلس خبراء القيادة" و"نظام الانتخابات"، كذلك لا توجد وسائل تنقل للعالم الآخر ما يحدث - قيود على الإعلام، والتعبير، وتشكيل التيارات والجماعات -.. كيف سيأتي الإصلاح دون قنوات تسمح له بالوصول ليتخذ صيغة مطلوبة وتتبدل به السياسات والقوانين؟!.. الخلاصة..... لا أحد يخطو الخطوة الثانية نحو الإصلاح في حين مشكلته التي لا يراها او يتغافل عنها تكمن في اتخاذ الخطوة الأولى!..