التطورات الأخيرة فى القضية الفلسطينية ومنع إسرائيل وصول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة إلى جانب منع المياه وقطع الكهرباء لم تكن هى السبب الأول والأساسى لانعقاد القمة العربية الطارئة بالعاصمة الإدارية أول أمس الثلاثاء 4 مارس، فقد عقدت القمة بناء على طلب من دولة فلسطين وبعد التنسيق مع مملكة البحرين الرئيس الحالى للقمة العربية والأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وجاءت وسط تنديد إقليمى وعالمى واسع النطاق لاقتراح الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للسيطرة على قطاع غزة وإنشاء ما وصفها ب « ريفييرا الشرق الأوسط « بالقطاع بعد إعادة توطين الفلسطينيين فى أماكن أخرى !! وكان انعقاد القمة العربية بالعاصمة الإدارية الجديدة برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسى وبمشاركة واسعة لزعماء ورؤساء مختلف الدول العربية لوضع تصور موحد حول مستقبل قطاع غزة وخطة إعادة إعمار القطاع وتأكيد رفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم وأن إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 هو السبيل الوحيد لاستقرار المنطقة وإحلال السلام .. وتأتى القمة فى إطار الجهود الدبلوماسية المصرية المكثفة ولقاءات الرئيس عبد الفتاح السيسى مع مفوضية الاتحاد الأوروبى لشئون المتوسط واتصالاته الهاتفية مع كيرستارمر رئيس الوزراء البريطانى و جورجيا ميلونى رئيسة وزراء إيطاليا والاتفاق على دعم جهود مصر لتحقيق استقرار المنطقة وضرورة بدء إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين .. ونفس الشيء من عدد كبير آخر من زعماء وقادة دول العالم .. وذلك لتعزيز الجهود الإقليمية والدولية وبلورة موقف موحد ضد تصفية القضية الفلسطينية. تمحورت القمة التى شهدت مشاركة واسعة من القادة العرب على تبنى مشروع بديل لمخطط التهجير يتسم بأكبر مساحة من الأبعاد العملية والعقلانية والتخطيطية عبر مراحل محددة يقوم على التعافى المبكر وإعادة الإعمار فى غزة مع بقاء الفلسطينيين على أرضهم وهو شيء يحظى بدعم عربى وإقليمى كبير ومن المقرر أن تستضيف القاهرة فى الشهر القادم مؤتمرا للدول المانحة لمشروع إعادة الإعمار الذى أعدته مصر ووافق عليه مؤتمر القمة على أن تكون فترة تنفيذ هذا المشروع تتراوح ما بين ثلاث أو خمس سنوات تتضمن ثلاث مراحل تركز الأولى على ما يسمى بمرحلة الإنعاش المبكر وتستمر ستة أشهر لإزالة الركام وتوفير منازل متنقلة للسكان مع استمرار تدفق المساعدات الإنسانية وبقاء السكان فى أراضيهم ، وإن كان قد يتم نقل مجموعات من منطقة لأخرى حتى يتسنى توافر المساكن الملائمة .. ويبدأ فى المرحلة التالية الإعداد لانطلاق المسار السياسى لتنفيذ حل الدولتين فى إطار بيئة سياسية إقليمية ودولية لإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية ، وهى الدولة المرفوضة من القوة القائمة بالاحتلال سواء على مستوى حكومة اليمين المتطرف أو على مستوى الكنيست الذى أصدر تشريعات تجرم إنشاء هذه الدولة . وكانت الاجتماعات العربية التى عقدت قبل القمة سواء التشاورى الذى عقد بالرياض بمشاركة مصر والأردن وقادة دول مجلس التعاون الخليجى والذى عقده وزراء الخارجية العرب عصر الاثنين 3 مارس بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية وفرت البيئة السياسية لبلورة كل متطلبات إنجاح مشروع إعادة إعمار غزة ورفض التهجير بعد إقراره من القادة العرب أول أمس الثلاثاء. وشهد مؤتمر القمة العربى عددا من الشخصيات العالمية المؤثرة مثل أنطونيو جوتيريش سكرتير عام الأممالمتحدة وأنطونيو كوستا رئيس المجلس الأوروبى وحسين إبراهيم طه أمين عام منطقة التعاون الإسلامى وجواو لورنسو رئيس أنجولا ورئيس الاتحاد الإفريقى لهذه الدورة .. وكان موقفهم واضحا إلى جانب الحق الفلسطينى .. وفى نفس الوقت أعلنت حركة حماس ترحيبها بخطة الإعمار المصرية وإجراء انتخابات فلسطينية وبالبيان الختامى للمؤتمر .. وتشكيل لجنة تكنوقراط لإدارة قطاع غزة.