فى نفس اليوم الذى كانت إسرائيل تكشف فيه عن وجهها الأقبح ككيان عنصرى نازي، وهى تعلن حرب التجويع ومنع دخول الغذاء والدواء وربما الماء والكهرباء إلى غزة.. كان العالم كله يشهد احتفالا رائعا بانتصار الإنسانية لفلسطين وللعدل والحرية. وكان حفل اعلان جوائز الأوسكار يسجل للتاريخ وللانسانية فوز فيلم «لا أرض أخرى» الذى يصور نضال شعب فلسطين ضد التمييز العنصرى والتهجير القسرى للفلسطينيين بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقى طويل. الفيلم الذى تعاون فى اخراجه وقام ببطولته مبدعون فلسطينيون وإسرائيليون، تم الانتهاء منه قبل اندلاع حرب الإبادة على غزة، فى تأكيد جديد على أن القصة لم تبدأ فى 7 أكتوبر كما تروج إسرائيل، وأن التهجير القسرى مكون أساسى فى عقيدة الصهيونية النازية، وأن التمييز العنصرى سياسة ثابتة للكيان الصهيوني، وأن ما يعانيه الفلسطينيون فى ظل الاحتلال هو جريمة لابد أن تتوقف، وأن هناك شعبا فلسطينيا صامدا رغم الإرهاب لأنها أرضه، ولأنه «لا أرض أخري» يمكن أن تكون وطنه إلا فلسطين. هذا «أوسكار»، تاريخى يأتى فى موعده، ليعلن انتصار الإنسانية لنفسها وللحق والجمال والعدل وكل القيم النبيلة التى لا تعرفها النازية الصهيونية ومن يدعمونها. كان نتنياهو يعلن حصار الجوع على الفلسطينيين فى غزة، ويؤكد عودته لحرب الإبادة بدعم أمريكي. وكان الجيش الإسرائيلى يعلن عن إعداد مخططات الاقتراح الأمريكى للتهجير فى غزة، ويواصل تدمير المنازل والمخيمات فى الضفة .. بينما كان المبدعون الفلسطينيون والإسرائيليون يخاطبون العالم من منصة احتفال الأوسكار مطالبين بوقف الظلم والتطهير العرقى ضد شعب فلسطين. وكان وزير ثقافة نتنياهو يغرد بأنها لحظة حزينة لعالم السينما، بينما العالم كله يحتفل بإحدى أروع اللحظات للفن والحرية.. ومن قلب أمريكا الأخرى التى تحتفى بالإبداع وترفض الابتزاز السياسى الذى يريد أن يمنع كل إبداع حر وكل دعوة للعدل والمساواة لأنها تكشف حقيقة الصهيونية النازية وتسقط كل الأقنعة الزائفة ليظهر وجهها القبيح!! العالم يتغير، والوجه الحقيقى للكيان الصهيونى يظهر للجميع بكل عنصريته وجرائمه ضد الإنسانية. قبل سنوات لم يكن ممكنا أن يجد فيلم مثل «لا أرض أخري»، أى فرصة للمشاركة فى الأوسكار.. الآن يفوز بها، وفى لحظة فارقة فى تاريخ الصراع مع الكيان الصهيوني. الابداع ينتصر للإنسانية، والإنسانية تنتصر لنفسها وللحق والعدالة والحرية.. ولفلسطين التى لن تكون إلا للفلسطينيين وطنا ودولة وشعبا سيظل للأبد على يقين بأنه «لا أرض أخري»!!