صدمة بلا شك؛ عندما تسمع عن زوجين كل منهما ناجح فى مجال عمله وعلى درجة كبيرة من الوعي والتعليم وفى مستوى مهني واجتماعي مرتفع للغاية، ثم فجأة يتهم الزوج بقتل زوجته، بعد أن صارت القسوة والتعذيب هي لغة حوار، ومن ينظر إليهما من بعيد يعتقد أن التفاهم والرقي فى التعامل سبب انهما ينعمان بحياة زوجية هادئة مستقرة، ودون مقدمات نجد أنفسنا نقف أمام أغرب حادثة وأصعب زواج تحول سكونه ومودته ورحمته، إلى زنزانة منفردة من التعذيب والتنكيل بامرأة شابه لا حول لها ولا قوة، حتى وصل بها الامر أنها فارقت الحياة تاركة وراءها لغزًا كبيرًا فى سبب وفاتها، هل ماتت منتحرة كما يدعي زوجها، أم قتلها دون رحمة أو إنسانية منه؟!، فالقتل المعنوي أكثر بشاعة من ارتكاب جريمة قتل. زوجان مصريان يعيشان فى الاردن بسبب عمل الزوج هناك، الزوج «كريم خالد» طبقا لتقارير بعض المنظمات الحقوقية يعمل كمستشار فى هيئات دولية معنية بقضايا مناهضة العنف ضد النساء، كما انه كان مديرًا لبرنامج الشباب والابتكار فى المعهد العالمي للمياه والبيئة والصحة في سويسرا وعمل كباحث ومحاضر فى عدة جامعات مصرية وعربية، ورغم كل ذلك إلا أنه كان قد سبق له الزواج من قبل بامرأتين أجنبيتين (روسية وبوسنية)، هربتا منه من قبل بسبب سلوكه العنيف معهما، لتكون آية الزوجة الثالثة فى سلسلة العنف الأسري له، رغم انه كان أولى به أن يعامل أهل بيته بما يمتهنه من عمل فى هيئات لمناهضة العنف ضد النساء. أما عن الزوجة «آية عادل» 28 سنة، فهي فنانة تشكيلية ناجحة رسمت مئات اللوحات وباعتها حول العالم، وقد رزقهما الله بطفلين الاكبر أصيب من صغره بكهرباء زائدة على المخ وكان يحتاج إلى الكثير من الرعاية والعلاج، أما الآخر فهو رضيع لا تتعدى سنواته فى الحياة عن العام والنصف، لكن يبدو أن الدنيا كتبت لهما منعطفًا آخر، بعد أن راحت الام «آية»، التى اهتزت لها مواقع التواصل الاجتماعى واشتعلت لها غضبًا في الايام القليلة الماضية، بعد أن انتشرت الاخبار عن سقوطها من شرفة بيتها بالدور السابع في منطقة لواء الرصيفة شمال شرق العاصمة عمانبالأردن، واتهم زوجها «كريم» بقتلها وإلقائها من الشرفة، وطالب رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالقصاص العادل للزوجة البريئة. تقرير الصفة التشريحية عقارب الساعة تشير إلى الثانية ظهرًا في يوم الجمعة 14 فبراير، كانت صدمة قاطنى العقار السكنى بالبناية التى تعيش بها الزوجة «آية» بصحبة زوجها وطفليها، عندما استمعوا إلى صوت ارتطام قوى فى الشارع، واسرعوا لمعرفة السبب وراء الصوت ليفاجأوا بجارتهم الشابة سقطت من شرفتها بالدور السابع وغارقة فى دمائها وقد فارقت الحياة، ليدعى زوجها كريم انها انتحرت بسبب أزمة نفسية ناتجة عن ضغوط الحياة والخلافات الزوجية بينهما، وأعلن الزوج عبر حسابه علي «الفيسبوك» عن حزنه لفراق زوجته ناعيًا اياها قائلا «انا لله وانا اليه راجعون، توفيت إلى رحمة الله زوجتي وأم أولادي آية عادل إثر حادث مروع. ربنا يرحمها ويغفر لها ويجعل مثواها الجنة ويصبرنا ويصبر أبنائنا»، لكن أسرة آية وأصدقائها شككوا فى كلام الزوج، خاصة انه لم يتصل بهم ليخبرهم بوفاة ابنتهم بل علموا من خلال جيرانها، الذين اتصلوا بأسرتها لإبلاغهم بوفاتها. وأكد الجيران على انهم كانوا يسمعون باستمرار صوت استغاثتها وضربها بالحديد وعندما يحاولون التدخل لإنقاذها يطلب منهم زوجها عدم التدخل نهائيًا، وتمكنت اسرتها من الحصول على تقرير الطب الشرعى الذي كشف عن إصابتها اصابات بالغة قبل واقعة سقوطها؛ وهى جرح فى الجبهة وكسر فى الجمجمة وكدمات بالفخذ والساق تشير إلى الضرب بآلة حادة صلبة، بالطبع بجانب تاريخه الاسرى من عنف ضد زوجتيه السابقتين، أثار شكوك اسرتها بقوة ضد زوجها، مما دفعهم للتقدم بالقضية التى حملت رقم 537/2025 إدارى البحث الجنائي فى الأردن. ضرب وتعذيب ومن خلال اتصالنا بشقيقة المجني عليها أسماء عادل قالت لنا بدموع باكية وأسى: آية.. إنسانة رقيقة، فنانة تشكيلية، تحب الحياة ومشهورة بلوحاتها ولها عملها الخاص بها فى الاردن بجانب قوة ايمانها وتدينها وعملها الخيري وتطوعها فى اكثر من جمعية خيرية وسيرتها الطيبة بين الناس، فكيف تفكر فى الانتحار؟، بالعكس لم تفكر سوى فى الحياة بهدوء وسلام مع اولادها لانها كانت شخص مسالم بطبعها. وتستطرد شقيقتها اسماء قائلة: من قرابة شهر بالتحديد فى 1/1/2025 أرسلت لي عبر وسائل التواصل الاجتماعي صورًا لآثار تعذيب لها وضربها بقطعة حديد من زوجها، وكانت فى حالة انهيار وأكدت أنها تريد الانفصال عنه بالطلاق بسبب الخلافات المتزايدة بينهما، وهي بالفعل جاءت إلى مصر بعد أن طلبت الطلاق من زوجها بشكل رسمي واتفقت مع امي على الطلاق من زوجها لانها ظلمت معه كثيرا، وتحملت وصبرت من أجل اولادها الصغار، وهم طفلين الاكبر مريض بكهرباء على المخ والصغير عمره لا يتعدى العام والنصف، وكانت تضطر لتحمل زوجها بسبب ابنها الكبير عمره (7سنوات) لانه أجرى اكثر من عملية جراحية بسبب أن المريء مقفول دائما، لذلك تحملت مشكلاتها مع زوجها لانها كانت تحتاج الى زوجها كي ينفق على علاج ابنها. الأبشع أن شقيقتي رحمها الله تحملت خيانة زوجها لها لانه كان متعدد النزوات، حتى انه اشترى شقة أخرى بجانب شقة الزوجية ليقضي فيها نزواته وعلاقاته، ولم تقبل خيانته وزواجه بغيرها، لذلك طلبت من امي الاتفاق معه على الطلاق وأكدت انها لا تريد استكمال حياتها معه، خاصة بعد إصرار امي أيضا على طلاقها بعد علمها بأنه ضربها بقطعة حديد وكان جسدها كله أزرق اللون، وبالفعل اتفقت امي معه على المؤخر وعلى كل متطلبات الطلاق، بعدها اشترت شقيقتي «آيه» شقة فى الاسكندرية بالقرب من والدتى مريضة القلب والتى تعيش مع شقيقنا الاصغر مريض هو الآخر بالقلب. وعن سبب عودة «آية» مرة اخرى إلى الاردن قبل اتمام الطلاق قالت شقيقتها «أسماء»:لانها كانت رسامة ولها عملها الخاص هناك، فقد أخبرت والدتي بعد الاتفاق مع زوجها على الطلاق بأنها سوف تعود مع لوحاتها وأشيائها الخاصة بها من الاردن، خاصة ان لم يكن الطلاق الرسمي وقع، فقررت إنهاء عملها هناك ثم العودة لمصر للاتفاق مع محامي لإنهاء كل إجراءات الطلاق، بعدها تعيش مع اولادها وامي وشقيقى فى حياة هادئة. لكن بعد عودتها بأسبوع وبعد صلاة الجمعه، فوجئت باتصال من جيرانها يقولون لي «ان لله وان اليه راجعون»، لم أصدق منذ الوهله الاولى لاني كنت اتحدث إلى شقيقتى «آية» في الليلة السابقة لها عند الساعه 11 ونصف مساء، كانت تضحك وفى قمة سعادتها لانها انتهت من رسم لوحات لها كانت قد اتفقت عليها وسوف تسلمها وتنهي عملها وكل أوراقها في الوقت الذي كانت شقتها في الإسكندرية التى اشترتها بجانب امي قاب قوسين أو ادنى من توضيبها، ثم تعود على الفور للحياة والاستقرار فى مصر. وعندما تواصلنا مع محامي الأسرة فى الاردن أكد والكلام على لسان شقيقتها؛ أن تقرير الطب الشرعي أثبت انها تعرضت للضرب العنيف جدا قبل الواقعة، وحتى الجيران بعد الواقعة طلعوا لبيتها، لإنقاذ ابنائها الصغار خاصة أن لها ابنا رضيعا عمره سنه ونصف فقط، ووجدوا انها كانت تعيش يومها عادى مثل أى زوجة وتقوم باعداد الطعام حتى أن حلة «الضغط» الخاصة بالطبخ كانت على النار، والبصل قطعته، أي أنها لم تكن تنوي الانتحار او اي شيء مما يدعيه زوجها، بل أخبرني جيرانها انهم رأوا زوجها بعد الواقعة نزل إلى الشارع وهو يحمل بطانية او شيء يشبه الكفن متوجها نحو جثة شقيقتى الملقاه فى الشارع، وكان بارد المشاعر جدا لدرجة أن الشك أصابهم بأنه السبب فى الحادث، وكما أكد جيرانها فى الاردن، انهم دائما يسمعون صوت تعذيب وصراخ واستغاثة، وارتطام لآلة حادة مثل حديد وهو يضرب بها فى الارض، وهو الآن يتم التحقيق معه والجيران يريدون الشهادة بما كانوا يسمعونه من ضرب وتعذيب. وأنهت «أسماء» كلامها بدموع عينيها وهى تقول: شقيقتى «آية» هادئة الطباع ومحبة للحياة ومتدينة، وكانت السعادة تملؤها فى هذا اليوم بالتحديد ودائمة الحمد تردد قبلها بليلة واحدة معى في الهاتف (الحمد لله اشتريت اخيرا شقة بجانب أمي وهرجع اعيش فيها فى هدوء وراحة وسلام مع اولادى بجانب أمي)، وتحدثت الينا جميعا انا وامي وحتى شقيقتنا الصغرى، وعبرت للجميع عن سعادتها بسبب عودتها للحياة معنا والتخلص من حياتها مع زوجها لانه كان دائم التعذيب لها وضربها، ولا يمكن أن تفكر في الانتحار أو تتل نفسها كما يدعى زوجها، ونحن حتى اللحظة فى صدمة كبيرة لا نصدقها، لقد توفى والدى ونحن صغار فى السن وليس لنا أحد فى هذه الدنيا حتى يقف معنا، لكن فى انتظار العدالة للقصاص من اجل حياة شقيقتى الزوجة المقهورة المعذبة. اتهام بالجنون وفي سياق متصل أكد المحامى الاردنى جمال سالم القضاة محامى أسرة «آية عادل»: أن الزوج سواء أخلى سبيله او لم يخل سبيله فلا علاقة هذا الامر بالقتل، لان موقف الزوج فى الوقت الحالى أنه انكر قيامه بإلقاء زوجته من الشرفة حتى أنه انكر أنه كان متواجدًا بالغرفة التى كانت بها زوجته من الاساس بل زعم وجوده بالغرفة الثانية مع الاولاد، وتم توقيفه بتهمة الإيذاء الآن، لانه حتى اللحظة لم يسلم تقرير الخبرة الفنية للمدعى العام لاتهامه بشكل رسمي بجناية القتل، لذلك تم توقيفه لتهمة الايذاء وهى التهمة التى اعترف بها بنفسه، واذا تم إخلاء سبيله بكفاله فذلك بتهمة الايذاء فحسب. كما أكد المحامى فى تصريحات له؛ أن موقف المتهم «كريم» من زوجته أنه يتهمها بالجنون مع الاسف وبشهادة الجيران أنه عندما شاهد الجثة نظر اليها ببرود وكانت مشاعره سلبية وراح يقول لجارتهم الطبيبة ان زوجته مجنونة! المجلس القومي اتصلنا بالكاتبة نشوى الحوفي عضو المجلس القومي للمرأة وسؤالها عن الواقعة وإذا كانت اسرة «آيه عادل» لجأت للمجلس من عدمه، قالت ل»اخبار الحوادث»:بداية مهما أصدرنا من تشريعات وقوانين لتجريم العنف ضد المرأة، بينما بعض المشايخ ورجال الدين لايزالوا يخرجون علينا بزعم أن ضرب المرأة موجود فى الدين، لن نستطيع القضاء على ظاهرة العنف ضد المرأة ومنها العنف الاسري. وظاهرة العنف ضد المرأة موجودة في كل أنحاء العالم، لكنها بنسب مختلفة باختلاف ثقافة الافراد، وسبب اختلافها لدينا وتزايدها بسبب بعض المشايخ السلفيين الذين يقرنون ضرب المرأة بأنه موجود ومذكور فى القرآن، لكن الحقيقة ان الله لا يأمر بضرب النساء، ولم يثبت عن الرسول الكريم أنه ضرب امرأة ولا جار له، بل قال فى حديثه المؤكد؛ «لا أكرمهن إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم»، وهذا هو اول سبب لوجود مشكلة العنف الاسرى. والسبب الثاني مع الأسف البالغ لدينا أزمة كبيرة مع الناس وطريقة التفكير في الزواج، كل تفكير الاسرة «أستر البنت» و»أفرح بيها»، والسؤال هل حضرتك سألت نفسك من هو العريس الذي سوف تعطيه لبنتك»، يعني الزوج في الواقعة هنا كان متزوج من قبل بزوجتين كان على أسرتها أن تسأل نفسها عن سبب طلاقه فى المرتين، وما هو سر فشل زواجه فى الزيجتين السابقتين، ممكن اتقبل فكرة انه فشل فى زواجه مرة وأبرر «محصلش نصيب» أما الثانية، هنا الاهل ملومين في الحقيقة. وأيضا هناك سبب للعنف ضد المرأة يقع على تفكير الفتيات اليوم، كيف تمكنتي من الصمت 7 سنوات وهو يضربك ويهينك ويعذبك بهذا الشكل، فلا يوجد مبرر تتحملى هذه الاهانة، والحقيقة أن الازمة فى هذه القضية إن ثبت بالفعل أنه قتلها، لاننا حتى اللحظة لم نتأكد بعد أن كان قاتل ام لا، لان القانون والتحقيقات لم تثبت تهمة القتل نحوه وبدورنا كمجلس نتابع التحقيقات، لكن نتحدث الآن عن موقف وحياة انسانة مسكينة انتهت بهذا الشكل المؤلم، المسئولية هنا مشتركة بين الجميع. كنت فى ورشة عمل لتدريب الوعاظ وخطباء المساجد عن تقويم فكرة العنف، وليتخيل عقل انى كنت اتحدث اليهم بالقرآن والاحاديث الشريفة؛ ففوجئت بأحدهم يقول «لو قلنا الكلام ده هيدلعوا»، فأجبته هناك توازن لابد أن تعلمها الام يعني ايه احترام زوج واحترام بيت، لذلك المجتمع الذي يسكت على فكرة أن الدين أمر بضرب النساء، مجتمع يحتاج إلى صياغة تفكيره مرة أخرى، لاننا مهما أصدرنا قوانين لتجريم العنف ونجد من يقف من المشايخ يقول بإن هذا حلال وده حقي إذا ما الجدوى من القوانين وكلامنا؟! تتابع الكاتبة نشوى الحوفى عضو المجلس القومي للمرأة قائلة: وقد علمت أن الزوج المتهم كان يعمل فى منظمة لمناهضة العنف ضد المرأة وحقوق الانسان، وفى الحقيقة أن هذا الزوج أكذوبة ولابد ان يتم كشفه هو ومن على شاكلته، طوال الوقت يتحدث عن حقوق الانسان وهو لا يعرف كيف يحافظ على حقوق أقرب إنسانة له بل والمسئول عنها وعن حمايتها. وحتى اللحظة الحالية لازالت التحقيقات قائمة وفى انتظار النتيجة، وعائلة الزوجة لم تلجأ الى المجلس القومي للمرأة حتى الآن، واعتقد انها لن تلجأ إلى المجلس لانها سوف تنتظر نتائج التحقيق النهائي، أما اتهامه أو أنه لم يقتلها وانها هى التي ألقت بنفسها من الشرفة بسبب تعرضها لعنف شديد، مع العلم أن تقرير الطب الشرعى أثبت أن هناك آثار تعذيب بآلة حادة وانه اعترف بتعذيبها، سوف يعرضه هذا للمساءلة حتى لو لم يكن قتلها، لانها من الممكن تكون كانت بتجرى خوفًا منه لانه كان يتعدى عليها بالضرب المبرح فاختل توازنها وسقطت، وفى كل الحالات يقع على الزوج مسئولية ما وقع للزوجة سواء بطريق مباشر أو غير مباشر، لذا نحن لدينا الكثير من التصورات والتحقيقات هي التي سوف تحسمها. والمجلس القومى للمرأة يتابع نتائح التحقيقات بجانب الدور التوعوى والتنويرى المستمر للتنديد بالعنف ضد المرأة، ولابد أن يكون للاعلام دور ايضًا في التوعية والتنوير الفكري لمناهضة كل اشكال العنف ضد المرأة، لكن القصة تبدأ دائمًا من جانب المشايخ ورجال الدين وهنا لابد أن يكون للأزهر وقفة وكذلك المشايخ الوسطيين دور في أن يفهموا الناس الدين الصحيح. اقرأ أيضا: أشكال العنف الإلكتروني ضد النساء والفتيات| انفوجراف