في قلب القاهرة الفاطمية، حيث يمتزج عبق التاريخ بروح الحاضر، يقف خان الخليلي شاهدًا على قرون من التجارة والفنون والثقافة، يُعد هذا السوق الأشهر في القاهرة، حيث يضم بين أزقته وطرقه الضيقة أعرق الحرفيين والتجار الذين يعرضون المصوغات العربية الدقيقة والتحف النادرة. اقرأ أيضًا| فوانيس رمضان تضيء شوارع مصر بعبق التاريخ وروحانية الشهر الفضيل وعلى الرغم من أن الاسم يعود إلى الأمير جهاركس الخليلي، فإن معالمه الحالية ترجع إلى عهد السلطان قانصوه الغوري، الذي أعاد بناءه في أوائل القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي)، مضيفًا عليه طابعًا عمرانيًا جديدًا يتناسب مع روح العصر، وبينما تصدح الحكايات عن تاريخ المكان، يظل خان الخليلي أحد أبرز معالم القاهرة التراثية التي تجذب السياح والزائرين من كل مكان. اقرأ أيضًا| a href="https://akhbarelyom.com/news/newdetails/4539571/1/%D8%A3%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B3%D8%AC%D8%AF-%D9%88%D9%85%D8%AF%D8%B1%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1-%D8%A8%D8%B1%D9%82%D9%88%D9%82-%D8%AA%D8%AD%D9%81" title="أصل الحكاية| "مسجد ومدرسة الظاهر برقوق" تحفة معمارية تروي عبق التاريخ"أصل الحكاية| "مسجد ومدرسة الظاهر برقوق" تحفة معمارية تروي عبق التاريخ أصل التسمية وتاريخ الإنشاء: يرجع اسم "خان الخليلي" إلى الأمير جهاركس الخليلي، أحد كبار أمراء السلطان الظاهر برقوق، والذي أنشأ هذا السوق مكان تربة الزعفران، التي كانت تضم مقابر الخلفاء الفاطميين، وفقًا لما ذكره المؤرخ المقريزي، قام الخليلي بإزالة رفات الفاطميين وإلقائها في تلال البرقية، مما اعتُبر حينها تصرفًا مثيرًا للجدل، وقد لقي الخليلي نهاية مأساوية حيث قُتل في إحدى المعارك، وترك جسده على الأرض دون كفن، مما اعتبره المؤرخون عقوبة إلهية. إعادة بناء الخان في عهد السلطان الغوري: في عام 917ه (1511م)، قام السلطان قانصوه الغوري بهدم ما تبقى من خان الخليلي القديم وأعاد بناءه بأسلوب معماري جديد، حيث أنشأ وكالات تجارية وربوعًا وحوانيت تتوزع حول أزقة ضيقة وساحات داخلية، كما أضاف للخان ثلاث بوابات ضخمة، اثنتان منها متقابلتان، والثالثة في الجهة الغربية للطريق الممتد من المشهد الحسيني إلى داخل سوق خان الخليلي. ولا تزال النقوش الكتابية محفوظة على البوابة الرئيسية، حيث نُقش عليها: "أمر بإنشاء هذا المكان المبارك السلطان الملك الأشرف أبو النصر قانصوه الغوري عز نصره." خان الخليلي اليوم – مزيج من التاريخ والحرف التقليدية: على مر العصور، تحول خان الخليلي من مركز تجاري رئيسي إلى أحد أشهر الأسواق التراثية في العالم، حيث يعرض التجار منتجاتهم اليدوية التي تعكس أصالة الفنون المصرية. ومن بين أشهر الحرف التي تُمارس في خان الخليلي: صناعة المصوغات الذهبية والفضية نقش النحاس والزخارف الإسلامية التحف الفرعونية والمشغولات التراثية صناعة العطور والبخور الشرقية حرف الخط العربي والنقش على الخشب: ويجذب خان الخليلي اليوم آلاف السياح الذين يأتون لاكتشاف هذا السوق التاريخي، والتمتع بأجوائه الشرقية، وزيارة المقاهي التقليدية مثل مقهى الفيشاوي الذي يعود تاريخه إلى أكثر من 200 عام. الأهمية التاريخية والثقافية لخان الخليلي: لم يكن خان الخليلي مجرد سوق، بل كان مركزًا تجاريًا وثقافيًا مهمًا عبر العصور، فقد شهد لقاءات أدبية وحكايات من التاريخ، حيث كان مقصدًا للفنانين والمثقفين الذين استلهموا من أجوائه الفريدة أعمالًا خالدة، كما أنه لا يزال يحافظ على طابعه الفاطمي والمملوكي، مما يجعله واحدًا من أهم المعالم الأثرية الحية في القاهرة القديمة. يظل خان الخليلي علامة بارزة في تاريخ القاهرة، حيث يجسد التقاء الماضي بالحاضر في أزقة تنبض بالحياة والتاريخ، وبينما يتوافد الزوار يوميًا إلى هذا المكان العريق، يظل سحر خان الخليلي قائمًا، يحمل في طياته قصصًا عن الأمراء والملوك والتجار والفنانين الذين صنعوا جزءًا من تاريخ مصر الممتد عبر الزمن.