طفلة لم تعش سوى تسع سنوات، قُدر لها أن تقتل على يد شخص، لا يعرف للرحمة اسمًا ولا للشفقة معنى، فكانت النهاية لطفلة لم تخط خطوات البداية.. خرجت بردائها الأبيض وضفائرها المنسدلة على ظهرها وجسدها النحيل، خرجت تتمايل يمنة ويسرة وكأنها في نزهة، تألف أعين الناس فهم الأهل والجيران، مطمئنة، لم تعلم أن هناك عينًا غادرة ترصدها، ويدا تبغى البطش بها، وقلبا كالحجارة ينوى النيل منها، فسنة الحياة أن نجد فيها الخير والشر معًا، ولا يمكن أن نجد كل القلوب على طيبتها، خرجت ولم تعلم أن النهاية اقتربت؛ فكانت النهاية أن عُثر على جسدها الطاهر داخل جوال ملقى في أرض زراعية بعد 4 أيام من اختفائها.. ماذا حدث للطفلة رضوى ابنة محافظة البحيرة، ومن قتلها ولماذا؟ وكيف كانت النهاية بالقاتل.. تفاصيل مثيرة ومأساوية تسردها السطور التالية. رضوى علي، طفلة تبلغ من العمر 9 سنوات، ملامحها في غاية الجمال، كأنها وردة جميلة، ذات شعر أسود داكن، رغم صغر سنها لكن عقلها كان كبيرا، لذا كانت سندًا لأسرتها وعكازًا لوالدها المريض، تلمس البراءة في كل حركاتها وتملأ نظراتها الفرحة، تسكن رضوى مع أسرتها في بيت ريفي بسيط بقرية كفر سلامون، في مركز كوم حمادة التابع لمحافظة البحيرة. وفي يوم من الأيام خرجت الطفلة الصغيرة ذات التسع سنوات لشراء أدوية لوالدها من الصيدلية، وبينما كانت تجري هنا وهناك كالفراشة الجميلة، ظهر الشيطان شخص يسير بخطوات مثقلة بالشوارع، يراقب بعينيه الضيقتين، يبحث عن ضحيته معتقدًا بأنه سوف يفلت من عقاب السماء، هذا الشخص يدعى محمد، في منتصف العشرينيات من العمر، سائق توك توك، إلى أن وقع اختياره على تلك الطفلة الجميلة، سيطر عليه شيطان عقله، لينفذ جريمته البشعة! نجح في استدراجها من عالمها الصغير، بحجة إعطائها شيء لوالدتها، ذهبت معه الطفلة بحسن نية، فهو جارهم، وتعرفه جيدا، صعدت معه البيت، وبكل قسوة وبعد أن تجرد من آدميته، حاول لمس أجزاء حساسة من جسدها، لكنها قاومت وعندما بدأت في الصراخ، خاف من افتضاح عمره فقتلها، ولم يتراجع عن فعلته أو تهتز مشاعره لحرمة الميت، وبكل وحشية اغتصبها، نعم وكما تقول الأوراق اغتصبها وهي جثة، وعندما أشبع رغبته الحيوانية، جلس بجوارها يفكر في كيفية إخفاء جريمته التي انتهك بها كل الأعراف الإنسانية والأخلاقية، إلى أن هداه شيطانه إلى خطة جهنمية ليتخلص منها حتى لا ينكشف أمره، وضعها داخل جوال، وتركها ثم نزل يمارس عمله كأنه لم يرتكب أي جرم. اقرأ أيضا: السجن 3 سنوات لنائب رئيس جامعة دمنهور السابق و2 آخرين في «قضية الرشوة» البحث عن رضوى غابت شمس السماء على استحياء وكأنها تنعي تلك الطفلة الجميلة التي راحت ضحية ذئب تمثل في هيئة إنسان. وهناك سمع أن أهلها يبحثون عنها منذ عدة ساعات، فتظاهر بتعاطفه معهم، وهداه ذكاؤه إلى مشاركة أهلها البحث عنها، دون أن يشعر بتأنيب الضمير.. رسم الحزن خيوطه داخل منزل أسرة رضوى، ووصل القلق أقصى درجاته، فباءت محاولاتهم في البحث عنها بالفشل، يبحثون عنها في كل مكان وهي مقتولة بالقرب منهم.. وأن الشخص الذي يبحث معهم ويساندهم هو من قتلها بكل خسة وندالة. كان أمام فريق البحث الجنائي مهمة صعبة، عقب استمرار غياب الطفلة لأربعة أيام، وفي ظل التحريات التي أكدت عدم وجود سابقة عداوة بين والدها وأحد، كذلك انحدارها من أسرة بسيطة وغير ثرية لتثير مطامع الخاطفين، وازدادت الأمور صعوبة بعد مراجعة كاميرات المراقبة المتاحة وعدم كشفها عن شيء. لكن رجال المباحث يواصلون الليل بالنهار لكشف لغز اختفاء الطفلة رضوى..، في اليوم الخامس وأثناء ذهاب مزارع من القرية إلى أرضه شاهد جوالا على جانب الطريق يخرج منه شعر آدمي، وبفتحه فوجئ بجثة الطفلة المختفية، ليتأكد مقتلها بفعل فاعل.. وخلال عملية استجواب الجيران انتاب الضباط الشك في أحد الأهالي، وبدأت الخيوط تنكشف رويدا رويدا؛ حامت الشكوك حول الشاب محمد، فأقواله كانت متناقضة برؤيتها تارة، ثم عدم مشاهدته لها تارة أخرى، الغريب أن أقوال الأهالي أكدت أنه كان يعاونهم في البحث عنها منذ اليوم الأول لاختفائها.. وبتضييق الخناق على القاتل، ومواجهته بالأدلة، انهار واعترف بجريمته، وقرر أنه شاهدها أمام منزلها واستدرجها لمنزله بحجة إعطائها شيء ما لإيصاله لأسرتها، فذهبت معه بحسن نية، وصعدت إلى سطح المنزل حيث يسكن، وهناك حاول لمس أجزاء حساسة من جسدها لكنها قاومته وبدأت في الصراخ، فخشي افتضاح أمره وكتم أنفاسها حتى لفظت أنفاسها.. رغم تأكده من وفاتها واصل المتهم دناءته واعتدى على جثتها، وبعدما أشبع رغبته الحيوانية، وضع الجثة داخل جوال وتركها أعلى السطح ونزل لعمله كسائق توكتوك، وفي نهاية اليوم، رأى أسرة الضحية تبحث عنها في القرية فتظاهر بمعاونتهم في البحث، وبعد مرور 4 أيام على جريمته بدأت تفوح رائحة من الجثة فألقى الجوال بجانب أحد طرق القرية.. كان معتقدًا أنه سيفلت من جريمته، لكن تم القبض عليه وتحولت القضية للجنايات. فرحة الحكم وخلال سنة أسدلت محكمة جنايات دمنهور، الدائرة الرابعة، الستار على تلك الجريمة البشعة، وقضت بإعدام المتهم. وبعد 3 سنوات، بعدما طعن المتهم على حكم الإعدام الصادر ضده، أيدت محكمة النقض الحكم الصادر من محكمة جنايات دمنهور، بإعدام المتهم شنقًا بعد رفض الطعن المقدم منه.. ليكون بذلك الحكم عنوانا للحقيقة وعودة لحق الطفلة المسكينة التي قتلت بلا ذنب بعدما نهش المتهم براءتها وحرم أسرتها منها، حرم والدها من عكازه وحرم والدتها من أن ترى ابنتها عروسًا ترتدي الفستان الأبيض. بعد الحكم على المتهم، سيطرت حالة من الفرحة على أسرة رضوى، سجد والداها شكرا لله على عودة حق ابنتهم، وأطلقت الأم زغروطة.. شعرت الأسرة بالسعادة، لكنها ممزوجة بالألم والمعاناة، سعادة بعودة حق ابنتهم الطفلة النقية التي قتلت بلا ذنب وحزنا لأنها لم تعد بينهم وتملأ البيت بضحكتها.. فبعد تأييد حكم الإعدام قالت الأم بفرحة ممزوجة بأسى وحزن عميق: «ارتاحي يل بنتي في قبرك.. القاضي خدلك حقك، واحنا ارتحنا كمان»