لم يكن القتال فى الإسلام أو المعارك التى خاضها المسلمون يومًا من الأيام بهدف الاعتداء على الغير، بل كان لرد العدوان الذى يتعرض له المسلمون، من خلال هذا الباب وعلى مدار أيام شهر رمضان المبارك نقدم لك عزيزى القارئ معركة فى ذاكرة التاريخ الإسلامى خاضها المسلمون دفاعا عن أنفسهم وعن دينهم وعن أرضهم. تعد معركة «ملاذ كرد» التى حدثت بين المسلمين السلاجقة بقيادة السلطان «ألب أرسلان» وجيوش الدولة البيزنطية تحت قيادة الإمبراطور البيزنطى «رومانوس» الرابع عام 463ه/1071م من أيام المسلمين الخالدة التى غيرت وجه التاريخ وكان لها أثر كبير، حيث كانت مقدمة لضعف الدولة البيزنطية الأمر الذى انتهى بسقوطها عام 1453م. اقرأ أيضًا| ميناء سفاجا يودع أول أفواج معتمري شهر رمضان يقول الدكتور صلاح عبد المولى الشورى أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية، بجامعة الأزهر: لم تكن هذه المعركة اعتداءً من المسلمين بل كانت دفاعًا عن النفس، وذلك عندما خرج الإمبراطور «رومانوس» على رأس قواته مزهوا بكامل أبهته قاصدا بلاد المسلمين، فوصل إلى منطقة ملاذ كرد التى تقع حالياً داخل حدود ولاية موش شرق تركيا، واستباح سكانها من المسلمين، وقتل عددا كبيرا منهم فلم يسلم منه الشيوخ والنساء حتى الأطفال الذين قتلهم بدم بارد، وعندما وصلت هذه الأخبار للسلطان «ألب أرسلان»، ولم يكن مستعدًا لهذه المعركة ولهذا الجيش الكبير من البيزنطيين الذى وصل عدده فى بعض التقديرات إلى مائتى ألف بينما جيش أرسلان كان لا يتعدى ستة عشر ألف جندي، إلا أن «أرسلان» لم يتوان لحظة واحدة فى الدفاع عن المسلمين، فخرج بهذا الجيش القليل، وقد حاول السلطان السلجوقى حقن الدماء. اقرأ أيضًا| رئيس جامعة المنيا يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك فبادر قبل أن يشتبك الجيشان إلى طرح الهدنة والتفاهم مع البيزنطيين إلا أن «رومانوس» أبى واستكبر، وأجاب بأنه لا هدنة إلا بعد أن يفرض سيطرته على البلاد الإسلامية، وبعد قتال بين الطرفين استطاع جيش المسلمين هزيمة البيزنطيين حتى إن قائدهم «رومانوس» وقع أسيرًا، وعندما حضر أمام السلطان عنفه على أفعاله المشينة وغروره وصلفه ورفضه للتفاهم والهدنة التى عرضها عليه قبل المعركة، وإصراره على اجتياح بلاد المسلمين وإهانتهم، وقد حاور السلطان السلجوقى ذلك الإمبراطور المتغطرس ليقر ويعترف بالجزاء الذى يستحقه جراء أفعاله المنكرة، فأجاب صراحة بأنه يستحق أسوأ عقاب فعفا عنه إظهارًا لعظمة مبادئ الإسلام فى العفو عند المقدرة، والسماح بدل الانتقام، وصيانة كرامة الإنسان بدل إذلاله، واستبدال لغة الحرب بلغة السلام.