كشف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن نيته وضع خدمة البريد الأمريكية تحت إشراف وزارة التجارة، مما يعني إلغاء استقلالية المؤسسة لأول مرة منذ أكثر من خمسة عقود. أوضحت هذه الفكرة، التي وصفها ترامب ب«الاندماج»، رغبته في إعادة تشكيل واحدة من أكثر المؤسسات حساسية وتأثيرًا في الولاياتالمتحدةالأمريكية، في خطوة قد تشعل مواجهة جديدة داخل واشنطن بعد عودة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب للرئاسة مرة أخرى، وفقًا لمجلة «تايم» الأمريكية. اقرأ أيضًا| ما وراء الكواليس.. الكشف عن السبب المجهول لتسريح موظفي حكومة ترامب جاءت تصريحات ترامب، وسط مراسم تنصيب وزير التجارة الأمريكي الجديد، هوارد لوتنيك، حيث برر خطته بضرورة وقف خسائر البريد السنوية التي تبلغ 78 مليار دولار، ويرى أن دمجها ضمن وزارة التجارة سيجعلها أكثر كفاءة وربحية، لكن هذه الخطوة تثير جدلاً واسعًا. إذ قد تُعيد النقاش حول دور البريد في الانتخابات الأمريكية المقبلة، خاصةً مع اتهامات سابقة بتسييسه خلال الانتخابات الرئاسية الماضية، والسؤال الآن، هل يستطيع دونالد ترامب تمرير هذا التغيير الجذري، أم أن مقاومة المؤسسات والتشريعات ستقف عقبة أمامه؟، وهل تهدف هذه الخطوة إلى إصلاح فعلي أم أنها امتداد لصراع سياسي طويل الأمد؟ تصريحات ترامب.. هل يتحول البريد إلى مؤسسة ربحية؟ بينما يواصل ترامب الدفع نحو إعادة هيكلة المؤسسات الأمريكية، جاءت تصريحاته الأخيرة حول هيئة البريد لتشعل الجدل مجددًا، إذ يرى أن الخدمة البريدية أصبحت "عبئًا ماليًا" يستوجب إعادة النظر في هيكلها التشغيلي، بينما أشاد ترامب بوزير التجارة الجديد هوارد لوتنيك، مشيرًا إلى أن "غريزته التجارية العظيمة" قد تكون مفتاح تحويل البريد إلى مؤسسة ناجحة. وأضاف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب: "لقد خسرنا مبالغ طائلة، لكننا نستطيع تغيير ذلك"، ما أوضح أن تصريحات ترامب تعكس إصراره على فرض نهج اقتصادي بحت على مؤسسة حيوية تقدم خدمات لا تقدر بثمن، بحسب مجلة «تايم» الأمريكية. اقرأ أيضًا| «الرجل المجنون».. «ذا نيويوركر» تكشف استراتيجية ترامب في الولاية الثانية تاريخ هيئة البريد الأمريكية تأسس البريد الأمريكي عام 1775، وعُين الأب المؤسس للولايات المتحدة، بنجامين فرانكلين أول مدير له، في عام 1872، تحول إلى إدارة تنفيذية، لكنه فقد هذا الوضع عام 1970 بعد إضراب تاريخي استمر 8 أيام، ما أدى إلى إنشاء هيئة البريد الأمريكية ككيان مستقل ذاتي التمويل، واليوم.. يُواجه ضغوطًا متزايدة مع تراجع البريد التقليدي وصعود التجارة الإلكترونية. على الرغم من أن الخدمة البريدية الأمريكية قاومت دعوات دونالد ترامب السابقة لخصخصتها، فإنها لا تزال تعاني من خسائر ضخمة، إذ بلغت خسائرها التراكمية 87 مليار دولار منذ عام 2007، بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل وتراجع أرباح البريد من الدرجة الأولى، وبينما تأتي تصريحات ترامب هذه، يتسائل الكثيرون وسط هذه الأزمة، بشأن هل يكون دمجها بوزارة التجارة هو الحل؟ الجدير بالذكر أنه، يعمل في الهيئة 640 ألف موظف، بينهم عدد كبير من الأقليات، ما جعلها بوابة رئيسية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي للطبقة الوسطى، وخلال جائحة كورونا، واصل عمال البريد أداء مهامهم رغم المخاطر، حيث توفي أكثر من 200 موظف بسبب الفيروس. منذ 2020، يشغل لويس ديجوي، رجل الأعمال الجمهوري، منصب المدير العام للبريد، وخلال ولايته، واجه تحديات كبرى، أبرزها ارتفاع الطلب على التصويت عبر البريد، ما جعله في مرمى انتقادات سياسية حادة، وأعلن ديجوي عن خطة تحول مدتها 10 سنوات، لكنه يستعد للتنحي، ما يفتح الباب أمام تغييرات قد تتماشى مع تصريحات ترامب الحالية. اقرأ أيضًا| إدارة الطوارئ الفيدرالية تحت تهديد ترامب بإغلاقها| القصة الكاملة من يحكم السياسة البريدية؟ يتكون مجلس البريد من 9 أعضاء يعيّنهم الرئيس الأمريكي ويوافق عليهم الكونجرس، ولا يسمح لأكثر من 5 أعضاء بأن يكونوا من نفس الحزب، وحاليًا، هناك 3 مقاعد شاغرة بعد فشل الكونجرس في تمرير مرشحي بايدن، ويتمتع المجلس بصلاحية تعيين المدير العام للبريد، ما يجعله عنصرًا رئيسيًا في أي تحولات مستقبلية. ومنذ عام 1970، تموّل هيئة البريد نفسها من رسوم العملاء، حيث بلغت ميزانيتها السنوية 78.5 مليار دولار، كما يخصص الكونجرس دعمًا سنويًا ضئيلًا، لا يتجاوز 50 مليون دولار، ومع تصاعد التحديات المالية، اضطر البريد إلى رفع الأسعار، لكن منتقدي خطة الإصلاح يرون أن ذلك سيؤدي إلى تراجع الخدمات، خاصة في المناطق الريفية.