من أهم واجبات الصحافة التفاعل مع هموم الناس ومشكلاتهم والمساهمة في حل هذه المشكلات من خلال نشرها ووضعها تحت أنظار المسئول المعني بحل المشكلة. وفي هذا الإطار نشرت «أخبار الحوادث» تحقيقًا صحفيًا تحت عنوان «بلاغ لخط نجدة الطفل.. لغز سيدة الحي الراقي.. تفترش الرصيف وتعرض طفلا معها للخطر»، في العدد رقم 1715، بتاريخ 6 فبراير الجاري. وكان الهدف من نشر الموضوع الوقوف على حقيقة وضع الطفل الصغير المرافق لهذه السيدة، خاصة وأنه يعيش معها في الشارع بطريقة غير آدمية بالمرة. وبالفعل، كان للبلاغ الذي قدمته أخبار الحوادث صدى، وأحيل من خط نجدة الطفل إلى رعاية الأحداث بوزارة الداخلية، والتي استجابت على الفور وأطلقت حملة أمنية إلى المكان الذي تعيش فيه السيدة أمام مسجد علي بن أبي طالب في شارع نخلة المطيعي المتفرع من ميدان تريمف بمصر الجديدة.. تفاصيل أكثر في السطور التالية. في اللحظة الأولى التي تم التعرف فيها على قصة هذه السيدة، والتي أطلقت على نفسها اسم «رشا الغباري»، كان السؤال البديهي، هل الطفل الذي معها، هو ابنها أم لا؟. أجابت هذه السيدة أن هذا الطفل هو ابنها، وأنه يقرب من ال10 سنوات، لكنها لم تضف معلومة واحدة عن حياتها السابقة، هي فقط قالت بإنها من سكان المنطقة، وسبق أن تعرضت للنصب في شقة كانت تعيش فيها، واليوم، تفترش الرصيف في هذا المكان، لأنها منطقتها. بعيدًا عن صحة ما قالته السيدة من عدمه، لكن يبقى الوضع الذي تعيش فيه وضعًا صعبًا بكل المقاييس، غريب كل الغرابة، سيدة ما زالت بعد في ريعان شبابها، بلغ منها جمال الملامح كل مبلغ، ومعها طفل، وتنام هكذا في الشارع أمام أعين المارة والموجودين في المنطقة، وتقتات هي وطفلها مما يتفضل عليها به الناس، ومن بعض الخضراوات التي تبيعها، لا أكثر من ذلك ولا أقل. هذا بالإضافة لأسلوبها، الذي يعد في أغلب الأحيان، خروجًا عن العرف والعادات والتقاليد، حيث أنها كثيرا ما تتعرض للمارة بالسب والقذف، وصل إلى أن تعدت على البعض منهم بالأيدي، وهو ما جعل أهالي المنطقة، يرفضون وجودها ويضيقون منها ذرعًا، وكثيرا ما حاولوا إبعادها عن المنطقة، لكنها ترفض تماما أن تغادر مكانها، وكأنه ملكية خاصة لها، حتى أن واحدًا من الأهالي أعطاها مبلغ وقدره 18 ألف جنيه لكي تغادر المكان، وتستأجر شقة لتعيش فيها هي وابنها، لكنها أخذت الفلوس من الرجل، ولم تغادر المكان أيضا، وعندما سألها عن المال، وفيما أنفقته، وهي بعد لم تبرح مكانها، عاملته بأسلوب غير لائق، وكادت أن تتعدى عليه لفظيًا، وقالت له نصًا: «إنت مش دفعت الفلوس.. ملكش دعوة بقى أصرفها في إيه.. دا مش شغلك». رعاية الأحداث تتدخل كل هذه التفاصيل نشرتها جريدة «أخبار الحوادث» في العدد قبل الماضي، برقم البلاغ الذي قدمته لخط نجدة الطفل، وبمتابعة ردود الأفعال حول الواقعة، تبين أن خط نجدة الطفل قد أحال الواقعة إلى إدارة رعاية الأحداث، بوزارة الداخلية. وهو ما نشرت تفاصيله الجريدة في العدد الماضي، رقم 1716، الصادر بتاريخ 13 فبراير من الشهر الجاري. بعد النشر في الجريدة، تحركت على الفور إدارة رعاية الأحداث، ووصلت إلى السيدة في المكان الذي تفترش فيه، أمام مسجد علي بن أبي طالب، وقتها رفضت السيدة أن تستجيب لطلبات قوة رعاية الأحداث التي جاءت لها، وهم بدورهم حاولوا معها بكل الطرق الممكنة في أن يوفروا لها بديلا آخر غير هذا المكان الذي تعيش فيه، وأن يأخذوا الطفل كي يضمنوا له حياة كريمة بعيدًا عن الشارع، خاصة بعد ما تبين أن السيدة – حتى لو كانت أمه – غير أمينة عليه، لأنها ارتضت له أن يعيش بهذه الطريقة، ينام على الرصيف، ويساعدها في اعتداءاتها المتكررة على المارة، وكثيرًا ما جارى والدته في أسلوبها، ومارس وهو بعد ما زال في سن صغيرة أعمال البلطجة، تمامًا كالسيدة التي معه والتي تقول بإنها والدته، وهى أمور كلها تنتهك طفولته وبراءته، وتجعله يعيش في بيئة خصبة تؤهله إلى أن يكون مجرمًا وخارج على القانون، باختصار.. السيدة بأسلوبها هذا - لو تركت على حالها – فإنها تربي»بلطجي صغير»، وهو ما لا يجب السكوت عنه مطلقًا. وانطلاقًا من هذه الحقيقة، وإيمانًا منها بضرورة الحفاظ على النشء ورعايتهم الرعاية السليمة، وتربيتهم التربية الإيجابية، نجحت «رعاية الأحداث» – بعد جهود مضنية - في إقناع السيدة، و أخذت هي وطفلها، وكافة متعلقاتها. اقرأ أيضا: مباحث رعاية الأحداث تحقق في واقعة سيدة «الحى الراقى» والطفل الذى معها وقال إمام مسجد على بن أبي طالب، الشيخ زكريا عرابي، في حديثه ل «أخبار الحوادث» بإن القوة الأمنية التي حضرتك من رعاية الأحداث، كانت مشكلة على أعلى مستوى، وفيها من الخبراء النفسيين، المؤهلين للتعامل مع حالات من هذا النوع، واستمر التعامل مع السيدة قرابة ال4 ساعات كاملة، حاولوا فيها بكل الطرق الممكنة إقناعها بأن تنتقل من مكانها، وطوال هذه الساعات كانت السيدة تماطل في الموافقة، وتحاول التهرب منهم، لكنهم نجحوا أخيرا في إقناعها، وتم أخذها هي وطفلها وكافة متعلقاتها. وأضاف الشيخ زكريا عرابي، إمام المسجد، قائلا: «السيدة كانت تصرفاتها غير طبيعية، وأسلوبها غير لائق، وكثيرًا ما كانت تتعرض للمارة بالسب والقذف، وفي اللحظة التي غادرت فيها المكان تنفسنا جميعًا الصعداء، حتى أننا وللمرة الأولى، قمنا بالصلاة داخل المسجد دون أن نسمع ألفاظها الخارجة مرة أخرى»..