مُخالف لكل التوقعات.. هذا هو المنهج الذي يسير عليه الملحن مدين في تعاوناته مع نجوم الغناء في مصر والوطن العربي، حيث يُفاجئ الجمهور من وقت لآخر بصياغة جُمل لحنية جديدة ومختلفة عما قدمه من قبل بشكل خاص، أو عما يُقدم على الساحة الغنائية بشكل عام، وهو ما وضعه في مكانة مُميزة بين ملحني جيله، ويستأنف مدين سلسلة نجاحاته مع النجوم بأعمال جديدة مع المطربين أحمد سعد وتامر عاشور في أحدث ألبوماتهما.. في الحوار التالي يكشف مدين كواليس أحدث تعاوناته مع سعد، عاشور وحماقي، وعدد آخر من النجوم. - نبدأ بالحديث عن أحدث تعاوناتك مع أحمد سعد في أغنية «حبيبنا» التي تميزت بالمزج بين مقام الحجاز الشرقي وموسيقى الفلامنكو الإسبانية.. حدثنا عن كواليس التعاون، وكيف استقبلت النجاح الكبير الذي حققته الأغنية في أولى أيام طرحها؟ - فكرة تقديم ألبوم كامل أتاحت لأحمد سعد تقديم أشكال وألوان موسيقية عديدة ومختلفة، منها موسيقى الفلامنكو الإسبانية التي قدمناها في أغنية «حبيبنا»، ومقام الحجاز الأندلسي الذي يُتيح للصانع صياغة جُمل لحنية عديدة، وهو مقام شرقي تم الاستعانة به في عدد كبير من الأغنيات العربية التي حققت نجاحًا كبيرًا منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى الآن، والجمهور يُحب ويشتاق لسماع المقامات الشرقية التي افتقدناها في أعمالنا خلال السنوات الأخيرة، لذا أنا مُعجب بذكاء أحمد سعد في شكل وطريقة طرحه لألوان موسيقية يُحبها الجمهور وينتظرها من حين لآخر، فمنذ أغنية «أشكي لمين» وهو لم يُقدم مقام الحجاز الشرقي، وقدمه في أغنية «حبيبنا» وعدد من أغنيات الألبوم بشكل رائع، وحرص سعد أيضًا على تنفيذ الأغنية في إسبانيا بشكل احترافي وإنتاج ضخم من قبل شركة «مزيكا» لمالكها المنتج محسن جابر ونجله محمد جابر، واستعان بكورال نسائي أسباني لأداء جملة دخول الأغنية، لذا خرجت الأغنية إلى النور بشكل مُتقن واحترافي. - تعاونت مؤخرًا أيضًا مع تامر عاشور في ألبومه الجديد من خلال أغنية «جُم شرفوا»، كيف جاءت الفكرة؟ - «جم شرفوا» أغنية مختلفة من حيث الكلمات والألحان والتوزيع، ومازالت تأخذ مساحتها من الاستماع لأن الجمهور (مستغربها وبيتصدم بيها)، وهذا هو منهجي في العمل، إذ إنني حريص للغاية على عدم تكرار نفسي أو تكرار الجمل اللحنية التي قدمتها من قبل، وأسعى دائمًا للتجديد رغم أن بعض النجوم يطلبون مني ألحانًا تُشبه أغنيات «حاجة مستخبية» و»حبه جنة» وغيرها من الأغنيات التي حققت نجاحًا كبيرًا، إلا إنني أرفض تكرار النجاح نفسه، وأعتبره (استسهال) فضلا عن أن التكرار يُقصر عُمر الصانع، لذا أحاول دائمًا صياغة جُمل لحنية جديدة، لاسيما أن الجمهور أصبح يستوعب الجُمل اللحنية الجديدة والمختلفة، ولي في ذلك أمثلة عديدة، كأغنية «ظروف معنداني» لوائل جسار، و»كلام عينيه» لشيرين عبد الوهاب اللاتي حققن نجاحًا كبيرًا، وتصدرتا المشهد الغنائي رغم مرور سنوات طويلة على طرحهما، فمنذ 8 سنوات لم يستوعب فئة كبيرة من الجمهور الجمل اللحنية التي قدمتها في الأغنيتين، وأعي أن هذا الاسلوب والتكنيك يحتاج لفترات طويلة حتى تنجح الأغنية مع الجمهور، لكنني لا أُحبذ النجاح اللحظي على قدر ما أتمنى أن تترك ألحاني بصمة وعلامة في تاريخ أي مطرب أو مطربة تعاونت معها. - وماذا عن أغنية «ماشيين»؟ - قريبة من القلب، وليست بحاجة ل «فزلكة» في اللحن، أو أفكار موسيقية عديدة، فموضوعها الدرامي السلس لا يحتمل إلا جملة لحنية قريبة من القلب، وارتكز ألبوم تامر عاشور بشكل أساسي على الأغنيات الدرامية التي تميز في تقديمها منذ بداياته، وأُهنئه على نجاح الألبوم، وشهادتي مجروحة سواء في أعماله أو أعمال أحمد سعد الأخيرة، فهما نجوم كِبار، وبينهما روح جميلة. - حملت أغنية «العقد اللولي» التي قدمتها مع حماقي في ألبومه الأخير جملة لحنية واحدة، كيف جاءتك الفكرة؟ - أتطلع دائمًا كما قُلت لمخالفة سوق الغناء وتوقعات الجمهور، فالجميع كان يتوقع تكرار تجربة أغنية (حاجة مستخبية) التي قدمتها مع حماقي قبل سنوات عديدة، وحققت نجاحًا كبيرًا، إلا أن تعاوني معه جاء مخالفا لكل التوقعات، بداية من أغنية «قالوا عنك» التي حملت جملة لحنية واحدة أيضًا بدون (سينيو)، و وقتها أتذكر أن أحدهم قال لي بمنتهى القسوة (ده فقر فني)، ولامني البعض عليها، إلا إنني أرى أنه قمة الثراء الفني والابتكار في كيفية صياغة جملة لحنية واحدة رنانة تُشبع احتياجات الجمهور الفنية، و(ميتزهقش منها)، ورغم الاعتراضات إلا أن الأغنية حققت نجاحًا كبيرًا مع الجمهور، وأصبحت (تريند) في فترة وجيزة. - كيف ترى المشهد الغنائي خلال السنوات الأخيرة؟ - عانى السوق الغنائي في السنوات الخمس الأخيرة من حالة ركود على مستوى الألوان والأشكال الموسيقية المُقدمة، فالساحة كانت لا تستوعب إلا اللون المقسوم فقط بسبب إقبال الجمهور وتفاعله مع هذا اللون بشكل خاص، لذا اتجه أغلب النجوم إلى تقديمه، وبسبب ذلك فقدنا التنوع في تقديم أشكال موسيقية عديدة لأن المنافسة كانت من خلال لون واحد فقط، وأذكر أن هناك تجارب عديدة لأغنيات تحمل أفكار مختلفة وجمل لحنية مُميزة إلا إنها لم تلق النجاح الكبير الذي كانت تلقاه الأغنيات ذات الإيقاع المقسوم، ولعل هذا يحدث بشكل صحي في السوق الموسيقي أو السينمائي لفترات زمنية يُحدد خلالها الذوق العام للجمهور شكل وطريقة الإنتاج، لكن مع عودة إنتاج وطرح الألبومات الكاملة، بداية من المطرب عمرو دياب، مرورًا بمحمد حماقي والمطربات أنغام وشيرين عبد الوهاب، وصولًا لتامر عاشور وأحمد سعد، أصبح الجمهور يستوعب وجود أشكال غنائية وألوان موسيقية عديدة، ولعل تقبل الجمهور حاليًا لهذا التنوع الكبير جاء في صالحنا كصناع، لأننا أصبحنا نستمتع بتقديم ألوان مختلفة، فضلاً عن إمكانية وفرص تقديم أصوات جديدة وصاعدة على الساحة الغنائية. - وماذا عن أعمالك المقبلة؟ - أنتظر طرح مجموعة من الأعمال مع عدد من النجوم، أحدثهم مع المطربة مي فاروق، حيث أتعاون معها في ألبومها الجديد من خلال 5 أغنيات، هم (تاريخي) من كلمات نادر عبد الله، وتوزيع يحيى يوسف، (أنا اللي مشيت) من كلمات تامر حسين، وتوزيع توما، و(بنات الخلق) من كلمات عبد الرحمن محمد، وتوزيع يحيى يوسف، بالإضافة إلى أغنيتي (سلطانة) من كلمات عبد الرحمن محمد، وتوزيع أحمد عبد السلام، و(باركوا) من كلمات تامر حسين، وتوزيع أحمد عبد السلام، واللاتي تم طرحهما موخرًا عبر قناتها الرسمية على موقع «يوتيوب» وجميع المنصات الموسيقية، وخضت مع مي تجربة جديدة وتحدِ من خلال أغنية «باركوا» لأنها تحمل لون وإيقاع مختلف تمامًا عن الشكل الطربي الذي عرفها الجمهور من خلاله، وأتمنى أن يلقى هذا الألبوم نجاحًا كبيرًا لأنه (متعوب) عليه. اقرأ أيضا: عمرو الليثي: أحمد سعد عزاكي في وفاة والدك؟.. رد غير متوقع من ريم البارودي