يعد سوار الملكة أحوتب الأولى أحد أروع القطع الأثرية التي تعكس روعة المجوهرات الملكية في مصر القديمة، ويجسد مهارة الحرفيين المصريين في تشكيل الذهب والأحجار الكريمة. تعود هذه القطعة الثمينة إلى عصر الأسرة السابعة عشرة، أي منذ أكثر من 3500 عام، وقد عُثر عليها ضمن مجموعة من المجوهرات داخل تابوت الملكة أحوتب الأولى، والدة الملك المحارب أحمس الأول، الذي قاد حرب التحرير ضد الهكسوس، كما ذكره الباحث الأثري الدكتور حسين دقيل، المتخصص في الآثار اليونانية الرومانية. اكتشاف أثري فريد تم العثور على هذا السوار، إلى جانب سوار آخر مماثل ومجموعة من المجوهرات الملكية، داخل مقبرة الملكة أحوتب الأولى في منطقة دراع أبو النجا بغرب طيبة (الأقصر). هذا الاكتشاف لم يكن مجرد العثور على قطع ثمينة، بل كان دليلاً على المكانة الرفيعة التي حظيت بها الملكة، ودورها المحوري في دعم ابنها أحمس الأول في مسيرته لطرد الغزاة وتوحيد مصر. الفخامة الملكية يتكون السوار من 30 صفًا من خرزات الذهب والأحجار شبه الكريمة، وهي اللازورد والفيروز والعقيق، مرتبة بأسلوب هندسي مميز يشكل أنماطًا من المثلثات والمربعات، ما يدل على الذوق الرفيع والتطور الفني الذي بلغته صناعة المجوهرات في ذلك العصر. أما مشبك السوار، فهو تحفة فنية بحد ذاته، إذ صُنع من صفيحتين ذهبيتين متداخلتين تنزلقان داخل بعضهما البعض لإحكام الإغلاق. ما يضفي قيمة تاريخية إضافية على السوار هو نقش اسم الملك أحمس الأول بالذهب على المشبك، ما يشير إلى أن هذا السوار كان هدية شخصية من الملك لوالدته تقديرًا لدورها الكبير في دعمه. الأبعاد والمكان الحالي للعرض يبلغ قطر السوار 4.7 سم، بينما يصل ارتفاعه إلى 4.3 سم، وهو اليوم أحد أهم القطع المعروضة في المتحف المصري بالقاهرة، حيث يجذب أنظار الزائرين ويشهد على عصر من أعظم عصور مصر القديمة، عصر التحرير والبناء. رمزية السوار ودوره في العقيدة المصرية لم يكن ارتداء الملكات لمثل هذه المجوهرات مجرد مظهر من مظاهر الترف، بل كان يعكس مكانتهن ودورهن في العقيدة المصرية القديمة. كانت المجوهرات الملكية تُدفن مع أصحابها لتكون جزءًا من رحلتهم إلى العالم الآخر، ما يؤكد إيمان المصريين بأن الجمال والثراء يستمر حتى بعد الموت. اقرأ أيضا| 30 صفًا من خرزات الذهب.. هدية أحمس إلى والدته يعد سوار الملكة أحوتب الأولى قطعة فنية وتاريخية نادرة، ليس فقط بسبب خاماته الثمينة وتصميمه المتقن، بل لأنه يمثل جزءًا من قصة كفاح ملكة عظيمة ساهمت في تمهيد الطريق لتحرير مصر من الهكسوس. واليوم، يظل هذا السوار شاهدًا حيًا على عظمة الحضارة المصرية، وتاريخها الزاخر بالمجد والتضحيات.