أصدرت محكمة استئناف شبين الكوم، حكمها على 5 متهمين في أبشع جريمة من الممكن أن تقرأ عنها، المتهمون الذين تفننوا في تعذيب شابين وأجبروهما على شرب مادة كاوية، وفي النهاية أشعلوا بهما النيران، وعندما تسأل عن السبب، وماذا فعل هذان الشابان لتكون هذه نهايتهما؟!، ستجد أنه لا ذنب لهما، سوى بعض الشكوك التي دفعت سائق لارتكاب تلك الجريمة.. هي بعض الشائعات المتناثرة التي ملأت عقله وصدقها؛ فالمتهم الرئيسي في تلك القضية سائق فقد مركبته إثر حادث سرقة وأصبح شغله الشاغل استعادتها بأي ثمن وبأي طريقة، حتى لو كان المقابل في استعادتها أن يرتكب جريمة؛ في هذه اللحظة تناثرت الأقاويل التي لا يوجد دليل عليها حول تورط شابين من أبناء القرية بسرقة مركبته، فقرر في لحظة غباء اختطافهما واحتجازهما هو وآخرين؛ لإجبارهما على الإفصاح عن مكان مركبته، تفنن في تعذيبهما بأبشع الوسائل؛ التي أسفرت عن مصرعهما، وفقد الشابان حياتهما وفقد الجاني حريته ومستقبله.. تفاصيل ما حدث وحكم رادع من المحكمة نسردها في السطور التالية. تفاصيل تلك الجريمة بدأت داخل قرية جنزور التابعة لمركز بركة السبع بمحافظة المنوفية، حيث يعيش أبطال قصتنا، الضحية الأولى محمود عبد الستار، يعمل نجارًا ويبحث عن لقمة العيش بالحلال حتى ينفق على أسرته، يتنقل من محافظة لأخرى بحثًا عن الرزق، والضحية الثانية صديقه الشاب محمد مجدي، كل منهما لا يفكر سوى في العيش بهدوء مع أسرتيهما، حياتهما كانت هادئة طبيعية، حتى تلك اللحظة التي حدثت فيها جريمة سرقة داخل القرية؛ سرق من شاب يدعى جمال مركبة التوك توك الخاصة به، ظل يبحث عنها في كل مكان بلا فائدة، وبدلا من أن يبلغ عن اختفائها وهذا هو التصرف القانوني السليم سلم أذنه لبعض الأشخاص الذين أبلغوه أن محمود ومحمد يعرفان السارق ويعرفان مكان التوك توك، لم يفكر طويلا وسيطر الشيطان عليه، وراح يبحث عن الشابين، فعرف أن محمود ليس في القرية بل في مرسى مطروح للعمل، وبدلا من أن يهدأ ويفكر بالعقل ولو للحظة واحدة، وهو كيف يكون محمود يعرف السارق أو يعلم بواقعة السرقة من الأساس وهو ليس موجودًا داخل القرية وقت ارتكابها، لكن يبدو أن الشيطان سيطر على كل تفكيره، تملكه الانتقام والشر، فجلس يخطط لجريمته، انتظر الفرصة المناسبة، حين يعود محمود من سفره الى بيته بالقرية. وعاد الشاب المكافح محمود بسبب عملية ستجريها ابنة شقيقته، لم يعلم ما يخفيه له القدر، وأنه سيفقد حياته بأبشع طريقة وبلا ذنب. خطف وتعذيب عرف المتهم جمال بأن محمود وصل القرية، فأعد عدته وأخذ 4 آخرين معه، وخطفوا محمود وصديقه محمد، وقيدوهما بالحبال، وانهالوا عليهما بالضرب وبأبشع طرق التعذيب، دون أن تشفع توسلاتهما لهم، أو يرق قلب أحد من الخمسة، وكأنهم في تلك اللحظة خلعوا قلوبهم ووضعوا مكانها قطع من الحجارة أو أشد قسوة، لدرجة أنهم أجبروا محمد على شرب مادة كاوية، فلم يتحمل ومات بين أيديهم، فحملوه وألقوا به داخل إحدى الأراضي الزراعية، بينما محمود ظل يصارع الموت، فحملوه هو الآخر وألقوا به أمام منزل خاله، وفروا هاربين بعدما سجلوا جريمتهم البشعة بالصوت والصورة. أصيب خاله بالصدمة بعدما شاهد نجل شقيقته غارقا في دمائه وآثار التعذيب تملأ جسده، نقله سريعا للمستشفى في محاولة لإنقاذه، لكن توفى هناك وآخر ما نطق به كان اسم المتهم. اختفاء وجثة في تلك اللحظة كانت أسرة محمد يبحثون عن ابنهم الذي اختفى فجأة وكأن الأرض انشقت وابتلعته، حتى جاءتهم الصدمة عندما عثروا عليه جثة هامدة داخل أرض زراعية غارقا في دمائه ومعذب بأبشع الطرق. أبلغ الأهالي مركز الشرطة، وتشكل فريق بحث لكشف اللغز، وتمكن رجال المباحث من إلقاء القبض على المتهم الرئيسي جمال، الذي وقف أمام النيابة ليسرد تفاصيل جريمته البشعة، فقال:»التوك توك الخاص بي سرق يوم 19/3/2023، وعندما فرغت كاميرات المراقبة عرفت أن محمد مجدي هو اللي سرقه، فقررت الانتقام منه، اختطفته هو وصديقه محمود ووصلنا عند المصرف، والهامي شريكي ضرب كل واحد فيهم بالمطواة في وجهه، وباقي المتهمين قيدوا أيديهما وبدأنا في تعذيبهما وضربهما بالعصا وإلقاء البنزين عليهما وإشعال النيران بهما حتى يعترفوا بسرقة التوك توك أو يخبرونا من الحرامي دون جدوى»! وتمكن رجال المباحث من إلقاء القبض على باقي المتهمين، وبعد الضبط أرشدوا عن المطواة والعصا المستخدمة، وتولت النيابة التحقيقات، وتمت إحالتهم لمحكمة جنايات شبين الكوم؛ والتي أصدرت حكمها العادل بالمؤبد على المتهمين، ثم أيدت محكمة استئناف شبين الكوم الحكم. محامي الضحيتين تولى عبد اللطيف نعيم المحامي، الدفاع عن حق المجني عليهما، فتواصلنا معه لمعرفة تفاصيل أكثر عن القضية وماذا حدث في الجريمة، فقال: «ما حدث ما هو إلا جريمة قتل بشعة، المتهم الرئيسي كان لديه توك توك تمت سرقته منه، فسمع من بعض الأشخاص أن المجني عليهما يعرفان السارق، فخطفهما بصحبة 4 آخرين، ووثقوهما بالحبال، ولم يكتف المتهمون بذلك بل عذبوا المجني عليهما بالضرب والحرق وأجبروا أحد المجني عليهما بشرب مادة كاوية، ووثقوا ذلك صوت وصورة بالفيديو، واحد من المجني عليهما مات في لحظة التعذيب، فحملوه وألقوا به في أرض زراعية، والثاني حملوه داخل توك توك وألقوا به أمام منزل خاله وتم نقله للمستشفى لكنه مات هناك، هذا دون دليل أو التأكد من أن الضحيتين يعرفان واقعة السرقة أو مرتكبها، خاصة أن أحدهما كان يعمل في مرسى مطروح وجاء قبل اختطافه بيومين فقط ليكون مع شقيقته حيث أن ابنتها تجري عملية جراحية». وأضاف: «جريمة القتل اقترنت بجريمة أخرى وهي الخطف بالتحايل، القضية تم تداولها داخل المحكمة، وشهدت الجلسات تفاصيل كثيرة، فدفاع المتهم الرابع طلب من هيئة المحكمة أجلا لعرض المتهم على الطب النفسي، وذلك لمعاناته النفسية على حد قوله، لكن التقرير الطبي أكد أنه سليم ولا يعاني أي أمراض نفسية، وجلسة أخرى تم تأجيلها لعدم حضور الطبيب الشرعي، حيث كلفت هيئة المحكمة بطلب حضور كبير الأطباء الشرعيين للجلسة القادمة، ومناقشته حول أسباب ووقت الوفاة، أما فيما قاله المتهم أنه شاهد الضحية وهو يسرق التوك توك، ليس له أي أساس من الصحة ولا يمتلك دليلا على كلامه، هو فقط قال ذلك ليبرر جريمته، والحمدلله القضاء اقتص لحق الشابين، فقضت المحكمة بالمؤبد للمتهمين، ونحن كنا على ثقة بالقضاء والقصاص العادل من المتهمين الذين قتلوا شابين في عمر الزهور بلا ذنب أو جريمة». اقرأ أيضا: سائق يختطف شابين ويعذبهما حتى الموت للاعتراف بجريمة لم يرتكباه