مصر دائما تتحمل الضغوط الخارجية فى ظل الحفاظ على ثوابت الأمن القومي المصري وسط التحديات الإقليمية والدولية الراهنة لاعتبار أن السياسة الخارجية المصرية دوائر اهتمام، مرتبطة بصورة أساسية بهوية مصر العربية والإفريقية والإسلامية، والتي تتقاطع جميعها مع أمن مصر القومي بصورة مباشرة، بالإضافة إلى دوائر الاهتمام الدولية والعلاقات الاستراتيجية التي تجمع مصر بالقوي الكبرى. ومع التسليم بأهمية ومحورية هذه الدوائر في صياغة أولويات السياسة الخارجية المصرية، فإن تطورات المشهدين الإقليمي والدولي، والتطورات في الأولويات الداخلية، فرضت على السياسة الخارجية المصرية استحداث "دوائر جديدة" للسياسة الخارجية المصرية، بالإضافة إلى انتهاج "سياسة التوازن الاستراتيجي" في إدارة علاقاتها بمختلف اللاعبين الدوليين لدعم المصالح المصرية. وعندما نرى ما يحدث فى امريكا من التضخم الاقتصادي وإدارة بايدن المتخبطة وقبله إدارة ترامب المضطربة وأزمة الدين والانسحاب الأميركي من أفغانستان والخروج من العراق والصدام الحزبي، والمشاحنات الثقافية الداخلية بسبب قضايا مثل: الهوية الجنسية وقضية اللاجئين وغيرهما من الملفات الساخنة. ولكن كل هذه المبررات تجعلنا وكأننا نرى فيلماً مكرراً مرة بعد أخرى من كتّاب سيناريو يحولون رغباتهم وأمنياتهم وعداواتهم إلى نظريات مخترعة، ولا يتحقق منها شيء على أرض الواقع، وحضور ترامب الى الحكم مرة اخرى بخطة السيطرة على غزة. ونرى أن الجميع يتحدث اليوم عن اقتراح دونالد ترامب بشأن الاستيلاء على غزة ونقل 1.8 مليون فلسطيني، لكن الحقيقة أن هذا هو بالضبط ما يريده ترامب وهو: تحويل الأنظار عن ما يحدث في واشنطن. ويظهر أن كل شيء يسير وفقًا لخطة ستيف بانون، مستشار ترامب السابق، الذي وصف استراتيجيته الإعلامية بأنها "إطلاق النار بأسرع معدل"، حيث قال: "نظرًا لأن وسائل الإعلام تتكون من أشخاص أغبياء، فلا يمكنها التركيز إلا على شيء واحد، لذا علينا أن نغرقهم بسيلٍ من الأخبار المثيرة، وسيفقدون السيطرة على ما هو مهم حقًا. وقيام ترامب بطرح مقترحات غير واقعية مثل شراء جرينلاند، واحتلال بنما، ونقل الفلسطينيين إليها، لأنه يعلم أن وسائل الإعلام ستنشغل بهذه العناوين، بدلًا من التركيز على التغييرات الجذرية التي تحدث داخل الحكومة الفيدرالية الأمريكية. واشتعال وسائل الإعلام برؤية ترامب لغزة، يجري في واشنطن هو تفكيك منهجي وسريع للحكومة، وأجهزة الاستخبارات الأمريكية. بالإضافة إلى سيطرة إيلون ماسك وفريقه على أنظمة البيانات المالية الأمريكية، حيث ألغوا بروتوكولات أمنية حساسة، وطردوا مسؤولين كبارًا، وأغلقوا وكالة حكومية كاملة بميزانية تساوي 0.25% فقط من ثروة ماسك الشخصية. مما أدى الى لجوء ست وكالات حكومية إلى المحاكم التي أصدرت مذكرات توقيف ضد ماسك وترامب، لكن ذلك لم يوقف خطة الملياردير الطموح، الذي يواصل تفكيك المؤسسات الفيدرالية، مدفوعًا بأيديولوجيته التحررية الجديدة وسعيه لزيادة سلطته وثروته بطريقة غير مسبوقة. وفى ظل تلك الأحداث سواء داخل أمريكا وخارجها، مصر تتبنى القضية الفلسطنية منذ عام 1948 وكانت وما زالت ترفض بشكل قاطع أي محاولات لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم إلى أراضٍ أخرى سواء في مصر أو في الأردن. الموقف المصري جاء على لسان القيادة السياسية ووزارة الخارجية التي أكدت مرارًا وتكرارًا على أن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة لن يكون أبدًا جزءًا من الحلول المطروحة. لأن مصر تعتبر أن مسألة التهجير القسري هي انتهاك لحقوق الإنسان، و تشكل انتهاكًا لحق الشعب الفلسطيني في البقاء أو العودة إلى أراضيه. من جهة أخرى، ودائما تحرص مصر على أن تكون الحلول المقترحة مرتبطة بتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة، وأن تبقى غزة والضفة الغربية جزءًا لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية التي يسعى الفلسطينيون إلى إقامة دولتهم المستقلة عليهما، وأرى أن القيادة السياسية تعمل من خلال نبض الشعب المصرى، مما أدى إلى وجود تلاحم شعبى مع القيادة السياسية، وحب الشعب الدائم للقوات المسلحة التى تمثل الدرع والسيف. حفظ الله مصر . [email protected]