«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احذر.. «خرافات نفسية» تعرقل حياتك ..سن التقاعد لا تعنى حالة من الاكتئاب وتراجع الرغبة
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 13 - 02 - 2025

فى البدء جاءت الأسطورة، وفى أبسط تعريفاتها هى محاولة الإنسان غير العلمية لتفسير ظواهر الكون من حوله، وببزوغ العلم بدأ تفسير ظواهر الكون علميا، وتم وضع علم مقنن لتفسير السلوك الإنسانى «علم النفس»، ومع أسفٍ بدأنا نرصد تفسيرات شعبية بعيدة عن العلم تدعى العلمية، من هنا بدأ العلماء يرصدون تلك التفسيرات الشعبية المنسوبة كذبا للعلم، وتضر بالعلم وتنشر الخرافة ثانية.
وعلى سبيل المثال فى عام «1979» صدر كتاب مهم للعالم المصرى د.عبد المحسن صالح تحت عنوان «الإنسان الحائر بين العلم والخرافة» فى سلسلة عالم المعرفة الكويتية، حاول فيه التصدى للعديد من الخرافات التى ترتدى زورا ثوب العلم، ويؤكد أن للخرافات تأثيرا سلبيا مباشرا على المجتمع وعلى تقدمه ورفاهية أفراده، حيث قد تؤدى إلى إصابة الفرد والمجتمع ب الوسواس القهرى، بسبب الإيمان بالخرافات، ويصبح الفرد غير قادر على رفض المعتقدات والسلوكيات الخرافية.
وللأسف أحيانا يكون للخرافات رونقها، والقصص والماورائيات هى التفسير الأسهل للهروب من محاولة التدقيق العلمى للظاهرة، إضافة للاستغلال الإعلامى للعامل المثير فيها لتحقيق عروض مُربحة، ما يؤدى فى نهاية الأمر لخلق جمهور يستسلم للخرافة والتفكير الخرافى بسهولة.
اقرأ أيضًا | «كوبرا تيك».. روبوت ثعبانى لإنقاذ العالقين تحت الأنقاض
علم النفس الشعبى..!
وعلى نفس نهج محاربة الخرافة بالعلم، وإظهار زيفها، يأتى كتاب "أشهر 50 خرافة فى علم النفس" الصادر حديثًا نسبيا لمجموعة من علماء النفس، يتعرض لأشهر الخرافات التى تروى باسم علم النفس لتفسير السلوك الإنسانى، ويطلق عليها "علم النفس الشعبى"، وهذا العلم برىء منها، ومن المثير أن الكتاب لم يحدد ما المقصود ب"علم النفس الشعبى"، فربما يقصد مجموعة التصورات أو الادعاءات التى تبثها وتضخمها يوميا وسائل الإعلام والعديد من كتب التنمية البشرية وبعض الأفلام والصحف الصفراء، وتختلط فيها الخرافات والأساطير والمفاهيم الزائفة المنافية للبحث العلمى فى علم النفس عن السلوك الإنسانى، وتصبح مقبولة أو صحيحة لدى الناس، وبذلك يعد علم النفس الشعبى هو الأخطر على الإطلاق لسببين رئيسيين؛ الأول أنه أكبر مصدر ممكن للخرافات المُقدَّمة على أنها "علمية" - وبالتالى مقنعة ومقبولة- فى حياتنا، والثانى أن تلك الخرافات قد تكون سببا أساسيا فى سلوكيات ضارة، لحياتنا أو حياة مَن نحب.
مفاهيم تحت المجهر
ويعد هذا أول كتاب يفحص وجهة النظر الكاملة لعلم النفس الشعبى الحديث، وأول كتاب يضع المفاهيم ذات الصلة بعلم النفس تحت مجهر الأدلة العلمية ونأمل من خلال القيام بذلك، أن نتخلص من الأفكار الشائعة الكاذبة وأن نسلح القراء بالمعرفة الصحيحة حتى يمكنهم استخدامها فى اتخاذ قرارات أفضل فى عالم الواقع. ففى كل يوم تقريبا تمطرنا وسائل الإعلام الإخبارية والأفلام والبرامج التليفزيونية وشبكة الإنترنت بادعاءات تخص مجموعة من موضوعات علم النفس مثل: وظائف المخ والوسطاء الروحانيين، وتجارب الخروج من الجسد، والذكريات المستردة، واختبار كشف الكذب، والعلاقات الرومانسية، ورعاية الأبناء، والاعتداء الجنسى على الأطفال، والاضطرابات النفسية، والجرائم الحقيقية، والعلاج النفسى، وفى حقيقة الأمر، فى عالم اليوم سريع الإيقاع الذى يتسم بحمل المعلومات الزائد، تنتشر "المعلومات المغلوطة" عن علم النفس على الأقل بقدر انتشار المعلومات الصحيحة.
فى البدء جاءت الخرافة
ربما يكون حسن النية أحيانا وراء الخرافة بل وانتشارها، فالعديد من خرافات علم النفس الشعبى هى جهود تهدف إلى إكساب عوالمنا معنى، ويذكر عالم الاجتماع وفيلسوف العلوم الألمانى "كلاوس ما نهارت" : "فإنه عبر التاريخ أدت الخرافات وظيفة أساسية: محاولة تفسير ما لا يمكن تفسيره"، وفى حقيقة الأمر العديد من الخرافات التى يناقشها الكتاب، مثل الاعتقاد فى أن الأحلام قد تبين أن لها معانى رمزية هى جهود تهدف إلى حل بعض من الغوامض الأبدية فى الحياة، التى يمثلها فى هذه الحالة الدلالة المهمة لعوالمنا النفسية فى الليل.
وكما يقول كارل بوبر «لا بد أن يبدأ العلم بالخرافات وبنقد الخرافات»، فإن الكتاب يبدأ بفصل يتناول فيه كيف تنشأ الخرافات والأفكار المغلوطة، ويحاول أن يتناول «المصادر العشرة» للخطأ، التى لا بد أن يحيط بها التفكير النقدى العلمى وهى:
أولًا: تناقل الأحاديث، دائما ما نخلط بين شيوع حديث أو عبارة ما وصحة هذا الحديث أو العبارة.
ثانيًا: الرغبة فى الأجوبة السهلة، الحياة اليومية ليست سهلة، والتأقلم معها صعب، «وليس غريبا أن نتشبّث بالأساليب التى توفر لنا وعودًا قاطعة بالتغيير». الكثير من الناس تكون تصوراتهم ومواقفهم مبنية على تناقل أو تواتر الأحاديث.
ثالثًا: الإدراك الانتقائى والذاكرة الانتقائية «نحن نادرا ما ندرك الحقيقة كما هى تمامًا، فنحن نراها من خلال مجموعة عدساتنا التى تشوّه الرؤية». أى أننا نميل، مثلا، إلى التركيز على «الأحداث الشائقة» وننسى «الأحداث التافهة»، ما يؤدى إلى الارتباط الوهمى، أى نتخيل وجود مجموعة من الارتباطات لا وجود لها علميا.
رابعًا: استنتاج علاقة سببية من الارتباط، ارتباط شيئين أو حدثين، لا يعنى وجود علاقة سببية بينهما. «عندما يتلازم متغيران أو يرتبطان، لا ينبغى لنا بالضرورة أن نفترض وجود علاقة سببية مباشرة بينهما، فهناك تفسيرات أخرى محتملة».
خامسًا: منطق «إذا وقع حدثان متتاليان»، فالحدث التالى يكون بسبب الحدث الأول: ليس بالضرورة أن يكون الحدث (أ) سببا فى وقوع الحدث (ب) لمجرد أنه وقع أولا.
سادسًا: التعرّض لعينة مختارة، كثيرًا ما نخلط بين عينة عشوائية وعينة مختارة أو منحازة. تغذى التغطية المغلوطة لوسائل الإعلام هذا الخلط. وغالبًا ما يقع المعالجون النفسيون، كثير من المشتغلين فى العلوم الاجتماعية الأخرى، بهذا الخلط. يميل الأطباء، مثلا، إلى المبالغة فى تقدير درجة صعوبة الإقلاع عن التدخين من قبل المدخنين، لأنهم يتعرضون لعينة منحازة.
سابعًا: التفكير بمنطق درجة التمثيل، غالبا ما نقيم تشابها بين شيئين على أساس التماثل الظاهر، «إذا كنا نسير فى الشارع ورأينا رجلا مقنعًا يعدو خارجًا من بنك ممسكًا بيده بندقية، سنحاول الابتعاد عنه قدر الإمكان. يرجع ذلك إلى أن الرجل «يمثل»، أى يشبه إلى حد بعيد سارقى المصارف كما تصوره الأفلام، لكن قد تكون هذه مزحة، أو عملية تصوير فيلم تجرى فى المكان». لكن الحرص أفضل من الندم.
ثامنًا: الطرح المضلل للموضوعات فى وسائل الإعلام: كثيرًا ما تتناول وسائل الإعلام ظواهر نفسية عديدة، وربما ينطبق الأمر على أغلب المعلومات العلمية، لكنه تناول تعوزه الدقة.
تاسعًا: التهويل فى التعبير عن جوهر الحقائق، بعض خرافات علم النفس، وربما أغلب الخرافات، ليست خاطئة تمامًا، لكنها تكون مبالغات.
عاشرًا: الخلط فى المصطلحات: يرى كثير من الناس أن الأشخاص المصابين بالفصام يمتلكون شخصيات متعددة، ويعود هذا الاعتقاد المغلوط إلى تفسير مصطلح «فصام» الذى يعنى «عقلًا منقسمًا».
ولا شك أننا تعلمنا مجموعة من "الحقائق" الأخرى من صناعة علم النفس الشعبى، فهذه الصناعة تضم شبكة ممتدة من مصادر المعلومات اليومية عن السلوك الإنسانى، بما فى ذلك برامج التليفزيون، وبرامج الراديو التى يتواصل فيها المستمعون مع الضيوف هاتفيا وأفلام هوليوود، وكتب مساعدة الذات، والمجلات التى تباع فى الأكشاك والصحف الصفراء الشعبية "التبلويد" ومواقع الانترنت على سبيل المثال: تخبرنا صناعة علم النفس الشعبى:
أننا نستخدم 10 فقط من قدراتنا العقلية
ذاكرتنا تعمل كما تعمل أشرطة الفيديو أو أجهزة التسجيل
من الأفضل عند الغضب أن نعبر عن ذلك الغضب مباشرة بدلا من أن نكبته داخلنا
معظم الأطفال الذين تعرضوا للاعتداء الجنسى يتحولون بدورهم إلى معتدين جنسيا عندما يكبرون.
الأفراد المصابون بالفصام لديهم شخصيات متعددة.
الناس يميلون إلى الإتيان بسلوكيات غريبة فى أوقات اكتمال القمر.
من خلال الكتاب سنعلم أن كل هذه "الحقائق" الست هى خيالات فى واقع الأمر.
خطة الكتاب:
يقسم الكتاب الخرافات إلى أحد عشر فصلًا، يتناول فيها خرافات فى: «قدرة الدماغ» أى الخرافات الشائعة حول المخ والإدراك؛ «من المهد إلى اللحد» أى الخرافات عن النمو والشيخوخة؛ «ذكرى ما مضى» وفيه خرافات عن الذاكرة؛ «تعلم مهارات جديدة» وفيه خرافات عن الذكاء والتعلم؛ «تبدل حالات الوعى» وفيه خرافات عن الوعى؛ «شىء فى صدرى» وفيه خرافات عن العواطف والدوافع؛ «الكائن الاجتماعى» وفيه خرافات عن سلوك التعامل؛ «اعرف نفسك»، وفيه خرافات عن الشخصية؛ «حزين وغاضب ومزعج» وفيه خرافات عن المرض العقلى؛ «اضطراب فى المحكمة»، وفيه خرافات عن علم النفس والقانون؛ «مهارات وعقاقير»، وفيه خرافات عن العلاج النفسى.
"خرافات" تمحوها حقائق
يتناول مؤلفو الكتاب "50" خرافة بالدراسة والفحص، ويحددون مصادر تلك الخرافات، وأسباب تصديق الناس لها، وما تقوله الأبحاث العلمية المنشورة بشأنها. ويهدم مؤلفو الكتاب أيضًا إجمالى "250 "خرافة أخرى فى صورة بسيطة تعتمد على ذكر الخرافة والحقيقة التى تنقضها.
ويبدأ فى إلقاء الضوء عبر فصوله "11" على عالم الخرافات علم النفس الواسع، ففى الفصل الأول نلتقى بالخرافة رقم واحد: "معظم الناس لا يستخدمون إلا 10% فقط من قدرة المخ"، وحين نسمع هذه العبارة التى ترتدى ثوب العلم ترتسم عادة ملامح الإحباط على وجوهنا حالما نقرأ أو نسمع هذه العبارة، لكن هذا غير صحيح، رغم انتشار هذه الخرافة حتى بين دارسى علم النفس والأشخاص الذين تلقوا تعليما جيدا.
وإليك بعضًا من الخرافات الأخرى التى لحقت بعلم النفس ناقشها الكتاب:
خرافة.. ترتيب الطفل يؤثر على شخصيته
لا يوجد ما يثبت ذلك، فترتيبه بصفته المولود الأول أو الأخير أو حتى الطفل الوحيد لن يُشكِّل فارقا، إذ أشار استقصاء نُشر فى 2019 إلى عدم وجود أى دليل يدعم فرضية التأثير الناجم عن ترتيب المواليد فى الأسرة. فى عام 2015، حلَّل علماء النفس الألمان بيانات من آلاف الأشخاص، والمفاجأة أنهم لم يجدوا أى علاقة مثيرة للانتباه تربط بين ترتيب المواليد وتمتُّعهم بصفات مثل التوافق أو الوعى أو الخيال.
خرافة.. الحاسة السادسة ظاهرة علمية
ربما أن حاجتنا القوية إلى أن نؤمن بشىء أكبر منا، بحقيقة تقع وراء ما "تستطيع الحواس أن تدركه" تدعم الإيمان بوجود قوى خارقة للطبيعة، ولكن ربما كان السبب الأكثر تأثيرًا فى نشر الاعتقاد فى وجود الحاسة السادسة هو أن تجاربنا الشخصية أحيانا تكون استثنائية للغاية لدرجة لا تقبل معها التفسير العادى.. يقول الكثير من العلماء إن الحاجز العملى الذى يقف أمام الإقرار بوجود ظاهرة الحاسة السادسة يجب أن يكون عاليا جدا، فوجود مثل هذه الظاهرة فى حد ذاته يتعارض مع قوانين الفيزياء المعترف بها الخاصة بالمكان والزمان والمادة.
خرافة: النصف الأيمن والإبداع والأيسر والتنظيم:
الاعتقاد الشائع بأن دماغك يملك نصفين يُسيطران على مهارات معينة ليس سوى خرافة، فالسؤال الشهير حول ما إن كنت مبدعا ومليئا بحس البصيرة، أم أن تفكيرك مُتأنٍّ وأكثر منطقية، يستند فى الأصل إلى خرافة شائعة تُروِّج إلى أن النصف الأيمن من المخ يسيطر على أدمغة المفكرين التلقائيين، فى حين أن المفكرين التحليليين يسيطر عليهم الجانب الأيسر.
خرافة.. تنشئة الأطفال بأسلوب متشابه
كيف صرت إلى ما أنت إليه؟!
هذا بالتحديد أهم سؤال يمكننا أن نطرحه عن الشخصية، إذا فكرت فى الأمر دقائق فربما توصلت إلى مجموعة كبيرة من الأجوبة. أما إن كنت كالغالبية العظمى من الأفراد فثمة احتمال كبير أن يأتى كثير من أجوبتك مرتبطا بالطريقة التى رباك بها أبوك، مثل أن تقول: "إننى على خلق لأن أبواى علمانى قيما نبيلة" أو أن تقول: "إننى شديد الجرأة لأن أبى أرادنى أن أخوض مخاطر كثير فى الحياة".
لا شك أن الأطفال يغلب عليهم تشابه نسبى مع آبائهم وأمهاتهم وذلك فى جميع سمات الشخصية تقريبا، لكن هذه النتيجة لا توضح أن هذا التشابه فى الصفات نتج عن تشابه الظروف البيئية، لأن الآباء والآمهات البيولوجيين يتماثلون مع أطفالهم ليس فى البيئة التى يعيشون فيها فحسب، بل فى جيناتهم الوراثية أيضا، لذلك لابد لنا لإثبات صحة "فرضية التنشئة" أن نقف على وسائل منهجية لفصل الجينات الوراثية عن الظروف البيئية.
خرافة.. الخيانة الزوجية إدمان
يستخدم البعض اصطلاح "الإدمان الجنسى" مُبرِّرا للخيانة الزوجية (بمعنى أنه يقول: "الأمر خارج عن إرادتى فأنا مريض")، لكن الإدمان الجنسى نادر الحدوث جدا. ومن وجهة نظر علمية، لن تجد مصطلح "إدمان الجنس"، يرى مارك جريفيث، عالِم النفس فى جامعة نوتنجهام ترنت فى بريطانيا، وهو باحث فى مجال الإدمان، أن بإمكاننا إدراج عادة معينة تحت اسم إدمان بناء على ستة معايير، وهى استخدام العادة/الشيء -مثل الهيروين أو القمار أو المواد الإباحية أو الجنس- لتحسين الحالة المزاجية، واستحواذها على أفكار الشخص حتى فى غيابه، وتسبُّبها فى صراعات داخلية أو شخصية واضحة، فضلا عن التحمُّل البيولوجى الذى يعنى زيادة استهلاك الشىء أو النشاط نفسه لتحقيق التأثير نفسه بمرور الوقت، ووجود أعراض واضحة نفسية أو فسيولوجية للانسحاب، وأخيرا، غالبا ما يرتبط النشاط الإدمانى دوما بوجود خطر الانتكاس.. فيما يتعلَّق بالسلوك الجنسى، يقول جريفيث: "إن عدد الأشخاص الذين يُحقِّقون المعايير كافة الخاصة بالإدمان قليل جدا". الفكرة هنا أن الأفراد الذين يسيطر عليهم الإدمان السلوكي، سواء تمحور حول الجنس أو المقامرة أو ممارسة أى نشاط آخر، ينخرطون فى المشكلات السلوكية الناتجة عن الإدمان بدلا من السلوك الإدمانى نفسه.
خرافة.. التقدم فى العمر يزيد الشعور بالتذمر
العديد من الناس يظنون أن نسبة كبيرة من المسنين يصابون بالوحدة والاكتئاب وحدة الطبع، ويفتقرون إلى الشعور بالرغبة الجنسية، وأنهم إما يصابون بالشيخوخة أو بأعراض مبكرة لها.. الوصول إلى سن التقاعد لا يعنى الدخول فى حالة من الاكتئاب وتراجع الرغبة الجنسية، ومع ذلك يشعر الناس بطبيعة الحال برهبة التقدم بالسن عامة.
إنه لأمر طبيعى أن يتعرض الإنسان لضعف طفيف بالذاكرة مع تقدم العمر ويتضمن هذا الضعف درجة بسيطة من درجات النسيان وصعوبة فى استرجاع الكلمات أثناء الحديث، ولكن فقدان الذاكرة الحاد المرتبط بمرض ألزهايمر وأنواع الخرف الأخرى ليس من المضاعفات المرتبطة بتقدم السن. حتى فى الثمانين من العمر لا يتراجع مستوى الذكاء العام والمهارات اللفظية عما كانا عليه كثيرا فى المراحل العمرية الأقل.
الظن الخاطئ الأخير عن كبار السن أنهم لا يستطيعون اكتساب مهارات جديدة أو أنهم لا يستطيعون التعامل مع الأجهزة الحديثة.
خرافة.. التنويم المغناطيسى يستعيد ذكرياتنا المنسية
إن تاريخ المعتقدات القائلة بقدرة التنويم المغناطيسى على تحفيز الذاكرة تاريخ طويل شهد فى بعض الأحيان تأرجحا بين النجاح والفشل.. الخلاصة هى أن النتيجة القائلة إن التنويم المغناطيسى يمكن أن يعزز الذكريات الزائفة لدى بعض الأشخاص هى نتيجة لا تقبل المناقشة. ربما تبدو خطوة اتصالك بمنوم مغناطيسى ليساعدك على أن تعرف المكان الذى فقدت فيه خاتمك المفضل منذ سنوات مغرية للغاية، ولكننا ننصحك ببساطة بمتابعة البحث عن ذلك الخاتم.
أزمة منتصف العمر.. خرافة
يمر معظم الناس بأزمة منتصف العمر فى الأربعينيات أو فى أوائل الخمسينيات من عمرهم: ظهر مصطلح أزمة منتصف العمر فى 1965، واستغلته صناعة السينما كثيرًا، لكن الأسانيد العلمية لا تدعمه كثيرًا. ومثلًا، تزيد حالات الطلاق فى المرحلة العمرية التى تسبق مرحلة «الأزمة» عن الحالات التى تقع فى سنى الأزمة المفترضة. بالإضافة إلى أن مرحلة منتصف العمر ممكن أن تشهد ذروة الأداء النفسى السليم. ولا توجد أدلة علمية كثيرة تؤيد الاعتقاد الشائع بأن النساء يعانين حالة مماثلة لأزمة منتصف العمر التى يمر بها الرجال عندما يرحل الأبناء عن البيت، أو ما يسمى «متلازمة العش الخالى».
خرافة.. ينتحر من يصابون بالاكتئاب فقط
ثمة أسباب أخرى للاعتقاد فى أن الاكتئاب ليس بالضرورة المؤشر الوحيد أو حتى أكثر المؤشرات أهمية على الانتحار. أولا: فى بعض الدراسات كان اليأس أقوى من الاكتئاب نفسه فى التنبؤ بالانتحار، وربما يرجع ذلك إلى احتمال أن يقتل الناس أنفسهم عندما لايرون أى وسيلة للهرب من العذاب النفسى، ثانيا: على الرغم من أن الاكتئاب "يقل"فى هذه السن الكبيرة ، فمعدلات "ترتفع" ارتفاعا حادا فى هذه السن بين الرجال.
خرافة.. معظم المرضى العقليين يتسمون بالعنف
تشير أفضل التقديرات إلى أن 90% أو يزيد من الأفراد المصابين بأمراض نفسية، بما فى ذلك الفصام لا يقبلون مطلقا على ارتكاب أفعال عنيفة، بالإضافة إلى ذلك يحتمل أن يكون المرض النفسى الحاد سببا فيما يقرب من 3% إلى 5% من جراثم العنف.. لكن أفلام هوليوود تصور عكس ذلك تماما.
خرافة.. الاكتئاب مُتعلِّق بجين فى الإنسان
منذ أوائل التسعينيات من القرن الماضى، اهتم الباحثون فى الطب النفسى بمعرفة الجينات التى لها تأثير كبير على خطر إصابة الشخص باضطرابات نفسية، لكن لم يستطع العلماء فى النهاية تقديم دليل موثَّق على وجود أى جين مُتغيِّر يُسبِّب مرضا عقليا. فى وقت سابق من هذا العام، توصَّل فريق بحثى إلى عدم ظهور أى نوع من الجينات ال18 التى رشَّحتها الدراسات السابقة وأشارت إلى ارتباطها الوثيق بالاضطرابات النفسية.
حقيقة أنه لا يوجد جين معين خاص بالاكتئاب أو الفصام أو أى اضطراب نفسى آخر. لكن احتمالية تعرُّض المرء للقلق أو نوبة من الاكتئاب الشديد أو التوحُّد مرتبط إلى حدٍّ ما بالوراثة، كما يوضِّح كيفين ميتشل، عالِم فى مجال الوراثة العصبية فى كلية ترينيتى بجامعة دبلن بأيرلندا: "ستتعرَّض بنسبة أكبر لخطر الإصابة بالاكتئاب إن كان يعانى شقيقك أو والدك منه، وينطبق الشىء نفسه على الفصام وجميع الاضطرابات النفسية".
وفى النهاية يقدم لنا الكتاب نخبة من «اكتشافات علم النفس التى يصعب تصديقها، لكنها صحيحة»، مثل الاكتشاف القائل إن «أمخاخنا تحتوى على ما يقرب من ثلاثة ملايين ميل من الوصلات العصبية إلى الوصلات الموجودة بين خلايا المخ، ولو مدت لوصلت القمر وعادت 12 مرة». والاكتشاف القائل إن «المرضى الذين عانوا من سكتات دماغية فى الفص الجبهى الأيسر، مما أدى الى فقدان شديد للنطق عندهم، يمتازون عن غيرهم من الأفراد الأصحاء فى تمييز الكذب».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.