في مشهد يكشف عن ازدواجية الاحتلال الإسرائيلي وتلاعبه بمسارات التهدئة، ورغم اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي بدأ سريانه في 19 يناير الماضي، لكن الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين توالت دون توقف، فلم تقتصر المعاناة على فترة الاحتجاز، بل امتدت إلى لحظات الإفراج وما بعدها. وبينما توثق المنظمات الحقوقية مشاهد القهر والتنكيل، تتوالى التقارير عن أساليب الاحتلال الممنهجة لإذلال الأسرى الفلسطينيين، وصولًا إلى استخدام الدعاية الإعلامية لتخويفهم وبث الرعب في نفوسهم. ورغم سريان اتفاق تبادل الأسرى، واصلت إسرائيل انتهاك حقوق الأسرى والتعامل معهم بوحشية، ما يثير استياء المجتمع الدولي، وخصوصًا اللجنة الدولية للصليب الأحمر. انتهاكات ممنهجة شهدت الدفعات الأخيرة من الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين سلسلة من الخروقات التي تعكس نية الاحتلال في المراوغة وعدم الالتزام بالاتفاقيات، حيث تمثلت أبرز هذه الانتهاكات في: تأخير عمليات الإفراج: كان من المفترض الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين في الدفعة الثالثة عند الساعة الواحدة ظهرًا، إلا أن الاحتلال ماطل حتى الساعة الخامسة مساءً دون مبرر. التنكيل بالأسرى أثناء الإفراج عنهم: وثقت تقارير حقوقية تعرض عدد من الأسرى للضرب أثناء إطلاق سراحهم من السجون الإسرائيلية. التلاعب بقوائم المفرج عنهم: عمد الاحتلال إلى تغيير بعض الأسماء دون تنسيق مسبق، ما أدى إلى اضطراب في تنفيذ الاتفاق. حرمان العائلات من لقاء الأسرى المبعدين: رفضت سلطات الاحتلال السماح لعائلات الأسرى المبعدين بمغادرة الضفة الغربية لزيارتهم، في خطوة تهدف إلى تشتيت الأسرى والضغط النفسي عليهم. الحالة الصحية.. إهمال وتنكيل نقلت الإذاعة الفلسطينية عن الهلال الأحمر، السبت الماضي، أنه تم نقل 7 أسرى فلسطينيين، أُفرج عنهم ضمن الدفعة الخامسة، إلى المستشفى لتلقي العلاج نظرًا لسوء وضعهم الصحي، ولم يوضح الهلال الأحمر تفاصيل بشأن حالتهم، إلا أن تقارير ميدانية أكدت تعرضهم لسوء معاملة ممنهج داخل المعتقلات، شمل التعذيب النفسي والجسدي. وفي ظل الاتفاق القائم منذ 19 يناير، والذي ينص على الإفراج عن المحتجزين في غزة مقابل معتقلين فلسطينيين، لا تزال إسرائيل تواصل انتهاكاتها، مما يضع مصير الاتفاق برمته على المحك. نشر الخوف في نفوس الأسرى نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية تصريحات لمسؤول في مصلحة السجون الإسرائيلية، كشف فيها عن إجراءات الاحتلال لضمان خروج الأسرى الفلسطينيين وهم في حالة ضعف نفسي، حيث يتم نقلهم في حافلات ذات نوافذ معتمة لمنعهم من التفاعل مع الجمهور الفلسطيني. كما كشفت مصادر عبرية عن خطة معدة مسبقًا لعرض مقاطع فيديو على الأسرى الفلسطينيين قبل الإفراج عنهم، تتضمن مشاهد الدمار الذي خلفه العدوان الإسرائيلي على غزة، بهدف بث الرعب في قلوبهم وخلق حالة من الردع النفسي. إضافة إلى ذلك، وُزعت أساور على الأسرى كتب عليها: "الشعب الأبدي لا ينسى، سألاحق أعدائي وأدركهم"، في إشارة تهديد واضحة لهم بعد الإفراج عنهم. غضب دولي أثارت السياسات الإسرائيلية بحق الأسرى المحررين استياء اللجنة الدولية للصليب الأحمر، حيث نقلت صحيفة "هآرتس" العبرية عن مصدر أمني قوله إن الصليب الأحمر أعرب عن غضبه من الأسلوب الذي تعاملت به مصلحة السجون الإسرائيلية مع الأسرى الفلسطينيين أثناء الإفراج عنهم. ووفقًا للتقارير، ظهر الأسرى وهم مكبلون بالأصفاد، مع إجبارهم على رفع أيديهم المقيدة فوق رؤوسهم، في مشهد اعتبرته المنظمات الحقوقية "إهانة وإذلالًا متعمدًا". وتقدم الصليب الأحمر بشكوى رسمية، معترضًا على هذه الممارسات التي تنتهك الأعراف الدولية وحقوق الأسرى. كشف نادي الأسير الفلسطيني عن مستوى الجرائم والانتهاكات التي تعرض لها المعتقلون، حيث أُخضعوا لتعذيب غير مسبوق منذ السابع من أكتوبر، إضافة إلى حرمانهم من الطعام والعلاج، وإصابتهم بأمراض جلدية مثل الجرب نتيجة الظروف غير الإنسانية في المعتقلات. كما وثّق النادي تعرض الأسرى للضرب المبرح قبل الإفراج عنهم، ما أدى إلى إصابات خطيرة، من بينها كسور في الأضلاع. وأشار النادي إلى أن الاحتلال لا يكتفي بإيذاء الأسرى جسديًا ونفسيًا، بل يمتد إرهابه إلى عائلاتهم عبر الضغوط والتهديدات، فضلًا عن فرض قيود على الاحتفالات الشعبية التي تُقام بمناسبة الإفراج عنهم. نتنياهو يهدد وحماس ترد تصاعدت حدة التوتر السياسي والعسكري بعد تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي ردد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن وقف إطلاق النار سينتهي إذا لم يتم الإفراج عن جميع المحتجزين الإسرائيليين بحلول ظهر السبت. في المقابل، أعلنت حركة حماس تعليق تنفيذ المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى، متهمة إسرائيل بخرق الاتفاق. ووفقًا لمصادر سياسية إسرائيلية، فإن الحكومة تتوقع إطلاق سراح تسعة محتجزين إسرائيليين خلال الأيام القادمة، إلا أن تعنت الاحتلال قد يؤدي إلى انهيار الصفقة بالكامل. ووسط هذه الأجواء المشحونة، صدرت أوامر عسكرية بحشد القوات الإسرائيلية داخل قطاع غزة وفي محيطه، ما ينذر باحتمالية اندلاع مواجهة جديدة قد تعيد المنطقة إلى مربع التصعيد العسكري.