يعيش قطاع غزة على وقع خروقات إسرائيلية متكررة منذ بدء سريان وقف إطلاق النار في 19 يناير 2025، حيث لم تلتزم إسرائيل بالاتفاق المبرم، مواصلة انتهاكاتها الميدانية ضد الفلسطينيين. وفي ظل هذه التجاوزات، يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تصعيد خطابه العسكري، ملوحًا باستئناف القتال في حال لم تستجب حركة حماس لمطالبه، وبين التهديدات المتبادلة والمواقف الدولية المتباينة، يبدو أن المنطقة على شفا مرحلة جديدة من التوتر، قد تعيد إشعال فتيل الصراع في أي لحظة. عشرات الخروقات إسرائيلية منذ بدء سريان وقف إطلاق النار في 19 يناير وحتى 11 فبراير 2025، سجلت قوات الاحتلال الإسرائيلي عشرات الانتهاكات الميدانية وصلت لنحو 171 خرقا ميدينا وعسكريا، والتي تركزت في: توغل عسكري متكرر: شهدت مناطق دوار العودة، تل زعرب، حي السلام، تل السلطان، والحي السعودي عمليات توغل يومية من قبل آليات الاحتلال، إضافة إلى هدم 4 منازل في حي البراهمة خارج نطاق المنطقة العازلة. إطلاق النار على المدنيين: سجلت قوات الاحتلال 36 حالة إطلاق نار مباشر على الفلسطينيين خارج المناطق العازلة، ما أسفر عن استشهاد 22 شخصًا وإصابة 59 آخرين. تحليق طيران الاستطلاع: اخترقت الطائرات الإسرائيلية الأجواء في فترات المنع المحددة، حيث تم رصد 105 خروقات جوية خلال هذه الفترة. استهداف الصيادين والمواطنين: منعت القوات الإسرائيلية الصيادين الفلسطينيين من النزول إلى البحر، وأطلقت النار عليهم، كما احتجزت 5 سائقين وصيادين. تأخير الانسحاب العسكري: تعمدت قوات الاحتلال تأخير انسحابها من شارع صلاح الدين حتى الساعة الرابعة فجرًا في 22 يناير، بحجة عدم إتمام انسحاب الآليات. نتنياهو يلوح بالحرب في خطاب تصعيدي جديد، هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإلغاء وقف إطلاق النار واستئناف العمليات العسكرية ضد غزة، إذا لم يتم إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين بحلول ظهر السبت. وقال نتنياهو في بيان رسمي: "إذا لم تُفرج حماس عن رهائننا، فإن الجيش الإسرائيلي سيعود إلى القتال المكثف حتى تحقيق هزيمة نهائية لحماس". وجاءت تهديدات نتنياهو متوافقة مع تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الذي صرح: "إذا لم تستجب حماس، فسوف نفتح عليها أبواب الجحيم". هذه التصريحات تزامنت مع موقف أمريكي مشابه، حيث أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى أن إسرائيل يجب أن تستأنف العمليات العسكرية إذا لم يتم تنفيذ المطالب الإسرائيلية في الوقت المحدد. رد حماس في المقابل، أعلنت حركة حماس تعليق تنفيذ المرحلة الثانية من صفقة إطلاق سراح المحتجزين، متهمة إسرائيل بانتهاك الاتفاق المبرم بين الطرفين. ووفقًا لمصدر سياسي إسرائيلي، نقلت عنه صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية فإن حكومة الاحتلال تتوقع إطلاق سراح 9 محتجزين إسرائيليين خلال الأيام المقبلة، إلا أن عدم تنفيذ ذلك قد يؤدي إلى تصعيد جديد. وبينما تحاول الدبلوماسية الدولية إيجاد مخرج لهذه الأزمة، صدرت أوامر عسكرية إسرائيلية بحشد القوات داخل قطاع غزة وفي محيطه، ما يعكس استعدادًا إسرائيليًا لأي تصعيد محتمل. احتجاجات داخل إسرائيل لم تقتصر تداعيات هذه الأزمة على غزة فقط، بل امتدت إلى الداخل الإسرائيلي، حيث تصاعدت الاحتجاجات من قبل عائلات المحتجزين الذين يخشون أن تؤدي قرارات الحكومة إلى تعريض حياة ذويهم للخطر. وأصدر أهالي المحتجزين بيانًا جاء فيه: "لقد التزمنا بقرار إعادة جميع المحتجزين في إطار الاتفاق، ولا ينبغي لنا أن نعود إلى الوراء". ومع تزايد الضغط الشعبي، يجد نتنياهو نفسه في موقف صعب، إذ يواجه معارضة داخلية تطالبه بإيجاد حلول دبلوماسية بدلًا من التصعيد العسكري. استعداد جيش الاحتلال في خضم هذه التوترات، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن إعلان حركة حماس تعليق تنفيذ الصفقة يعد انتهاكًا صارخًا لاتفاق وقف إطلاق النار، مشددًا على أن الجيش الإسرائيلي على أهبة الاستعداد لأي تصعيد محتمل. وقال كاتس: "لن نسمح بتكرار أحداث 7 أكتوبر 2023، ووجهتُ الجيش بالاستعداد لأي سيناريو محتمل". وسط هذا المشهد المضطرب، تتأرجح الأوضاع في غزة بين مسارين متناقضين، إما استئناف القتال واستمرار النزيف، أو نجاح الجهود الدبلوماسية في احتواء الأزمة.