في الوقت الذي كان يقود فيه رئيس مباحث مركز شرطة أبو المطامير سيارته عائدًا إلى منزله بعد يوم عمل شاق، متمنيًا أن ينال قسطًا من الراحة ليعود مرة أخرى إلى عمله في ملاحقة المجرمين واللصوص، تلقى إشارة من جهازه اللاسلكي بالعثور على جثة شخص بمصرف مياه.. انحرف رئيس المباحث بسيارته بسرعة، نسى إرهاقه وانطلق نحو مسرح الحادث ليبدأ تحقيقاته في قضية القتل، ومعه توجه ضباط وحدة مباحث مركز شرطة أبوالمطامير، لمكان البلاغ، وتم التحفظ على الجثة تحت تصرف النيابة العامة وتحرر محضر بالواقعة.. كانت المهمة الأولى هي معرفة هوية القتيل، ثم الدافع وراء ارتكاب جريمة القتل، خاصة أنه عثر عليه مطعونا بعدة طعنات وهذا يؤكد أن هناك شبهة جنائية في الوفاة. تمكن رجال المباحث من معرفة هوية المجني عليه؛ فاسمه السيد علي، تاجر خردة، بدأ رجال المباحث يكثفون جهودهم لكشف اللغز، وكان الخيط الأول هو البحث في دائرة علاقات المجني عليه وهل له أعداء أم لا؟، ثم الخيط الثاني وهو كاميرات المراقبة، والتي كشفت الحقيقة كاملة ولماذا جاءت نهاية السيد دامية بهذا الشكل.. حينما رصدت تلك الكاميرات أن المجني عليه مستقل مركبة نارية بصحبة شخص آخر وهما متجهان نحو المصرف، وبعد دقائق عاد الشخص الغامض بمفرده، فمن هذا الشخص ولماذا قتله؟!.. قبل أن نحكي ماذا حدث دعونا نعود بالأحداث لعامين للخلف.. صداقة ولكن! كما ذكرنا المجني عليه يدعى السيد علي، متزوج ولديه حياته العائلية، يعمل تاجر خردة، ذات يوم تعرف على شخص يدعى أشرف يعمل صيادا، نشأت بينهما علاقة صداقة قوية، اتخذه أشرف صديقا وأخا.. يستضيفه في بيته كل ليلة، يأكلان ويشربان سويا، يتسامران ليلا، يحكي له أدق مشكلاته حتى خلافاته مع زوجته. فأشرف، رجل متزوج ولديه من الأبناء، خمس بنات تترواح أعمارهن من 6 سنوات وحتى 20 عاما، ولأن الحياة لا تسير على وتيرة واحدة، فقد دبت المشكلات بين أشرف وزوجته، وأصبحت الحياة بينهما عبارة عن حلبة صراع، خاصة مع زيادة متطلبات الأسرة، فقررت الزوجة ترك عش الزوجية، حاول أشرف مرارًا وتكرارًا أن يعيدها له مرة ثانية لكنه فشل، فاستعان بصديقه السيد لكي يؤثر على الزوجة ويقنعها بالعودة لبيتها وبناتها، لكن الزوجة رفضت العودة، طلب السيد من أشرف أن يمهلها بعض الوقت، لكن من هنا بدأت تسيطر على أشرف الهواجس وأن حال زوجته انقلب رأسًا على عقب منذ أن دخل صديقه السيد بيته، الشيطان صور له أن هناك علاقة غير شرعية بين صديقه وزوجته، فالجملة التي قالتها له قبل أن تترك عش الزوجية: «أنت مش راجل في بيتك زي السيد» ظلت تتردد بداخله، فسيطر الشك عليه، وتملكته مشاعر الغضب والحقد، جرى الدم في عروقه، تطايرت من عينيه شرارة الحقد، حاله هو الآخر انقلب رأسا على عقب، لم تذق عيناه طعما للنوم، الشك يزداد بداخله، تحول أشرف إلى شبه حطام، لم يعد قادرًا على ترك الأفكار السوداء من رأسه، فقرر– متوهمًا - أن يثأر لشرفه الذي مرغته زوجته في التراب، انتفض من على فراشه، استل سكينا من المطبخ واتجه نحو السيد، لم يترك لنفسه فرصة أن يتيقن من شكوكه، اتصل بصديقه وطلب منه أن يقابله في الطريق، أخذه خلفه على مركبته النارية، وسار معه نحو المصرف وهناك تشاجر معه ولم يعطه فرصة للدفاع عن نفسه ثم طعنه عدة طعنات وألقى به في المصرف وعاد لبيته ليمارس حياته وكأنه لم يفعل شيئا، اعتقد أنه بذلك ثأر لكرامته وشرفه الذي مرغته زوجته في التراب دون حتى أن يتأكد من شيء!، اعتقد أنه سيفلت من جريمته، لكنه فاق من أحلامه ورجال المباحث يدقون بابه للقبض عليه بتهمة قتل صديقه السيد، وهناك أمام النيابة لم يصمد طويلا واعترف بجريمته وأن الدافع هو الثأر لشرفه، أمرت النيابة بحسبه وتحولت القضية لمحكمة الجنايات. النطق بالحكم ظلت القضية متداولة داخل ساحة المحكمة على مدار ثلاث جلسات، ويوم جلسة النطق بالحكم طلب القاضي زوجة المتهم للشهادة، فوجدت نفسها في موقف عصيب أثناء محاكمة زوجها أمام محكمة جنايات دمنهور، بعدما تحتم عليها الاختيار، إما تبرئة شرفها أو إنقاذ رقبة شريك حياتها ووالد بناتها الخمسة على حساب سمعتها، لكنها اختارت شرفها وسمعتها وأنكرت كلام زوجها الذي لم يكن عليه أي دليل، وبعد شهادة الزوجة، ترافع محامي المجني عليه والذي أكد للمحكمة أن المتهم قتل صديقه مرتين؛ الأولى عندما أنهى حياته ويتم أولاده ورمل زوجته، والثانية عندما طعنه في شرفه دون أي دليل، فقضت محكمة جنايات دمنهور، برئاسة المستشار سامح عبدالله رئيس المحكمة، بإحالة أوراق المتهم إلى مفتي الديار المصرية لأخذ الرأي الشرعي في إعدامه، وحددت جلسة 20 فبراير المقبل للنطق بالحكم. تواصلنا مع سعيد شداد محامي المتهم لمعرفة تفاصيل أكثر عن القضية، وما هي الخطوة القادمة، فقال: «القاتل معترف بالجريمة، وأن الدافع هو الثأر لشرفه كما يقول، وعندما وجد حال زوجته تغير وتركت البيت، زادت شكوكه، فقرر الانتقام، ونفذ جريمته، وعندما تم القبض عليه لم ينكر واعترف بكل شيء». وأضاف المحامي: «المحكمة قضت بإحالة أوراق المتهم للمفتي وحددت جلسة 20 فبراير المقبل للنطق بالحكم، وطبعا هناك استئناف على الحكم الصادر وسوف أسعى بكل قوتي لتخفيف الحكم على المتهم». اقرأ أيضا: إحالة أوراق صياد بالبحيرة للمفتي