منذ دخوله البيت الأبيض فى العشرين من يناير الماضى والرئيس ترامب يصدر قرارات وتصريحات مثيرة، بدأها بإلغاء الإجراءات العقابية التى اتخذها الرئيس الأمريكى السابق جو بايدن ضد المستوطنين الذين تورطوا فى الاعتداء على المدنيين الفلسطينيين فى قرى الضفة الغربية، ثم أكملها بوقف فورى لكل المساعدات الخارجية الأمريكية ومن ضمنها مساهمات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، وتوقيع قرار بالانسحاب من مجلس حقوق الإنسان الدولى بحجة أنه معاد لدولة الاحتلال. لم يكتف بهذه الإجراءات التى تبعتها الرغبة فى تهجير سكان قطاع غزة وتقديم غزة هدية لهم من قبل الاحتلال ليبنى بها ريفيرا الشرق الأوسط، بل هاجم الجنائية الدولية واعتبرها معادية لأمريكا، وأنه لن يسمح الجنائية الدولية بالمس بحلفاء الولاياتالمتحدةالأمريكية وعلى رأسها إسرائيل، متهمًا دولة جنوب إفريقيا بالمس بالأمن القومى الأمريكى ومعادية لها، مهددًا جنوب إفريقيا باتخاذ خطوات صعبة ضدها. هذه السلوكيات قد نشهد الكثير مثلها خلال الفترة المقبلة ولكن ما جعل المنطقة موحدة هو طرحه فكرة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة. فكرة تهجير سكان قطاع غزة الذين ينحدر معظمهم من قرى ومدن فلسطينية هجروا منها عام 1948م ولدت فى خمسينيات القرن الماضى وأمام رفض عربى وفلسطينى لم يتمكن الاحتلال من تنفيذ ذلك خاصة عشية العدوان الثلاثى على جمهورية مصر العربية عام 1956م ثم عاودت الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد أن تطورت علاقاتها مع دولة الاحتلال الإسرائيلى لطرح فكرة توطين فلسطينيى قطاع غزة من خلال طرح مشروع روجرز وزير الخارجية الأمريكى حينها فى سيناء، ولكن أمام رفض مصر لهذا المشروع، ورفض الشعب الفلسطينى سقط هذا المشروع. لم يكف الاحتلال الإسرائيلى والأمريكان عن طرح أفكار مشابهة. كان أهمها مشروع الجنرال الإسرائيلى غيورا ايلاند الذى طرح توسيع قطاع غزة تجاه سيناء ومصادرة مساحة من شمال غزة ومنح جمهورية مصر العربية جزءًا من أرض سيناء مقابل ذلك، وقد رفضت مصر هذا الاقتراح كما رفضه الفلسطينيون. ولكن عندما انسحب الاحتلال الإسرائيلى من قطاع غزة عام 2005م عاد الجنرال غيورا ايلاند لطرح مشروعه من جديد ولكنه أيضًا فشل فى ذلك، ولكن هذا الجنرال لم يكف عن طرح فكرته ووجد ضالته عندما طرح الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مشروع صفقة القرن ووجد أنها مناسبة لأفكاره، وأيضًا تحطم هذا المشروع على صخرة صمود الشعب الفلسطينى وشعوب وقيادات المنطقة. وبعد ان غاب ترامب اربع سنوات وعاد من جديد كان قد حدثت الحرب على قطاع غزة وطرح الإسرائيليون منذ الأيام الأولى فكرة طرد سكان قطاع غزة وتهجيرهم إلى جمهورية مصر العربية مما دفع القيادة المصرية والقيادة الأردنية بالتصريح علنيًا برفض فكرة التهجير لسكان قطاع غزة حيث كان الموقف العربى فى قمة الرياض العربية الإسلامية برفض تهجير السكان الفلسطينيين قسرًا أو طوعًا وتمسك الفلسطينيون بأرضهم، خاصة أن الشعب الفلسطينى تمسك فى أرضه ولم يتركها رغم المجازر التى ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي. عاد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالحكم من جديد ليتبنى مقترحات اليمين الإسرائيلى التى تحرض على تهجير سكان قطاع غزة إلى مصر والاردن أو ألبانيا أو أى مكان آخر مجملاً كلامه برغبته بإعادة بناء قطاع غزة لأنه لم يعد صالحًا للحياة، هذا المقترح الأمريكى كان الرد عليه بمشهد مهيب شاهدنا عودة مئات الآلاف من أبناء شعبنا الفلسطينى الذين نزحوا من الشمال الى الجنوب وقد اصطفوا على مدار يومين لاجتياز حاجزين الأول شارع الرشيد وشارع صلاح الدين أو ما يطلق عليه حاجز نتساريم للعودة إلى ديارهم فى الشمال. أمام تماسك الموقف العربى والفلسطينى لن يستطيع اليمين الإسرائيلى تنفيذ خطته حتى لو ترك غزة طوعًا عشرات الآلاف أو مئات الآلاف فسيبقى من يذود عن غزة ويدافع عنها ولن يجد اليمين الإسرائيلى إلا الفشل. ما زال العرب والفلسطينيون يشرعون أبوابهم للسلام ولكن صناع الكراهية فى دولة الاحتلال الإسرائيلى يصمون آذانهم ولن يجدوا من يوافق على مشاريعهم وستبقى غزة شوكة فى حلق الغزاة.