سميحة شتا و هشام مبارك ومنى العزب ومحمد نعيم ومروى حسن حسين ومحمد جمال الزهيري جاءت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو للعاصمة الأمريكية واشنطن كفرصة لساكن البيت الأبيض الجديد ليفصح عما فى جعبته تجاه الشرق الأوسط وبفجر مفاجأته التى فاقت توقعات كل المحللين كما فاقت أيضا توقعات ناخبيه بل ومؤيديه. وبالغت الإدارة الامريكية فى الترحيب به فخرج من واشنطن محملا بأكثر مما كان يتوقع، خاصة بعد إعلان ترامب عن مقترحه الجديد للشرق الأوسط. كما جاءت موافقة واشنطن على مبيعات لصواريخ وذخائر ومعدات أخرى لإسرائيل بقيمة إجمالية تقدر بنحو 7.4 مليار دولار، بمثابة هدية لنتنياهو تفوق قيمتها بالطبع «البيجر الذهبى» الذى أهداه لترامب فور وصوله. وتكتسب الزيارة أهمية مضاعفة، فبجانب تأثيرها على الأوضاع فى الشرق الأوسط فهى تأتى كأول زيارة خارجية لرئيس الوزراء الإسرائيلى الذى صدر حكم بإدانته من المحكمة الدولية يمنعه من التوجه للكثير من دول العالم إلا ان الإدارة الأمريكية لم تحتف به فقط، بل وتحدَّت المحكمة الدولية حيث وقّع ترامب أمراً تنفيذياً لمعاقبة «الجنائية الدولية» وذلك لاستهدافها الولاياتالمتحدة وحلفائها مثل إسرائيل - على حد قوله. ودخل نتنياهو إلى البيت الأبيض وسط هتافات المتظاهرين الذين احتشدوا أمام البيت الأبيض للتظاهر ضد وجود رئيس الحكومة الإسرائيلية المدان من المحكمة الجنائية فى واشنطن، وهو ما دعا إلى رفع حالة الاستعداد الأمنى فى محيط البيت الأبيض إلى أقصى صورها. وفى المؤتمر الصحفى الذى جمع الرئيس ترامب برئيس الوزراء الإسرائيلى والذى عقد فى القاعة الشرقية، أكبر قاعات البيت الأبيض، طرح ترامب خطته التى تعدَّت تهجير سكان غزة إلى الدول المجاورة ليعلن اعتزامه الاستيلاء على غزة لتحويلها إلى «ريفييرا» على حد تعبيره. وقد أثارت تصريحات ترامب غضب واستياء الكثيرين داخل الولاياتالمتحدة وخارجها بدءا من رفقائه بالحزب الجمهورى وحتى كافة دوائر السياسة وصنع القرار الدولية. وخلال المؤتمر الصحفى الذى حضره نحو 200 صحفي، وامتد لما يقرب من 40 دقيقة ظهر ترامب برفقة نتنياهو، وألقى كلمة قصيرة أكد فيها خصوصية العلاقات مع إسرائيل، وأشاد برئيس الوزراء الإسرائيلى الذى بدأ فى الحديث بعده. وبعد 20 دقيقة، تلقى المسئولان أسئلة من عدد من الصحفيين. وكرد فعل متوقع أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلى بمهارات ترامب الخطابية، مخاطباً سيد البيت الأبيض بالقول: «تتكلّمون من دون مواربة، وترون ما يرفض آخرون رؤيته، وبعد زوال العجب، يحكّ الناس رءوسهم ليتبيّن لهم أنّه -أى ترامب - كان على حقّ». وأفصح نتنياهو لمستشاريه أن هذه الزيارة تعد الاكثر أهمية وتاريخية من بين عشرات الزيارات التى قام بها لواشنطن، وجاءت نتائجها تفوق كافة التوقعات، حيث تم السماح للمسئول الإسرائيلي، المتهم من المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب على خلفية العدوان الأخير على غزة، بتحقيق قائمة من أهدافه الاستراتيجية وقد تبناها الرئيس الأمريكى المنتشى بفوزه بفترة حكم ثانية. وجاءت مفاجأة ترامب للعالم بفكرة استيلاء وسيطرة بلاده على أراضى قطاع غزة، وتحويلها إلى «ريفييرا الشرق الأوسط» لينتقل إليها الناس من جميع أنحاء العالم. مشيرا إلى أنه من الممكن أن ترسل الولاياتالمتحدة قوات إلى غزة «إذا لزم الأمر»، وهو التصريح الذى تم التراجع عنه على لسان كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، لاحقا. ومن جانبه، أعرب نتنياهو عن تأييده لمقترح الرئيس الأمريكى بنقل سكان غزة من القطاع، واصفًا الخطة بأنها «رائعة». وخلال زيارته للعاصمة واشنطن التقى رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بنائب الرئيس الأمريكى جيه دى فانس ومايك والتز مستشار الأمن القومى للولايات المتحدة، ووصف اللقاء ب»الممتاز والدافئ». وأسفر لقاؤه بستيف ويتكوف مبعوث الإدارة الأمريكية للشرق الأوسط عن التقاء لوجهات النظر بين نتنياهو والمسئولين الأمريكيين حول التخلص من قادة حماس وزيادة الضغط على إيران. كما التقى بوزير الدفاع الأمريكى بيتر هيجسيث، قبل أن ينهى زيارته أمس، والتى توقع بعض المحللين ان تكون حول تفاصيل صفقة الأسلحة التى وعدته بها الإدارة الأمريكية. وخلال لقائه برئيس مجلس النواب الأمريكي، مايك جونسون يوم الجمعة، فى مقر الكونجرس أكد نتنياهو قوة العلاقات بين الجانبين. وقال إنه اتفق مع القادة الأمريكيين على منع إيران من تطوير ترسانتها النووية. وأضاف نتنياهو أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فتح المجال مرة أخرى لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل من دون عوائق. مؤكدا أن العلاقات بين إسرائيل والولاياتالمتحدة تزداد قوة يوما بعد آخر تحت قيادة الرئيس ترامب. ودعا نتنياهو رئيس مجلس النواب مايك جونسون لزيارة إسرائيل هذا العام. وأكد رئيس مجلس النواب الأمريكى التزام الولاياتالمتحدة بدعم إسرائيل وعدم التخلى عنها. وقال مايك جونسون فى كلمته إن دعم الولاياتالمتحدة لإسرائيل مستمر ولن يتعرض لاهتزازات، موضحا أن تل أبيب ليست وحدها والولاياتالمتحدة تساندها دائما. والتقى نتنياهو جون ثون زعيم الأغلبية فى مجلس الشيوخ الأمريكي، فى الوقت الذى يشهد فيه الكونجرس الأمريكى انقسامًا بشأن دعم إسرائيل. فبينما يواصل الجمهوريون دعمهم القوى لنتنياهو، يبدى بعض الديمقراطيين تحفظات، خاصة فى ظل الاتهامات الموجهة لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب فى غزة. ونقلت بعض وسائل الإعلام الأمريكية عن نتنياهو أنه يريد أن يطلب من حماس فى مفاوضات المرحلة الثانية التخلى عن السيطرة على غزة ومغادرة كبار مسئوليها إلى الخارج، وفى المقابل، ستنهى إسرائيل الحرب وتطلق سراح الأسرى الذين لم توافق على إطلاق سراحهم فى المرحلة الأولى. وبدوره، نقل موقع أكسيوس الأمريكى عن مصادر، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أبلغ مسئولين أمريكيين أن الحرب فى غزة قد تنتهى إذا نُفيَ قادة حماس خارج البلاد. وخلال لقاءات رئيس الوزراء الإسرائيلى فى واشنطن، عَرض خطة إنهاء الحرب فى غزة مقابل تنازل حماس عن السلطة ومغادرة قادتها. وأثارت الزيارة ردود فعل متباينة داخل الولاياتالمتحدة. فقد شهدت واشنطن احتجاجات من قبل مجموعات يهودية وعربية أمريكية، تعبيرًا عن رفضهم لسياسات نتنياهو، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. ورفع المتظاهرون لافتات تندد بالصهيونية وتدعو إلى محاسبة نتنياهو دوليًا. جولة الوزير روبيرو فى أمريكا الوسطى ... تحركات لاستعادة الفناء الخلفى لسنوات ظلت السياسة الأمريكية تجاه دول أمريكا اللاتينية فى حالة فتور ملحوظ، على الرغم من التأثير المباشر لتلك الدول بحكم التجارة والجغرافيا وملفات أخرى.. تلك الدول التى عادة ما اعتبرتها واشنطن بمثابة الفناء الخلفى لها على مدار التاريخ، لم تشهد اهتمامًا ظاهرًا فى ظل الإدارة الديقراطية السابقة بقيادة جو بايدن، لكن الأمر، على ما يبدو، تغير حالياً بشكل جذرى وليس أدل على ذلك من قيام وزير الخارجية الأمريكى ماركو روبيرو بأول زيارة خارجية لهذه المنطقة، حيث تشغل دول أمريكا اللاتينية مكانة مهمة فى السياسة الخارجية الأمريكية مع فترة حكم الرئيس دونالد ترامب الثانية، حيث تأثرت العلاقات بين الولاياتالمتحدة ودول المنطقة بسياسات ترامب القوية والصارمة فى بعض الأحيان، والتى تركزت على القضايا الأمنية، التجارية، والهجرة. فيما يتعلق بالقضايا الأمنية، كان ترامب يولى أهمية كبيرة لمكافحة تهريب المخدرات والجريمة المنظمة فى أمريكا اللاتينية، خاصة فى دول مثل المكسيك وكولومبيا، حيث ركز على تعزيز التعاون مع حكومات هذه الدول لمكافحة شبكات المخدرات التى تهدد الأمن الداخلى الأمريكى، كما فرض عقوبات على دول مثل فنزويلا وكوبا بسبب ما اعتبره انتهاكات لحقوق الإنسان وعدم الاستقرار السياسى فى تلك الدول. أما فى المجال التجارى، فقد حاول ترامب تقليل العجز التجارى مع دول أمريكا اللاتينية، وبشكل خاص المكسيك، حيث أعاد التفاوض على اتفاقية «نافتا» لتصبح «اتفاقية الولاياتالمتحدة-المكسيك-كندا» (USMCA)، التى سعى من خلالها لتعزيز المصالح الاقتصادية الأمريكية وتقليل التبعية الاقتصادية. فيما يتعلق بالهجرة، كانت سياسة ترامب مناهضة للهجرة غير الشرعية من أمريكا اللاتينية إلى الولاياتالمتحدة. أطلق حملة صارمة لإغلاق الحدود الأمريكية، بما فى ذلك بناء جدار حدودى مع المكسيك. كما فرض ترامب سياسات صارمة على طالبى اللجوء، وهو ما أثر بشكل كبير على العلاقات مع الدول اللاتينية. بالمجمل، السياسة الخارجية لترامب تجاه أمريكا اللاتينية مزيج من الانعزالية والمصالح الاقتصادية والأمنية، مع التركيز على تقليل التأثيرات الخارجية على الأمن الأمريكى، مما جعل العلاقات مع بعض الدول اللاتينية تشهد توترات، بينما كانت شراكات أخرى، مثل المكسيك، تسعى للتكيف مع السياسة الأمريكية الجديدة. لذلك كله وقبل أن يبدأ ماركو روبيرو وزير الخارجية الأمريكى، جولته فى أمريكا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبى فى أول زيارة خارجية له منذ تولى المنصب، أعلن بكل وضوح أنه يسعى إلى إعادة تركيز الدبلوماسية الأمريكية على نصف الكرة الغربى من أجل حشد الدعم لوقف الهجرة نحو الحدود الجنوبية للولايات المتحدة. وفى قراءة متأنية لبعض نتائج هذه الزيارة يمكن القول إنها حققت نصف أهدافها فيما فشلت فى النصف الآخر. ولأن بنما وقناتها من أكثر القضايا التى تشغل بال الإدارة الأمريكية الجديدة، بدأ روبيرو جولته بزيارتها وهو ما يعكس بوضوح رغبة واشنطن فى مواجهة النفوذ الدبلوماسى المتزايد للصين فى أمريكا اللاتينية. ولأنه لا يعرف الدبلوماسية هدد الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، عند توليه مهام منصبه بالسيطرة على قناة بنما، التى بنتها الولاياتالمتحدة فى أوائل القرن العشرين وسلمتها إلى بنما بموجب معاهدة عام 1977، قائلا إن «القناة تديرها الصين». وأثارت هذه التعليقات ردود فعل قوية من الرأى العام ورفضت بنما تهديدات ترامب، خاصة أن الصين قالت إنها لا تلعب أى دور فى تشغيل القناة، وإنها تحترم سيادة بنما واستقلالها فيما يتعلق بالممر المائى. ولكن -وتفاديًا لتهديدات ترامب ووعيده- نجحت زيارة وزير الخارجية فى إقناع بنما بالانسحاب من «مبادرة الحزام والطريق» الصينية وعلق الوزير على القرار قائلاً إنها «خطوة كبيرة إلى الأمام» فى العلاقات بينها وبين الولاياتالمتحدة. مبادرة «الحزام والطريق»، المعروفة اختصارًا باسم «بى آر إى» هى استراتيجية أطلقتها الصين فى عام 2013 تهدف إلى بناء روابط تجارية بينها وبين دول آسيا وأوروبا وإفريقيا. ومن المقرر أن يتم الانتهاء من تنفيذ هذه الخطة، التى تشمل أيضا الحصول على موطئ قدم بقناة بنما، فى العام 2049. الفكرة مستلهمة من طريق الحرير التاريخى، الذى كان يربط الصين قديما بأوروبا مرورًا بدول آسيوية. بالطبع أحلام أمريكا وترامب ليست كلها أوامر، ولأن معظم الدول تعرف ترامب الذى لا يجيد إلا لغة الصفقات، ففى زيارته لسلفادور وقبل أى كلام فى أى قضية أو بحث طلبات ترامب طلبت السلفادور أن تدعمها الولاياتالمتحدة فى المجال النووى. وبالفعل وقع وزير الخارجية الأمريكى ماركو روبيو ونظيرته السلفادورية، ألكسندرا هيل تينوكو، مذكرة تفاهم بشأن التعاون الاستراتيجى فى المجال النووى المدنى، على أن يكون توقيع المذكرة خطوة أولية نحو إقامة شراكة نووية مدنية قوية بين البلدين، بما يسهم فى تعزيز أمن الطاقة ودعم الازدهار الاقتصادى. وقالت الخارجية إن «الاتفاق يأتى بهدف تعزيز التعاون النووى السلمى بين البلدين، وتطبيق أعلى معايير السلامة والأمن وعدم الانتشار النووى». وحتى عندما حصلت السلفادور على بعض ما تريد من أمريكا لم ترضخ لطلب ترامب باستقبال ما سماهم المجرمين المدانين فى جرائم داخل الولاياتالمتحدة، رفضت السلفادور أن تهدى ترامب شيئا مجانياً ولكن طلبت أن يكون ذلك من خلال صفقة: نتسلم هؤلاء المجرمين مقابل أن تدفعوا لنا، وعرض الرئيس السلفادوري، نجيب بُقيلة، بمنتهى الوضوح على الولاياتالمتحدة الأمريكية استقبال «المجرمين» المدانين مقابل رسوم. ولم يشأ الرجل أن يدع الموضوع سراً أو فى طى الكتمان بل صرح به علانية وكتب على حسابه فى تويتر: «لقد عرضنا على الولاياتالمتحدة الأمريكية فرصة الاستعانة بمصادر خارجية لإدارة جزء من نظام السجون الخاص بها». وقال: «نحن على استعداد لاستقبال المجرمين المدانين فقط (بما فى ذلك المواطنون الأميريكيون المدانون) فى سجننا الضخم (CECOT) مقابل رسوم». وأشار بُقيلة إلى أن «هذه الرسوم ستكون قليلة نسبيًا بالنسبة للولايات المتحدة، ولكنها كبيرة بالنسبة لنا، حيث إنها تجعل نظام السجون بأكمله مستدامًا». وعلى نفس خط الرحلة جاءت زيارة غواتيمالا التى وافقت على زيادة رحلات المرحلين من أمريكا بل وتمادت فى الكرم وأعلن رئيسها برناردو أريف أريفالو على استقبال المهاجرين حتى لو كانوا من دولة ثالثة. وقال أريفالو فى مؤتمر صحفى مشترك خلال استقباله نظيره الأمريكى ماركو روبيو: «لقد اتّفقنا على زيادة بعدد رحلات الأشخاص المرحّلين بنسبة 40٪ سواء كانوا مواطنين عائدين أو أجانب». وأضاف: «سيتمّ ترحيلهم بعد ذلك، إلى بلدانهم الأصلية». ويأتى ذلك متوافقاً تماماً مع وعد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى أكثر من مناسبة، بتنفيذ أكبر حملة ترحيل فى تاريخ الولاياتالمتحدة، متعهدًا بطرد ملايين المهاجرين غير النظاميين، وكثير منهم من دول أمريكا اللاتينية. إيران.. مناورات عسكرية ومدن صاروخية فى أحدث استعراض للقوة العسكرية ، كشفت إيران عن منشأة صاروخية جديدة تحت الأرض على طول ساحلها الجنوبي، وتم الكشف عن «مدينة الصواريخ»، المُصممة لإيواء مجموعة من الأنظمة، إلى جانب تقديم صاروخ باليستى جديد بمدى ضرب يزيد على ألف ميل. وذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية: أن المنشأة تحت الأرض تضم مئات الصواريخ الباليستية والصواريخ المُوجهة، المُصممة لمقاومة الحرب الإلكترونية والضربات الجوية. ولا يزال الموقع غير مُعلن، لكن المسئولين يصفونه بأنه أصل حيوى فى تأمين الدفاعات الساحلية الإيرانية. وتقول «مجلة نيوزويك» : إن إيران كشفت أيضًا عن صاروخ باليستى جديد ، يبلغ مداه أكثر من ألف ميل وقادر على الوصول إلى القواعد الأمريكية فى المنطقة وكذلك إسرائيل. وفى حين تظل التفاصيل الفنية محدودة، سلطت وسائل الإعلام الرسمية الضوء على أنظمة الاستهداف المتقدمة والقدرة المُحسنة على البقاء. وتأتى هذه التطورات فى أعقاب سلسلة من الإعلانات العسكرية الإيرانية، ففى ديسمبر، كشفت إيران عن قاعدتين تحت الأرض واحدة للصواريخ الباليستية وأخرى للزوارق السريعة. وفى يناير، عرضت مجمعاً ضخماً للصواريخ تحت الأرض، وصفه المسئولون بأنه «بركان خامد على وشك الانفجار». وفى الرابع من يناير أطلقت إيران سلسلة مناورات عسكرية بمشاركة الآلاف من قوات الحرس الثورى والجيش فى مناطق واسعة من البلاد لإظهار جاهزيتها ومواجهة التهديدات ومحاكاة تصدى أنظمتها الدفاعية لحربٍ حقيقية متعددة الجبهات. فبعد أسبوع من تمرينات الحرس الثورى العسكرية الكبرى بعنوان مناورات «الرسول الأعظم- 19»، التى كشف فيها عن أحدث طائرة مُسيّرة انتحارية باسم «رضوان» ومنظومة 358 للدفاع الجوي، بدأ الجيش الأحد الماضى مناورات جوية أطلق عليها اسم «اقتدار 1403» لمواجهة التهديدات الجوية والصاروخية والحرب الإلكترونية. فى غضون ذلك، أعلن المتحدث باسم الحرس الثورى اللواء على محمد نائينى أن التدريبات العسكرية المتواصلة سوف تستمر حتى منتصف مارس المقبل بمشاركة الوحدات البحرية والجوية والتعبئة الشعبية. ويرى الخبراء: أن هناك علاقة مباشرة بين المناورات الأخيرة والتوتر بين طهران وتل أبيب؛ إذ تُجمع المكونات السياسية فى الجمهورية الإسلامية على ضرورة تعزيز دفاعاتها الجوية ومضاعفة قوتها الردعية قبل القيام بأى رد عسكرى على إسرائيل، لاسيما مع عودة الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب الى البيت الأبيض. وتذهب التقديرات الإيرانية إلى أن رد إسرائيل على أى هجوم عسكرى جديد سيكون أشد نطاقاً من هجومها السابق، مما يحتم على طهران الارتقاء بمستوى دفاعاتها الجوية. وترى نيجار مرتضوي، زميلة بارزة فى مركز السياسة الدولية ، لمجلة «نيوزويك» : «يبدو أن طهران ترسل رسالتين: أنها مستعدة للتحدث وإبرام صفقة مع ترامب، ولكنها أيضًا قوية ومستعدة للدفاع عن نفسها ضد الضربات العسكرية». وقد أكد الرئيس الإيرانى مسعود بزشكيان: أن «تقدمنا فى تكنولوجيا الدفاع والفضاء يهدف إلى منع أى أفكار للعدوان أو الغزو ضد إيران». وترى مجلة «نيوزويك»: أن الكشف عن المنشأة الصاروخية تحت الأرض يشير إلى محاولة إيران تعزيز أصولها العسكرية الاستراتيجية وسط تصاعد التوترات مع الولاياتالمتحدة وحلفائها. وفى الوقت نفسه، أبدت طهران استعدادها لاستئناف المفاوضات بشأن برنامجها النووي، الذى كان موضع توتراتٍ مع الدول الغربية لعقودٍ من الزمن. وقالت صحيفة «إكسبريس تريبيون» الباكستانية: « لقد اضطرت إيران، التى كانت تحصل فى السابق على غالبية معداتها العسكرية من حليفتها آنذاك الولاياتالمتحدة، إلى تطوير أسلحتها الخاصة منذ قطعت واشنطن العلاقات وفرضت العقوبات فى أعقاب الثورة الإسلامية عام 1979». وأضافت الصحيفة: « أنه بعد أن كانت تحت حظر الأسلحة خلال الحرب المدمرة مع العراق بين عامى 1980 و1988، أصبحت إيران تمتلك الآن ترسانة كبيرة من الأسلحة المُطورة محليًا، بما فى ذلك الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوى والطائرات بدون طيار». رؤية إسرائيل ... نجاحات فاقت كل التوقعات لم يخطر على بال اليمين الإسرائيلى طرح ترامب الرامى إلى احتلال قطاع غزة أمريكيًا، فحتى نتانياهو الذى اعتاد تصريحات مفاجئة من رؤساء أمريكيين، وذهب قبل أيام مغاضبًا إلى البيت الأبيض بعد لقاء عاصف مع عضو مجلس الحرب اليمينى المتطرف بتسلئيل سيموتريتش، سقط فكَّه قليلًا وهو يلتقط مفردات الطرح المريب بشأن «ملكية الولاياتالمتحدة طويلة الأمد لقطاع غزة». ووفقاً لرواية الإعلام الإسرائيلى فإنه قبل إقلاع طائرته من مطار بن جوريون، لم يحمل نتانياهو مع أمتعته سوى تهديدات سيموتريتش، التى حذر فيها من أى حديث مع ترامب عن انسحاب إسرائيلى من محور فيلادلفيا، أو نقاش حول حل الدولتين، أو تراجع عن مشروع التهجير، معتبرًا بقاءه فى الائتلاف مرهونًا بمدى التزام رئيس الوزراء بثلاثية ال«الخطوط الحمراء» أمام الرئيس الأمريكى، حسب تعبير صحيفة «يديعوت أحرونوت». يعنى ذلك أن نتانياهو الذى لم «يفعل ما ينبغى لتحرير رهائن إسرائيل من قبضة حماس»، وفقًا لتقديرات وزير الدفاع المقال يوآف جالانت، توجَّه للقاء ترامب وهو يضع نُصب عينيه تحذيرات سيموتريتش، ويتحسَّب من احتمالات تفكيك الحكومة إذا غايرت مخرجات القمة هوى صقر اليمين المتطرف، خاصة بعد انسحاب رفيقه الأكثر تطرفًا وزير الأمن القومى إيتمار بن جافير. وبما أن قنوات الاتصال بين واشنطن وتل أبيب لم تنقطع منذ فوز ترامب حتى يوم تنصيبه، وجرى خلال هذه الفترة ترتيب كل الأوراق ذات الصلة بتطورات الوضع فى قطاع غزة والضفة الغربية وملفات إقليمية أخرى، حرص نتانياهو على احتواء العائد للبيت الأبيض، وآثر تفادى تكرار أخطاء أو سقطات سابقة معه. لتدجين ترامب أو ربما ترويضه، عزف نتانياهو عن إثارة غضبه، لا سيما أن الرئيس المنتخب يعيش ذروة القوة ونشوة الفوز، وتتجاوز طموحاته كل التوقعات، فضلًا عن ضيق صدره، كما تذكَّر نتانياهو حكمة أمريكية قديمة: «لا تثرثر مع الثرثار»، أو بعبارة أخرى: «من الأفضل الابتعاد عن السخرية عند الجلوس أمام ترامب»، حسب الكاتب الإسرائيلى ناحوم بارنيع فى قاعة روزفيلت أهدى نتانياهو رئيس الولاياتالمتحدة جهازى «بيجر»، الأول ذهبى والآخر تقليدى، فاستقبل ترامب الهدية بقوله: «كانت عملية كبيرة»، فى إشارة إلى تفجير قادة «حزب الله» بأجهزة «البيجر» المفخخة. وعلى مدار 5 ساعات قضاها فى البيت الأبيض، لم يتنازل نتانياهو عن عبارات نفاق وتملق ترامب، فبدت على الأخير علامات الاستمتاع، وكان من الصعب تجاهل ابتسامته المتعجرفة ونظراته المتفاخرة التى مررها للمحيطين وهو ينصت إلى كلمات نتانياهو، وفقًا لموفدة صحيفة «هاآرتس» لدى واشنطن ليزا روزوفيسكي، التى علقت فى تقريرها على طرح ترامب احتلال قطاع غزة أمريكيًا بقولها: «بعد مرور نحو 77 عامًا على انتهاء الانتداب البريطانى، اقترح ترامب عمليًا فرض الانتداب الأمريكى على قطاع غزة بداعى تحويله إلى ريفييرا الشرق الأوسط». لتهدئة الأجواء الائتلافية، لم يتردد نتانياهو فور مغادرة البيت الأبيض فى الاتصال بالوزير سيموتريتش، وأبلغه بخطة ترامب الارتجالية ومدى تجاوزها سقف التوقعات المأمولة، إلا أن المحرر العسكرى الإسرائيلى يارون بن يشاى حذر من سلاسة طرح ترامب، وارتأى فى مقاله المنشور بصحيفة «يديعوت أحرونوت» أن «الرئيس الجمهورى لديه خطة جاهزة شاملة للشرق الأوسط، ومع كل العناق الدافئ، ينبغى على نتانياهو الحذر من التلاعب بترامب أو محاولة استقطابه لصالحه، خاصة أن المضيف يفكر فى الاتجاه المعاكس، وهو تسخير رئيس الوزراء الإسرائيلى لصالح خطته». وزادت الريبة لدى الكاتب اليسارى عاموس هارئيل، مشيرًا إلى أنه «بات من الصعب على اليمين الإسرائيلى تصنيف تحركات ترامب: هل هو شيطان أم ملاك؟ فقبل الانتخابات الرئاسية بدا صديقًا ودودًا لإسرائيل، وبعدها أجبر نتانياهو على توقيع صفقة الرهائن، فاعتبره اليمين خائنًا، لكنه وخلال لقاء نتانياهو أصبح ملكًا متوجًا، وصديق اليهود الأعظم على مر التاريخ، لكن الثابت هو أن ترامب يحاول تقديم نفسه على أنه الشخص القادر على ابتكار حلول إبداعية، لكن فكرة إخلاء سكان القطاع نهائيًا والسيطرة عليه أمريكيًا هى بالأساس فكرة جامحة وأخطر بكثير من أى تصور». أما المحلل المخضرم بن كسبيت، فاستبعد فى مقاله المنشور بصحيفة «معاريف» إمكانية تطبيق خطة ترامب على أرض الواقع، مشيرًا إلى أن «العقلاء توهموا عند مشاهدة الرئيس الجمهورى وهو يعلن اعتزامه سيطرة الولاياتالمتحدة على قطاع غزة أنهم أمام دمية ذكاء اصطناعى تعتمر «باروكة حمراء»، لكنهم أدركوا أن ترامب بشحمه ولحمه هو المتحدث الذى يعتزم تهجير سكان القطاع إلى أرض أخرى، ليبنى نسخة متوسطية من هونج كونج أو سنغافورة». ويؤكد الكاتب الإسرائيلى المعارض أنه «من الصعب التعاطى بإيجاب مع بيان ترامب، إذ أن كل من يعيش فى منطقتنا، ويعرف التاريخ، يدرك أنه بيان يشبه الحلم ولا يمكن تصوره، خاصة عند الاقتراب من سكان الأرض والأرواح العاملة والمقاتلة». ولا يستبعد الكاتب أن يكون بيان الرئيس الجمهورى خيالًا تتبدد ملامحه مثل تصورات سابقة تبخَّرت، وقد يكون الطرح مجرد عنزة يدخلها ترامب غرفة المعيشة ثم يخرجها وقت الجد ليقنع الجميع بأنه تراجع عن إيوائها لتحقيق مكاسب فى منطقة الشرق الأوسط». ويبدو أن انعدام منطقية طرح الرئيس ترامب بخصوص قطاع غزة خلال لقاء نتانياهو لاقى صدى واسعًا لدى الدوائر الأمريكية، فالرئيس المنتخب لم يناقش الخطة إلا مع أقرب مستشاريه، وحسب تقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست»، فوجئ مؤيدو ترامب فى اللوبى اليهودى بمقترح الرئيس، ووصف أحد المانحين اليهود القدامى للرئيس الحالى الفكرة بأنها «مجنونة»، وتساءل: «كيف يمكن تنفيذها». وبحسب التقرير، شعر الدبلوماسيون الأمريكيون السابقون أيضًا بالحرج من اقتراح ترامب. ونقل عن دان شابيرو، سفير إسرائيل لدى واشنطن فى عهد أوباما، قوله: «هذا ليس اقتراحًا جادًا». وأضاف: «حتى لو حاولوا تنفيذه، فإنه سيكلفنا رأس مال هائل وإرسال جنود ولن يكون مقبولًا لدى الشركاء الإقليميين». وحسب مصدر وصفته صحيفة «هاآرتس» بالمطلع على التفاصيل، أجرى ترامب اتصالًا هاتفيًا قبل عدة أشهر برئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، وأبلغه بأنه يعتبر «قطاع غزة قطعة عقارية ممتازة، وطلب منه التفكير فى أنواع الفنادق التى يمكن بناؤها هناك، لكنه لم يذكر حينها أن الولاياتالمتحدة تعتزم السيطرة على القطاع، لكنه قال نصًا: «غزة مثيرة للاهتمام. إنه موقع رائع، على البحر، الطقس جيد. يمكنك أن تفعل أشياء جميلة هناك». من بروكسل.. خريطة طريق أوروبية للرد على سياسات واشنطن فى قمتهم الأولى منذ تنصيب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، التأم الجمع الأوروبى فى بروكسل عاصمة الاتحاد، بمشاركة قادة الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى، بالإضافة إلى رئيس الوزراء البريطانى والأمين العام لحلف شمال الأطلسى (الناتو)، لمناقشة توحيد الموقف الأوروبى تجاه سياسات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بعد عودته إلى البيت الأبيض. تناول الاجتماع عددًا من القضايا المتعلقة بتعزيز الإنفاق الدفاعى الأوروبى فى مواجهة التهديدات الروسية، فضلا عن بحث مستقبل العلاقات عبر ضفتى الأطلسى وكذلك كيفية التعامل مع سياسات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، خاصة فيما يتعلق بالرسوم الجمركية المفروضة حديثًا على واردات الاتحاد الأوروبى. منذ الغزو الروسى لأوكرانيا فى عام 2022، زادت الدول الأوروبية ميزانياتها العسكرية بشكل ملحوظ. ومع ذلك، يطالب ترامب الدول الأوروبية بزيادة إنفاقها الدفاعى إلى 5% من ناتجها المحلى الإجمالى، وهو ما يتجاوز النسبة المتفق عليها سابقاً والبالغة 2%، ما يعتبره العديد من القادة الأوروبيين غير واقعى. وهو ما أثار نقاشات حادة بين القادة الأوروبيين، حيث أبدت ألمانيا تحفظها على هذه الزيادة، بينما دعمت فرنسا تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية. خلال القمة، ناقش القادة الأوروبيون سبل تعزيز القدرات الدفاعية المشتركة، بما فى ذلك الدفاع الجوى، الأمن البحرى، وحماية البنية التحتية الحيوية. كما تم التطرق إلى مسألة تمويل هذه الاحتياجات، مع دعوات لإنشاء تمويل أوروبى مشترك، بينما يسعى رئيس الوزراء البريطانى لتحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبى رغم توترات بريكست. تحمل هذه القمة غير الرسمية دلالات سياسية واستراتيجية مهمة، خاصة مع عودة ترامب إلى السلطة. فهى تهدف فى المقام الأول إلى إعادة تقييم العلاقة مع واشنطن، حيث نجد أوروبا تعود إلى موقف دفاعى بعد سنوات من التوتر فى عهد ترامب. ثانيا: السيادة الأوروبية والدفاع المشترك: يدفع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون باتجاه «السيادة الاستراتيجية» للاتحاد الأوروبى، بما يشمل تعزيز القدرات الدفاعية الذاتية، وتقليل الاعتماد على الولاياتالمتحدة. فى حين تفضل دول أوروبا الشرقية، مثل بولندا ودول البلطيق، استمرار الاعتماد على المظلة الأمنية الأمريكية فى مواجهة التهديدات الروسية. ثالثا: التبعية الاقتصادية للولايات المتحدة: رابعا: التهديدات التجارية: حيث شهدت أوروبا توترات مع إدارة ترامب بسبب الحروب التجارية، خاصة مع فرض رسوم جمركية على الواردات الأوروبية. خامسا: التعامل مع الأزمات العالمية: تبرز ملفات مثل الحرب فى أوكرانيا والتوترات مع الصين باعتبارها قضايا محورية، حيث تسعى أوروبا إلى توحيد استراتيجيتها بشأن أوكرانيا، خاصة فى ظل مبادرات ترامب التى قد تؤدى إلى انقسام داخل الاتحاد. فسبق أن أعرب ترامب عن تشككه فى دعم أوكرانيا، وهو ما يقلق الأوروبيين الذين يعتمدون على الشراكة الأمريكية فى هذا الملف. وتتباين مواقف الدول الأعضاء بين دعم استمرار المساعدات العسكرية لكييف والدعوة إلى محادثات سلام مبكرة. من المتوقع أن تضطر بروكسل للتكيف مع التوجهات الجديدة فى السياسة الخارجية الأمريكية. فهل يستطيع الاتحاد الأوروبى توحيد مواقفه لمواجه التحديات لتعزيز استقلاليته الدفاعية وتقليل اعتماده على الولاياتالمتحدة، وزيادة الإنفاق العسكرى وتطوير الصناعات الدفاعية الأوروبية، والبحث عن استراتيجيات لحماية مصالحه الاقتصادية وتعزيز وحدته الداخلية؟ بناء على ما سبق هناك ثلاث سيناريوهات محتملة قد ينتهجها الاتحاد تجاه واشنطن، إما تعزيز الاستقلالية الأوروبية عبر تطوير دفاع أوروبى موحد وزيادة التعاون الاقتصادى الداخلى. أو محاولة الحفاظ على الشراكة مع واشنطن عبر المفاوضات لإيجاد أرضية مشتركة. أو الاستسلام والتكيف مع سياسات ترامب عبر تقديم تنازلات معينة فى ملفات الدفاع والتجارة مقابل استمرار التعاون الأمنى. اليوم التالى فى غزة.. العقبة الأهم أمام تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق الهدنة (الشياطين تعشش فى التفاصيل) كما يقول المثل والذى ينطبق تماما على اتفاق إطلاق النار بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية. الذى تم التوصل إليه فى السادس عشر من شهر يناير الماضى بجهد الوسطاء مصر وقطروالولاياتالمتحدة على أن يتم تنفيذه على ثلاث مراحل قاربت الأولى على الانتهاء حيث شهد أمس السبت إطلاق سراح الدفعة الخامسة من الأسرى بين الطرفين ويتوافق مع وصول وفد إسرائيلى فى الدوحة للبحث فى تفاصيل المرحلة الثانية والتى تأخرت حيث كان من المفترض وفقا لمسودة الاتفاق أن تبدأ فى الثالث من فبراير الحالى أى فى اليوم السادس عشر من المرحلة الأولى وتم تأجيلها فى انتظار نتائج زيارة نتنياهو إلى واشنطن وانتهت أمس السبت وإن كان هناك من يعتبر أن مباحثات واشنطن بين الجانبين كانت جزءا من تلك المفاوضات وهو ما كشفت عنه تقارير إعلامية إسرائيلية وقالت إنها كانت فى صلب محادثات نتنياهو مع ستيف ويتكوف المبعوث الأمريكى لمنطقة الشرق الأوسط. وتشير بنود الاتفاق فى المرحلة الثانية وتبلغ مدتها 42 يوما إلى إعلان الهدوء المستدام مع استمرار وقف العمليات العسكرية وتبادل الأسرى بمن فيهم جميع الرجال الأحياء مقابل عدد يتم الاتفاق على رقمه من الأسرى من الجانب الفلسطينى مع إتمام انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلى بالكامل خارج القطاع وفى المرحلة الثالثة يتم تبادل جثامين ورفات الموتى الموجودة لدى الطرفين بعد التعرف عليهم والبدء فى تنفيذ خطة إعادة الإعمار على مدى من ثلاث إلى خمس سنوات وتعويض كل المتضررين بإشراف عدد من الدول والمنظمات الراعية وفتح جميع المعابر. وكل المؤشرات تقول إن المباحثات حول المرحلة الثانية من الصفقة على المحك وستكون صعبة خاصة أن تعقد الأزمة وتداعياتها الإنسانية وحجم الخسائر الفلسطينية على صعيد المدنيين وارتفاع تكلفة مواصلة العمليات على الجانب الإسرائيلى فرض عليها والوسطاء الثلاثة أن يكون التنفيذ على ثلاث مراحل وقد يكون هذا لا غبار عليه ولكن الصعوبة هنا فى تأجيل البحث فى تفاصيل المرحلتين على حدة وارتباطها بالتنفيذ الكامل للمرحلة الأولى مما يلقى بظلال من الشك على إمكانية نجاحها ويكفى هنا التوقف عند تصريح ترامب بعدم وجود ضمانات لصمود وقف إطلاق النار فى غزة وتعود صعوبة ذلك إلى عدد من الأسباب وهى كالتالي: الأول: على الصعيد الإسرائيلى هناك شعور عام لدى المستوى السياسى والعسكرى بأن تل أبيب دفعت أثمانا باهظة وشديدة المخاطر فى المرحلة الأولى ويبدو أن محاولة استرضاء ترامب فى أيامه الأولى فى الرئاسة كانت وراء تمريرها رغم أنه سبق نتنياهو أن رفض مقترح بايدن فى مايو من العام الماضى يضاف إلى ذلك وجود مخاوف استمرار الائتلاف الحكومى على حاله بعد أن قدم بن غفير استقالته وربط سموتريش استمراره باستئناف الحرب ووقف إدخال المساعدات ويعتقد وزير المالية أن الوضع على الأرض يوضح ضرورة مواصلة الحملة العسكرية حتى تدمير حماس بالكامل وقال (نحن مصممون على ذلك) وهو نفس ما ذكره بينى غانتس رئيس حزب معسكر الدولة الذى أكد أن حماس يجب ألا تبقى فى الحكم إما أن تكون منزوعة السلاح أو يتم تدميرها مما يجعل نتنياهو أكثر حرصا هذه المرة وقد يفسر ذلك الإشارات المتناقضة القادمة من تل أبيب ففى الوقت الذى يؤكد نتيياهو التزامه بإنجاز المرحلة الثانية فقد كشفت تقارير بأن الجيش يستعد لاستئناف الحرب فى غزة ويسعى بجدية لاستئناف المعارك وبصورة أكبر وأوسع وقد سعى نتنياهو فى لقائه مع ترامب للحصول على دعم منه لتلك الخطوة يضاف إلى ذلك إلغاء اجتماعات كانت مقررة مع عدد من قادة الأجهزة الأمنية منهم رئيس الشاباك رونين بار ورئيس الموساد ديفيد بارينا وعدد من كبار المفاوضين ويفسر هذا تدنى مستوى الوفد الإسرائيلى المفاوض الذى وصل إلى الدوحة فى ظل غياب قيادات الأجهزة الأمنية كما كان عليه الحال فى مباحثات المرحلة الأولى. الثاني: من جهته يبدو الطرف الفلسطينى أكثر جدية فى التعامل مع مباحثات المرحلة الثانية حيث أعلنت حماس من جهتها استعدادها للمشاركة وجهوزيتها لتنفيذ بنود الاتفاق والتى ستركز على وقف دائم لإطلاق النار وعدم العودة للحرب وإتمام الانسحاب العسكرى بما فى ذلك محور فيلادلفيا كما شكلت السلطة الفلسطينية لجنة لإدارة قطاع غزة لتسريع وصول المساعدات الإنسانية وفتح الطرق وإزالة الركام وتوفير أماكن لإيواء السكان تمهيدا للإعمار الشامل وهو ما يتناقض تماما مع مخطط تل أبيب وواشنطن لسيناريو اليوم التالى فى القطاع الرافضة لوجودهما معا فالمقاومة الفلسطينية خاصة حماس لن تقبل باستبعادها من المشهد بالقبول بمخطط خلق بديل لها وتقويض قدراتها العسكرية والجاهز لذلك هو السلطة الفلسطينية فى عمليات إدارة القطاع وإعادة الإعمار وهو ما تم رفضه من قطاعات داخل الحكومة الإسرائيلية التى ترفض أى دور للسلطة فى إدارة غزة. الثالث: افتعال أزمات ومشاكل مع الوسطاء مصر وقطر ومنها إثارة قضية زيادة الوجود العسكرى فى سيناء واتهامات بذلك مندوب تل أبيب فى الأممالمتحدة حول زيادة معدلات القدرات العسكرية المصرية فقد ظل غياب التهديدات المباشرة لها وفقا لمزاعمه أما قطر فقد اتهمها نتنياهو بالتحريض على إسرائيل فى العالم العربى والإسلامى من خلال قناة الجزيرة وقال إن على الدوحة أن تحدد موقعها من النظام الجديد فى المنطقة. وبعد فإن مواقف ترامب الأخيرة أعطت دعما غير محدود لرئيس الوزراء الإسرائيلى وكل المؤشرات تشير إلى أن نتنياهو مستمر فى المفاوضات تنفيذا لوعوده للرئيس الأمريكى مع مخطط لخلق المشاكل والأزمات مع تحميل المقاومة مسئولية ذلك. إيال زامير.. ماضٍ ملطخ بالدماء فى أعقاب فشل رئيس أركان الكيان الصهيونى هيرتسى هاليفى واستقالته انطلاقا من تحمله المسئولية عن الفشل بوقف هجوم حماس الذى بدأ فى السابع من أكتوبر 2023، اتفق رئيس وزراء الكيان الصهيونى بنيامين نتنياهو مع وزير دفاعه يسرائيل كاتس على تعيين إيال زامير رئيساً جديداً لأركان الجيش ليخلف هاليفى الذى ستسرى استقالته فى 6 مارس المقبل. وتم اختيار زامير (59 عاماً) لتوافر العديد من الاشتراطات لديه ومن أبرزها تأييده لمواصلة الحرب وتغيير آليتها بحيث لا تستند إلى الردع، وإنما إلى منع الأخطار ووأدها بضربات استباقية قبل خروجها للنور، وبالرغم من قرار نتنياهو ووزير دفاعه بتعيين زامير، إلا أن التعيين لا يزال بحاجة إلى موافقة اللجنة الاستشارية للتعيينات العليا «جرونيس» والحكومة بكامل قوامها. وتولى زامير أبرز المناصب فى القيادة العليا للجيش، وكان يشغل حتى الآن منصب المدير العام لوزارة الدفاع، وشارك خلال 38 عاما هى مدة خدمته فى الجيش -قضى معظمها فى سلاح المدرّعات متنقلا بين عدة مناصب- فى عشرات الحروب والهجمات الدامية ضد الفلسطينيين كما قاد وشارك فى العديد من عمليات القمع لانتفاضاتهم، فى قطاع غزة والضفة ولبنان أيضا. وبدأ زامير خدمته العسكرية فى عام 1984 كمجند فى سلاح المدرعات، وترقى فى مناصب قيادية داخل السلاح حتى أصبح قائدا للواء المدرع السابع، ثم قائد الفرقة 143، وفى عام 2009 تم تعيينه قائدا للفرقة 36، ثم رئيسا لأركان القوات البرية، وفى عام 2012 تم تعيينه فى منصب السكرتير العسكرى لرئيس الوزراء، بعدها تولى قيادة الجبهة الجنوبية. وفى عام 2018، تم تعيين زامير نائبا لرئيس الأركان لمدة 3 سنوات تقريبا، ثم فى عام 2022، كان مرشحًا لمنصب رئيس الأركان، ووصل إلى مرحلة الاختيار النهائى أمام هيرتسى هاليفي، لكن رئيس الحكومة ووزير الدفاع آنذاك اختارا هاليفى ليشغل المنصب. ويمتلك الجنرال زامير ميزة إضافية بجانب قضائه جزءا كبيرا من عمره ضمن صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلى وهى أنه تعامل على مدى سنوات طويلة مع القيادة السياسية حينما شغل منصب السكرتير العسكرى لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لعدة سنوات، فضلا عن عمله كمدير عام لوزارة الدفاع، وهو منصب سياسي. ويأتى اختيار زامير لرئاسة الأركان فى وقت حرج وسط تصاعد العدوان الإسرائيلى على مدن وبلدات الضفة الغربية، وفى ظل مفاوضات مستمرة لمحاولة وضع حد نهائى لحرب الإبادة على غزة كما أنه سيتولى إدارة وقف إطلاق النار السارى فى لبنان والعمليات العسكرية الجارية فى الضفة الغربية المحتلة، ويبدو أنه لن يخيب ظن الإدارة الإسرائيلية حيث أدلى بأول تصريحاته منذ أيام وقال إن «2025 سيكون عاما مليئا بالقتال والتحديات العسكرية، لم تنتهِ الأزمة بعد، والتحديات ما زالت أمامنا.»