لطالما تبنى دونالد ترامب نهجًا توسعيًا في سياساته الخارجية، حيث سعى إلى تعزيز الهيمنة الأمريكية عبر إعادة صياغة التحالفات الدولية وفقًا لمصالح واشنطن، حتى لو كان ذلك على حساب استقرار مناطق النزاع. وبعد حرب استمرت نحو 15 شهرًا، تخللتها سلسلة من الهدن المتقطعة بين تل أبيب وحركة "حماس" الفلسطينية، ورغم الهدوء النسبي الذي عادت معه الهدنة الحالية بقطاع غزة، فإن التصعيد الإسرائيلي لم يتوقف عند حدود الحرب الغاشمة، بل يهدد باستمرار استباحة الأراضي الفلسطينية. اقرأ أيضًا| نص المقال| ردا على ترامب.. سفير مصر في واشنطن يعيد نشر مقال: «لا تهجير للفلسطينيين» وتستمر إسرائيل في تهديدها بالعودة إلى القطاع، كما أن هذه التهديدات، التي تلت خططًا توسعية أخرى، تعد جزءًا من استراتيجية إسرائيلية تمتاز بالاستمرار في نهجها الاحتلاليّ مدفوعة بتصريحات إسرائيلية مُتطرفة تسعى لتوسيع نفوذها على الأراضي الفلسطينية. إن إسرائيل، التي دأبت على توظيف الفترات الانتقالية في التوترات السياسية، ترى في هذه اللحظات فرصة لتحقيق مكاسب استراتيجية طويلة المدى، في وقت تبقى فيه القضية الفلسطينية في دائرة التعقيد بسبب التهديدات المتزايدة من قبل دول داعمة لتوسيع الهيمنة الإسرائيلية. صدمة داخل البيت الأبيض عندما طرح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب فكرة فرض سيطرة أمريكية على قطاع غزة وتحويلها ل"ريفييرا الشرق الأوسط" السياحية، بدا وكأنه يستعرض مقترحًا مدروسًا بعناية، لكن بحسب مصادر رفيعة داخل الإدارة الأمريكية، اتضح أن هذه الفكرة لم تخضع لأية دراسات أو نقاش جاد داخل البيت الأبيض. بل تم طرحها بشكل عابر ودون إشراك وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكية في المداولات، وهو أمر نادر الحدوث في مثل هذه القضايا، كما أن بعض المسؤولين في الإدارة وصفوا الفكرة بأنها غير واقعية حتى بالنسبة لترامب، مشيرين إلى أنها سرعان ما تبخرت عندما اصطدمت بالواقع، وفقًا لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية. اقرأ أيضًا| «الرجل المجنون».. «ذا نيويوركر» تكشف استراتيجية ترامب في الولاية الثانية شراكة توسعية تحت غطاء التحالف الاستراتيجي على الرغم من أن مقترح السيطرة على غزة سقط سريعًا، إلا أنه يكشف عن نهج ترامب التوسعي الذي يسعى لتعزيز نفوذه العالمي عبر تحالفات استراتيجية، خصوصًا مع إسرائيل. فترامب، الذي كان يدعم الاستيطان في الأراضي الفلسطينية ويروّج لرؤية إسرائيل التوسعية، لم يكن ليشعر بأي تردد في طرح أفكار من شأنها أن تُعيد رسم خرائط القوة العالمية. حيث لا تتوقف طموحات ترامب عند حدود الولاياتالمتحدة فقط، بل تشمل محاولات لإعادة تشكيل الواقع الجيوسياسي بما يخدم مصالحه وتحالفاته، وبينما كان ترامب يروج للهيمنة الأمريكية على غزة، كان رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو يُطلق تصريحات متطرفة حول تهجير سكان غزة. في حين جاءت هذه التصريحات، في سياق لقائه مع ترامب في واشنطن، حيث ناقش الطرفان كيفية تعزيز النفوذ الإسرائيلي في غزة والتوسع في الأراضي الفلسطينية، متجاهلين أي حلول سلمية أو عادلة للقضية الفلسطينية. اقرأ أيضًا| «ذئاب القوة».. كيف تُغير سياسة ترامب التوسعية موازين العالم؟ من جرينلاند إلى تايوان لم تقتصر أبعاد التفكير التوسعي لدونالد ترامب فقط على الشرق الأوسط، بل تمتد إلى عدة مناطق حول العالم التي يرى فيها فرصًا استراتيجية تتيح له تعزيز نفوذ الولاياتالمتحدة عبر ضم أراض جديدة. ووفقًا للمسؤول السابق في البنتاجون، دوجلاس ماكينون، يرى ترامب في بعض الدول والجزر فرصًا يمكن أن تُستغل سياسيًا أو اقتصاديًا، سواء من خلال الضغوط السياسية أو التكتيكات الاقتصادية. في يناير/كانون الثاني من هذا العام، نشر ترامب خريطة معدلة للولايات المتحدة تضمنت كندا بشكل غير رسمي، وهو ما أثار ردود فعل حادة من رئيس الوزراء الكندي آنذاك، جاستن ترودو الذي أكد أن كندا "لن تصبح جزءًا من أمريكا أبدًا". أما في ما يتعلق بجزيرة جرينلاند، فقد جدد ترامب مرارًا دعوته لضمها إلى الولاياتالمتحدة، مستندًا إلى موقعها الاستراتيجي في التوازن الجيوسياسي ضد الصين وروسيا، وبدلاً من اللجوء إلى القوة العسكرية، يفضل ترامب استخدام نفوذه السياسي والاقتصادي كوسيلة لإيجاد حلول تتناسب مع رؤيته. وبينما تتركز الطموحات الأمريكية على تعزيز الهيمنة العالمية، يظهر التحالف القوي بين ترامب وإسرائيل كعنصر أساسي في تنفيذ هذه الأجندة، ليتضح جليا أن هذا التعاون يعكس رؤية مشتركة بين الطرفين تقوم على فكرة التوسع الإقليمي، بغض النظر عن الحقوق الدولية، وفق مجلة «نيوزويك» الأمريكية. فترامب، الذي دعم الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية وتجاهل الحقوق الفلسطينية، لا يتوانى عن طرح حلول لتخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية. ولا تزال تصريحات دونالد ترامب تثير الجدل يومًا بعد يوم، إذ تواصل أجندته التوسعية خلق حالة من الاستقطاب السياسي والانتقادات الدولية، في الوقت الذي يتناغم فيه مع رؤية إسرائيل في فرض هيمنة على الأراضي الفلسطينية ومناطق أخرى... اقرأ أيضًا| استيلاء ترامب على جرينلاند.. تصريحات تدفع المنطقة نحو انتخابات مبكرة