«إزاى تقرأ كتاب فى 15 دقيقة؟ زرنا فى صالة... جناح...» صادفنى هذا الإعلان فيما أتجول بين قاعات معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الحالية ولم أفهم لماذا قد يرغب قارئ ما فى قراءة كتاب فى 15 دقيقة، بافتراض أن هذا ممكن من الأساس! لم يثر الإعلان فضولى لدرجة تدفعنى لزيارة الجناح المذكور لفهم مقصدهم. أضفت الأمر إلى قائمة طويلة من صرعات وحيل ترويجية لا علاقة لها بجوهر القراءة. لا يعنى هذا أننى أضع اشتراطات بعينها على ما يقرأه الآخرون ولا على كيفية تعاطيهم مع القراءة، لكن فكرة أن يسعى أحدهم لقراءة كتاب كامل فى 15 دقيقة عبثية تمامًا، وفى ظنى أن الإعلان كله مجرد فرقعة لإثارة فضول مرتادى المعرض ودفعهم لزيارة الجناح، إذ رغم تحول القراءة، لدى البعض، إلى نوع من التسابق والتباهى بعدد الصفحات / الكتب المقروءة لا يزال هناك قراء، أكثر بما لا يقارن، حريصون على اختيار ما يلائمهم وقراءته وفق إيقاعهم الخاص وبطريقة تضمن لهم المتعة والإفادة فى آن. ولعل من فضائل معارض الكتب، وعلى رأسها معرض القاهرة الدولى للكتاب، أنها تفتح أعيننا على مشهد القراءة والكتاب كما لا يفعل غيرها، فمن خلالها نتعرف على ظواهر جديدة كل دورة ونلمس اتجاهات القراءة وملامح عامة عن الذائقة السائدة، فى ظل الغياب شبه التام للإحصائيات الدقيقة ووسائل القياس الأخرى. ما يطمئن حتى الآن أن قارئ الكتاب الورقى ما زال حاضرًا بقوة رغم الارتفاع الكبير فى أسعار الكتب ووجود بدائل باتت تكتسب مساحات يعتد بها مع الوقت مثل تطبيقات القراءة الإلكترونية والكتب الصوتية وأن هناك أجيالًا جديدة من القراء الصغار تضاف إلى صفوف القراء باستمرار، وعادة ما نقابل كثيرًا من هؤلاء فى أروقة المعرض وأجنحته المختلفة. ويكاد لا تخلو دورة من دورات المعرض من رؤية طفل أو أكثر لم يصبر على العودة إلى بيته وباشر فى قراءة أحد الكتب فى ركنٍ منزوٍ غير مكترث بالصخب ولا بالازدحام من حوله.