سلّم الجيش الفرنسي، اليوم الخميس 30 يناير، آخر قاعدة عسكرية له في تشاد إلى الجيش التشادي، على ما أعلنت هيئتا أركان جيشي البلدين الخميس بعد مراسم عسكرية وضعت حدا لوجود تاريخي لباريس في البلد الواقع في منطقة الساحل. وكانت تشاد الواقعة في وسط إفريقيا أنهت بشكل مفاجئ تعاونها العسكري مع مستعمرها السابق وبدأ الجنود الفرنسيون مغادرة هذا البلد في أواخر ديسمبر/ كانون الأول. وأفادت رئاسة أركان الجيش التشادي في بيان صدر عشية حفل رسمي يجري الجمعة بهذه المناسبة أنّ "تسليم قاعدة أديج كوسي في نجامينا تضع حدا نهائيا للوجود الفرنسي في تشاد، طبقا لإرادة السلطات العليا" في نجامينا. وفي باريس قال متحدث باسم رئاسة أركان القوات المسلحة الفرنسية إنّه "تمّ اليوم تسليم معسكر كوسي للجيش التشادي". وانسحبت القوات الفرنسية من قاعدة فايا لارجو بشمال تشاد في 26 ديسمبر/ كانون الأول ومن قاعدة ثانية في أبيشي في 11 يناير/ كانون الثاني. وأعلنت السلطات التشادية خلال مراسم التسليم في أبيشي أنّ الانسحاب من تشاد "غير قابل للتفاوض". واعتبر الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي إتنو الذي يتولى السلطة منذ 2021، أنّ الاتفاقات العسكرية مع فرنسا "عفا عليها الزمن" بالنظر إلى "الحقائق السياسية والجيوستراتيجية الحالية". وتمركز جنود وطائرات مقاتلة من فرنسا في تشاد بشكل شبه متواصل منذ استقلال هذا البلد في 1960 للمساعدة في تدريب الجيش التشادي. وخلال عامي 2022 و2023، طلبت أربع مستعمرات فرنسية سابقة أخرى هي النيجر ومالي وجمهورية إفريقيا الوسطى وبوركينا فاسو، من باريس سحب جيشها من أراضيها، وتقاربت تلك الدول مع روسيا. وكانت تشاد، إحدى أفقر دول العالم، آخر نقطة ارتكاز لفرنسا في منطقة الساحل. وكانت باريس تنشر في هذا البلد ما يصل إلى 5000 عسكري في إطار عملية برخان لمكافحة الجهاديين والتي انتهت في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني 2022. وأثار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غضب حلفاء فرنسا في خطابه بمناسبة العام الجديد أمام الدبلوماسيين، إذ أبدى أسفه لأن الدول الإفريقية "نسيت أن تقول شكرا" على نشر فرنسا على مدى عقد قوات لمحاربة تمرد إسلامي. كما تجري السنغال مفاوضات بشأن انسحاب القوات الفرنسية بحلول نهاية 2025. وفي الوقت نفسه، يتم تقليص التواجد العسكري لباريس في ساحل العاج والجابون، بما يتماشى مع خطة لإعادة هيكلة الوجود الفرنسي في غرب ووسط أفريقيا. ويجري تطوير قاعدة فرنسية في جيبوتي تستقبل 1500 جندي، كنقطة انطلاق لمهام مستقبلية في إفريقيا بعد الانسحاب القسري من منطقة الساحل.