مفاجآت ترشيحات الأوسكار ال 97

الأوسكار تتحدى النيران والرئيس الأمريكى دونالد ترامب!

الخميس الماضى 23 يناير، أعلنت الأكاديمية الأمريكية لفنون وعلوم السينما ترشيحاتها لجوائز الأوسكار السابعة والتسعين وسط حالة من الحزن والتوتر تسود لوس آنجلوس مدينة صناعة الترفيه، بسبب الحرائق المشتعلة منذ أسبوعين تقريبا، والتى تسببت فى مقتل 28 مواطنا ودمار أكثر من 40 ألف فدان وتشريد أكثر من مائة ألف، وربما تتجاوز خسائر الحرائق 275 مليار دولار، لتصبح الكارثة الطبيعية الأكثر تكلفة فى كاليفورنيا وربما الأكبر فى أمريكا كلها.
على غير العادة، لم تكن ترشيحات الأوسكار هى الحدث المنتظر فى لوس آنجلوس التى يعمل عدد كبير من سكانها فى صناعة الترفيه، ولم تكن هى الخبر الأهم الذى يتصدر الصحف وحديث البرامج التليفزيونية والناس عموما، فقد استقبلت المدينة -التى تقع هوليوود فى قلبها- الترشيحات بفتور شديد وعدم اكتراث أعاد إلى الأذهان سنوات جائحة كوفيد.. فلا صوت يعلو الآن على صوت معركة رجال الإطفاء مع النيران المشتعلة وجهود المسئولين والمجتمع لإغاثة المنكوبين وإعادة البناء.
يأتى إعلان الترشيحات بعد ثلاثة أيام فقط من تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يضاعف حالة التوتر التى تسيطر على هوليوود الداعم التاريخى للحزب الديمقراطى، وقد ناصبت ترامب عداء واضحا فى فترة رئاسته الأولى، غير دعمها ماديا ومعنويا للرئيس السابق بايدن ثم نائبته كامالا هاريس فى المعركة الأخيرة لانتخابات الرئاسة الأمريكية، مما يثير مخاوف قلعة الصناعة من سلوك عقابى وقرارات انتقامية للرئيس.
«المتدرب» قنبلة موقوتة!
ورغم أنه كانت هناك مفاجآت غريبة فى ترشيحات الأوسكار ال 97، إلا أننى سأبدأ بالترشيحات الاستفزازية للرئيس دونالد ترامب، والتى ستشعل حفل الأوسكار المنتظر إقامته فى 2 مارس 2025 بمسرح دولبى بهوليوود، فقد ضمت فئة أفضل ممثل النجم سباستيان ستان عن تجسيده شخصية دونالد ترامب فى فيلم «The Apprentice» «المتدرب» للمخرج الإيرانى على عباسى، كما ضمت فئة أفضل ممثل مساعد النجم جيريمى سترونج ليحصل على أول ترشيح لأوسكار فى حياته عن دور مُعلم ترامب المحامى الفاسد روى كوهين، الفيلم يكشف علاقة ترامب بكوهين فى بداية حياته، وكيف تفوق على معلمه فى الفساد والخيانة وألاعيب السياسة، وكان ترامب قد هاجم الفيلم وصناعه ووصفه بكومة قمامة، وتوعد الشركة التى تقوم بتوزيعه محذرا من عرضه بأمريكا الشمالية كلها، إلا أنه لم يتخذ تحركا جادا حتى الآن ضد الشركتين، المنتجة أو الموزعة، بالتأكيد سيكون الفيلم وترشيح نجميه لجائزتين فرصة ذهبية لن يفوتها مقدم الحفل وبعض النجوم للتعليق والسخرية من دونالد ترامب الذى يبادلونه العداء، وكانت التوقعات تشير إلى تجاهل الفيلم وصناعه إتقاء لغضب الرئيس الأمريكى، وهاجم سباستيان ستان مصوتى الأكاديمية الأمريكية لجائزة للأوسكار، وقال أنهم جبناء ولن يجرؤ أحدهم على اختياره للجائزة بعد فوز ترامب بالرئاسة ، وخابت ظنونه، لكن هذه الحيلة لن تنفعه مجددا فيفوز بالأوسكار، فالجائزة محجوزة لأدريان برودى عن دوره فى «The Brutalist المعمارى» الفيلم الأكثر حظا فى اقتناص الجوائز هذا العام، ولم لا وهو يجسد شخصية يهودى يجد النجاة من الاغتراب والصدمات النفسية فى الانتقال للحياة فى (إسرائيل) فلسطين المحتلة! الفيلم عمل فنى رائع بكل المقاييس لذلك متوقع أن يكون له نصيب الأسد فى الأوسكار هذا العام.. أما جائزة أفضل ممثل مساعد، يتساوى المتنافسون عليها فنيا، يورا بوريسوف، وكيران كالكين، وإدوارد نورتون، وجاى بيريس، وجيريمى سترونج وليس هناك وجه بارز يستحقها بجدارة، ومن يدرى ربما يفوز بها سترونج ليشعل حفل الأوسكار!
أول متحولة جنسيا تترشح للجائزة
ربما تكون فئة أفضل ممثلة أحد القنابل الموقوتة التى ستنفجر فى الحفل المنتظر، فعلى رأس المرشحات للجائزة والأقرب للفوز بها كارلا صوفيا جيسون عن دورها فى فيلم «إيميليا بيريز» المهيمن على الترشيحات بثلاثة عشر ترشيحا، وهى أول ممثلة متحولة جنسيا يتم ترشيحها للأوسكار، وهى أفضل المرشحات فى عام يخلو من دور نسائى مميز أو لافت، ولا ينافسها حقا إلا النجمة البرازيلية فرناندا توريس وفى رأيى أنهما أفضل من ديمى مور و ميكى ماديسون وكاترين ايريفو، ولو فازت كارلا وهو المتوقع سيكون فوزها نوع من الدعم للمتحولين جنسيا، وهو نوع آخر من التحدى للرئيس الأمريكى ترامب، الذى لا يخفى كراهيته للمتحولين جنسيا ومجتمع الميم بأشكاله المختلفة، ولا يترك أى فرصة للهجوم عليهم والهجوم على مؤيديهم والولايات الداعمة لهم، ويصب غضبه على هوليوود تحديدا لدعمها للمتحولين والشواذ.
تجاهل مخرج «اجتماع سرى»
أما مفاجأة الأوسكار السخيفة حقا، كانت تجاهل مخرج فيلم «Conclave» «اجتماع سرى»، فرغم حصول الفيلم على عشرة ترشيحات، بينها أفضل فيلم وأفضل سيناريو لبيتر ستروجان، إلا أن تم تجاهل المخرج إدوارد بيرجر وهو فى رأيى الأفضل هذا العام بلا منازع، لكن يبدو أنه غير مرضى عنه، فكلمته المتضامنة مع الشعب الفلسطينى عند فوز فيلمه «كلّ شىء هادئ على الجانب الغربى» العام الماضى أثارت غضب البعض، ثم غضب الكاثوليك على فيلمه الرائع «اجتماع سرى» الذى يكشف وينقد خفايا الكنيسة الكاثوليكية، جعلت المصوتين يفضلون مخرجين آخرين لا يقارنوا به أبدا فى هذا الفيلم، منهم كورالى فارجيت عن فيلم الرعب «The Substance» «الخلية»، وجيمس مانجولد عن «A Complete Unknown» «غير معروف تماما»، وينافس فى هذه الفئة شين بيكر عن «أنورا»، وجاك أوديار عن «إيميليا بيريز»، وبرادى كوربيت عن «المعماري» وهو من سيفوز بالجائزة كما سيفوز أيضا بأفضل فيلم. الجميل هو ترشيح الفيلم الوثائقى الفلسطينى النرويجى «لا وطن آخر» لأفضل فيلم وثائقى، وهو يوثق عمليات التهجير القسرى والإبادة المستمرة الممنهجة فى الضفة الغربية، شارك فى إخراجه الصحفى الفلسطينى باسل عدرا وصديقه الصحفى الإسرائيلى يوفال إبراهام الذى يدعم المقاومة، الفيلم فاز بعدد من الجوائز بينها جائزة لجنة التحكيم لمهرجان برلين 2024، وأتوقع فوزه بالأوسكار ليكون أحلى المفاجآت.