مع عودة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، إلى الساحة السياسية رئيسًا ل الولاياتالمتحدة مرة أخرى، برزت رؤية جديدة ل الرئاسة الأمريكية تتحدى الأعراف وتعيد تشكيل المفاهيم التقليدية للسلطة. هذه الرؤية التي تمزج بين الماضي الإمبراطوري والتطلعات المستقبلية للولايات المتحدة، مُتجاوزة الحدود السياسية والقانونية التي حكمت القرن العشرين بأمريكا، فعلى مدى عقد كامل، أثبت دونالد ترامب مهارة كبيرة في السيطرة على المشهد السياسي الأمريكي، حيث قد أعاد تشكيل مفهوم السلطة الرئاسية، مستندًا إلى قدرة فريدة على توجيه الأنظار إليه بطريقة تثير الجدل، في محاولة لتحرير أمريكا من قيود الحداثة، والسير بها نحو عصر جديد من القوة والتوسع، حسبما أشارت مجلة «ذي إيكونوميست» البريطانية. اقرأ أيضًا| بعد تنصيب ترامب.. « فورين أفيرز» تسأل: كيف يستعد العالم لفوضى «أمريكا أولاً»؟ ◄الحنين إلى العصر الذهبي يرى المؤرخون أن القرن العشرين قد انتهى سياسيًا، وترامب يمثل قوة تمرد على المؤسسات التقليدية بالولاياتالمتحدة، بدءًا من المحكمة العليا إلى النظام الفيدرالي، أطاح بعديد من الأعراف التي ولدت بعد فضيحة «ووترجيت»، كالصوابية السياسية والإجماع الدولي، كما ترتكز رؤيته لأمريكا على تحرر كامل من القيود، ما يمهد لعصر رئاسي جديد يدمج بين الماضي الصناعي والمستقبل التكنولوجي. خطابات دونالد ترامب تفيض بنغمة الحنين إلى عصر التوسع الأمريكي، حيث دعا إلى ضم أراضي للولايات المتحدة كضم كندا وجزيرة جرينلاند للبلاد، بجانب الهيمنة الأمريكية في الساحة التجارية العالمية كالاستيلاء على قناة بنما، ففي خطاب تنصيبه، أشاد الرئيس الأمريكي الجديد، ب"الرئيس العظيم" ويليام ماكينلي، الإمبريالي الذي ضم أراضٍ مثل هاواي والفلبين، رغم أن ترامب لا يقرأ السير الذاتية، إلا أن خياراته تكشف تطلعه لتوسيع حدود النفوذ الأمريكي، وفقًا للمجلة الأمريكية ذاتها. اقرأ أيضًا| بعد تهديده بضمها لأمريكا.. أهالي منطقة جرينلاند يردون على ترامب| فيديو ◄ملامح عصر إمبراطوري جديد تعهد دونالد ترامب عقب تنصيبه رسميًا رئيسًا ببدء «عصر ذهبي» للولايات المتحدة، فمع تعديلات تناسب القرن الحادي والعشرين، يرغب ترامب في التحرر من القيود القانونية والسياسية، ساعيًا لخلق رئاسة أقوى وأكثر تأثيرًا عالميًا، بدءًا من فرض رسوم جمركية جديدة قد تعيد إشعال توترات اقتصادية عالمية، إلى مغامرات الفضاء التي يسعى لها، خاصة بعد تصريحاته الأخيرة التي أشار فيها إلى طموحاته بشأن وضع علم أمريكا على كوكب المريخ. فلطالما كانت الرئاسة الأمريكية مركزًا للسلطة المتنامية، ولكن مع صعود دونالد ترامب للرئاسة مرة اخرى، تغيرت معالم هذه القوة بشكل لافت، في ظل جهاز تنفيذي ضخم وميزانية في تضاعف مستمر منذ القرن التاسع عشر، أصبح ترامب رمزًا لرئاسة جديدة تتحدى الحدود التقليدية بالولاياتالمتحدة، وتدفع السلطة التنفيذية نحو الداخل والخارج بجرأة غير مسبوقة، ومع ذلك، يظل هناك سؤال.. إلى أي مدى يمكن لرؤية ترامب الإمبراطورية أن تصمد أمام تعقيدات القرن الحادي والعشرين؟ وفقًا لمجلة «ذي إيكونوميست»، إن وصف المؤرخ والناقد الاجتماعي الأمريكي، آرثر شليزنجر في السبعينيات الرئاسة الأمريكية بأنها "إمبراطورية"، يبدو أنه أكثر دقة اليوم مع دونالد ترامب للسلطة الأمريكية، فمن خلال تجسس الأجهزة التنفيذية والتوسع في الصلاحيات، يريد ترامب خلق نظام جديد يدمج بين نفوذ الداخل والخارج، متحديًا الكونجرس والقضاء الأمريكي ، وباحثًا عن سلطة بلا قيود. كما أشارت المجلة ذاتها، إلى أنه وفي بيئة سياسية متحزبة، أصبح الكونجرس أكثر انقسامًا بين الجمهوريين والديمقراطيين، الأمر الذي أضعف قدرته على التشريع، وفي هذا السياق، أثبت دونالد ترامب أنه يستطيع تجاوز العقبات التقليدية، متجاوزًا تهديدات العزل ومستخدمًا سلطاته التنفيذية بجرأة، حتى في مواجهة القضاء على غرار التهم الجنائية التي تلاحقه حتى اليوم رغم نجاحه في العودة لسدة الرئاسة مرة ثانية. كما يظهر ترامب استعداده لمواجهة القضاء، حيث إنه في قراراته الأخيرة والمثيرة للجدل أعلن عن إنهاء حق نيل الجنسية بالولادة، ورغم ذلك يوجد احتمال إلغاء قراراته لعدم دستوريتها، فيما يُرجح أن يستخدم ترامب ذلك لتعزيز شعبيته، ما سيزيد من استقطاب أنصاره، ورغم طموحات دونالد ترامب، لاتزال تواجهه تحديات ضخمة من بيروقراطية متمرسة ومعارضة قوية من المدن والولايات الديمقراطية.