تجريف الشوارع والأمم المتحدة تطالب بإجبار إسرائيل على التوقف الأراضى المحتلة (وكالات الأنباء) من غزة إلى الضفة الغربية، يكرس الاحتلال الإسرائيلى بكل وضوح حالة «اللاسلم» فى الأراضى المحتلة، مستبيحا دماء الفلسطينيين بالحصار والقتل وتدمير البنية التحتية بدم بارد، ومدينة جنين ومخيمها ليست عن ذلك ببعيدة. ومع تسجيل 10 شهداء و40 مصابًا فى جنين، أول أمس، جراء عملية إسرائيلية، يقضى مئات الفلسطينيين لياليهم عند الحواجز العسكرية التى نصبها الاحتلال فى مختلف مداخل مدن الضفة الغربية، على أمل اجتيازها والوصول إلى أماكن عملهم أو تلبية احتياجات بيوتهم. وشددت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمس، ولليوم الثالث على التوالى من إجراءاتها العسكرية عند معظم مداخل المحافظات، ومخارجها فى الضفة الغربية. كما اعتقلت 25 فلسطينيًا على الأقل بالضفة بينهم أسرى سابقون. وتحدثت تقارير إعلامية عن أصوات انفجارات وإطلاق نار لا تتوقف داخل جنين، بينما يقول سكان فى المخيم إن جيش الاحتلال دفع بأعداد كبيرة من قواته إلى المدينة والمخيم الملاصق لها، وسط تحليق لطائرة «أباتشي» كانت تطلق النار. ووفق شهادات السكان فإن أول أيام تنفيذ العملية أى 21 يناير الجارى بدا عاديًا لكن فجأة ظهرت طائرة إسرائيلية تحوم فوق المدينة وتطلق النار وآليات عسكرية تقتحمها باتجاه المخيم القريب، لتتشكل صورة مرعبة توالت معها الأحداث بشكل متسارع لدرجة أن سكان المدينة لم يعرفوا إلى أين يهربون. ثم تداول ناشطون مقاطع فيديو من جنين تظهر إصابة مدنيين بينما كانوا يسيرون فى الطرق. اقرأ أيضًا| «الاحتلال الإسرائيلي» يواصل اقتحام مخيم جنين نحو أكثر من 16 ساعة وشرعت جرافات إسرائيلية فجر أمس بتجريف شارع ومدخل مستشفى جنين الحكومي، وأغلقت مداخله بالسواتر الترابية، كما جرفت محيط مستشفى ابن سينا، وتعمدت تدمير شوارع فى المدينة وفى محيط المخيم. ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» عن مصادر قولها إن الاحتلال شدد إجراءاته العسكرية على حاجز عطارة وعين سينيا فى محيط رام الله والبيرة، وأغلق المدخل الشمالى لمدينة البيرة، ما تسبب فى أزمة خانقة للخارجين. وأغلقت قوات الاحتلال مدخلى قرية النبى إلياس وكفر لاقف بالبوابة الحديدية، ومنعت تنقل الفلسطينيين، كما نصبت حواجز عسكرية عند مداخل قرى الفندق وجيت وحجة شرق قلقيلية، ما أعاق حركة تنقل الفلسطينيين على طول الشارع الرئيسى قلقيلية-نابلس، الذى يربط تلك القرى. ولجأ الاحتلال إلى إغلاق حاجز تياسير العسكرى شرق طوباس بالبوابات الحديدية، ومنع الفلسطينيين من العبور، خاصة للمتوجهين نحو الأغوار، إذ يفصل الاحتلال مدن الضفة الغربية عن الأغوار من خلال حاجزين. وتكرر المشهد نفسه عند حاجزى قلنديا وجبع العسكريين شمال القدسالمحتلة وفى محافظة نابلس، ما أعاق تنقل الفلسطينيين، وتسبب بأزمة مرورية خانقة. لكن وسائل إعلام عبرية أكدت أمس وقوع عدد من الإصابات فى صفوف قوات الاحتلال فى جنين «فى حادث أمنى صعب»، حيث حلقت طائرات مسيرة مسلحة فى سماء المدينة، فيما هبطت طائرة هليكوبتر فى بلينسون بتل أبيب تقل عددًا من الجنود المصابين. ويكبل الاحتلال فلسطينيى الضفة ب898 حاجزًا وأكثر من 173 بوابة حديدية وضعت منذ بدء حرب غزة فى أكتوبر 2023، منها 17 بوابة منذ بداية العام الجاري، وفق إحصائية محدثة لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان. وعملية جيش الاحتلال العسكرية الواسعة فى جنين بالضفة الغربية أطلق عليها «الجدار الحديدي» ويشارك فيها «الشاباك» وهو جهاز المخابرات الداخلى وحرس الحدود بدعوى استهداف المقاومة فى المدينة ومخيمها. كما جاءت العملية غداة تنصيب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الذى يتوقع أن يقدم دعمًا مطلقًا لإسرائيل. وقبل يومين، قال الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية أنور رجب فى بيان، إن قوات الاحتلال اقتحمت مدينة ومخيم جنين وأطلقت النار على المواطنين وقوى الأمن، مشيرًا إلى إصابة عدد من أفراد قوى الأمن الفلسطينى بينهم إصابة خطيرة. وزعم وزير الدفاع الإسرائيلى يسرائيل كاتس أن عملية جنين من المتوقع أن تشكل تحولًا فى استراتيجية جيش الاحتلال فى الضفة الغربية، مدعيًا أن تنفيذ عملية واسعة النطاق فى المخيم للقضاء على «الإرهابيين والبنية التحتية» لمنع تكرار ذلك هو الدرس الأول من أسلوب المداهمات المتكررة فى غزة. بدوره، قال زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» أفيجدور ليبرمان إنه سيطرح مشروع قانون فى الكنيست لفرض السيادة الإسرائيلية على الأغوار. فى المقابل، قالت الخارجية الفلسطينية، إن العدوان على جنين يندرج ضمن مخطط إسرائيلى يهدف إلى تكريس الاحتلال وفرض الضم التدريجى على الضفة الغربية بما فيها اقدس. وحذرت المقررة الأممية الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان فى الأراضى الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز، من احتمال ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية بالضفة الغربيةالمحتلة على غرار تلك التى ارتكبتها فى قطاع غزة. وقالت: «جرائم الإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين لن تقتصر على غزة، إذا لم يتم إجبارها على التوقف».