يُعد المتحف المصري بالتحرير رمزًا خالدًا للحضارة المصرية، ونافذة تطل على تاريخ طويل يمتد لآلاف السنين. بُني ليصبح أقدم متحف أثري في الشرق الأوسط، ويضم أكبر مجموعة من الآثار المصرية القديمة في العالم، تتنوع معروضاته بين فترات ما قبل الأسرات وصولاً إلى العصرين اليوناني والروماني. ومن بين أبرز القطع المعروضة فيه، تمثال الملكة نفرت، زوجة الملك سنوسرت الثاني في عصر الدولة الوسطى، والذي يعكس براعة المصريين القدماء في فن النحت وإبراز تفاصيل المعبودات والرموز. في هذا التقرير، سنستعرض تاريخ المتحف، حكاية تأسيسه، ودور الملكة نفرت كرمز من رموز الحضارة المصرية القديمة. أولًا: تأسيس المتحف المصري بدأت فكرة إنشاء المتحف المصري بعد فك رموز حجر رشيد على يد العالم الفرنسي شامبليون. كانت النواة الأولى عبارة عن بيت صغير عند بركة الأزبكية، حيث أمر محمد علي باشا بنقل الآثار القيمة إلى هذا المتحف عام 1835. أُسندت إدارته إلى يوسف ضياء أفندي بإشراف رفاعة الطهطاوي، غير أن سرقة الآثار عادت مع وفاة محمد علي، ما أدى إلى تراجع المقتنيات. وفي عام 1858، عُيّن مارييت كأول مسؤول عن الآثار المصرية، واختار منطقة بولاق لإنشاء متحف، حيث نقل إليها الآثار التي اكتشفها. لاحقًا، قرر الخديوي إسماعيل توسيع المتحف، لكن فيضان النيل عام 1878 أدى إلى إغراق متحف بولاق وضياع بعض القطع. أُعيد افتتاح المتحف عام 1881، وخلف مارييت في إدارته ماسبيرو الذي استكمل المسيرة. ثانيًا: موقع المتحف الحالي افتُتح المتحف المصري الحالي عام 1902 في ميدان التحرير، وصُمم ليكون نموذجًا فريدًا يجمع بين العمارة الكلاسيكية والفن الحديث. يُعد المتحف أحد أهم المعالم الأثرية والسياحية في مصر، ويضم أكثر من 120 ألف قطعة أثرية، منها تمثال الملكة نفرت. ثالثًا: تمثال الملكة نفرت 1- نفرت: الملكة الحكيمة الملكة نفرت هي زوجة الملك سنوسرت الثاني، أحد ملوك الأسرة الثانية عشرة في الدولة الوسطى (1897-1878 ق.م). اشتهرت بجمالها وحكمتها، وكان لها دور بارز في دعم الاستقرار السياسي والاجتماعي خلال فترة حكم زوجها. 2- تفاصيل التمثال تم اكتشاف تمثال الملكة نفرت في تانيس. يظهر التمثال وهي ترتدي باروكة حتحورية رمز الأمومة والحنان، ما يعكس مكانتها الكبيرة في المجتمع المصري القديم. يُبرز التمثال براعة المصريين في فن النحت، حيث تظهر التفاصيل الدقيقة لملامحها وثيابها، ما يجعل التمثال أحد أبرز القطع المعروضة بالمتحف. رابعًا: أهمية المتحف المصري 1- تنوع المقتنيات يضم المتحف مقتنيات من عصور مختلفة، مثل أدوات يومية، تماثيل، مومياوات، وحلي. هذا التنوع يعكس تطور الحضارة المصرية على مدار آلاف السنين. 2- تعليم الأجيال يُعتبر المتحف مؤسسة تعليمية وثقافية تهدف إلى توعية الأجيال بتاريخ أجدادهم. من خلال القطع الأثرية، يمكن للزوار التعرف على تفاصيل الحياة اليومية والفكر الديني والاجتماعي في مصر القديمة. خامسًا: تحديات واجهت المتحف 1- فيضان النيل تعرض المتحف لخسائر كبيرة بعد فيضان النيل عام 1878. 2- الحروب وسرقة الآثار واجهت مصر تحديات كبيرة بسبب سرقة العديد من القطع الأثرية أثناء الاحتلالات الأجنبية. سادسًا: الملكة نفرت كرمز فني 1- مكانة المرأة في مصر القديمة تُبرز تماثيل الملكة نفرت الدور الذي لعبته النساء في مصر القديمة، حيث كان يُنظر إليهن كشريكات في الحكم والإدارة. 2- الأمومة في الفن المصري رمزية باروكة حتحور التي ترتديها الملكة تعكس تقدير المجتمع المصري القديم لدور الأمومة. يظل المتحف المصري شاهدًا حيًا على عظمة الحضارة المصرية القديمة، ويمثل تمثال الملكة نفرت دليلًا على مكانة المرأة في التاريخ. من خلال زيارته، يمكننا استكشاف قصص ملوك وملكات عاشوا وصنعوا تاريخًا ما زال يدهش العالم.