في قلب القاهرة، وعلى مرمى حجر من ميدان التحرير، يقف المتحف المصري شامخًا منذ افتتاحه الرسمي في 15 نوفمبر 1902، شاهدًا على تاريخ مصر العريق وحضارتها الخالدة. يحتضن المتحف بين جدرانه آلاف القطع الأثرية التي تروي قصص الفراعنة، وتُبرز عظمة الإنسان المصري عبر العصور. واليوم، ومع مرور 122 عامًا على افتتاحه، يظل المتحف رمزًا للإبداع الإنساني وإرثًا حضاريًا فريدًا لا مثيل له. صرح ثقافي تاريخي في بداية القرن العشرين، وتحديدًا في 15 نوفمبر 1902، شهد العالم حدثًا تاريخيًا بافتتاح المتحف المصري بالتحرير. جاء هذا الحدث تتويجًا لجهود طويلة لحماية آثار مصر من النهب والتدمير. كان عالم الآثار الفرنسي أوجست مارييت هو صاحب الفكرة الأولية لإنشاء المتحف، حيث بدأ بجمع القطع الأثرية في مقر صغير ببولاق قبل أن يتم نقلها إلى قصر الجيزة، ثم إلى مبنى المتحف الحالي الذي صممه المهندس الفرنسي مارسيل دورنون. المتحف، الذي يمتد على مساحة 13,600 متر مربع، يضم أكثر من 120,000 قطعة أثرية، ويعد أول مبنى متحف في العالم بُني خصيصًا لعرض الآثار. أبرز مقتنيات المتحف يحتوي المتحف على مجموعات متنوعة من القطع الأثرية التي تعكس مختلف عصور الحضارة المصرية، ومن أبرز هذه المقتنيات: 1. القناع الذهبي للملك توت عنخ آمون الذي يُعتبر أحد أشهر مقتنيات المتحف وأكثرها جذبًا للزوار ويعكس القناع، الذي وُجد في مقبرة الملك توت عنخ آمون بوادي الملوك، براعة الصياغة الذهبية في مصر القديمة. 2. تمثال رع حتب وزوجته نفرت يُعد هذا التمثال مثالًا رائعًا على دقة النحت وتفاصيله في الأسرة الرابعة. 3. بردية الحسابات الخاصة بكاهن آمون وهي من أطول البرديات المكتشفة، وتقدم معلومات قيمة عن الحياة اليومية والإدارية في مصر القديمة. 4. تمثال الملك خوفو الصغير رغم صغر حجمه، يُعتبر التمثال أحد أهم القطع الأثرية، حيث إنه التمثال الوحيد المكتشف للملك خوفو، باني الهرم الأكبر. 5. مجموعة مقتنيات يويا وتويا تشمل توابيت وأثاثًا جنائزيًا تم اكتشافها في وادي الملوك، وهي تعود إلى والدي الملكة تيي، زوجة الملك أمنحتب الثالث. أهمية المتحف في حفظ التراث يُعد المتحف المصري بالتحرير من أعرق وأهم المتاحف العالمية، ليس فقط بفضل مقتنياته الفريدة، بل لدوره الرائد في الحفاظ على التراث الإنساني. منذ افتتاحه، كان المتحف مركزًا للأبحاث الأثرية، ومعرضًا يعرض أمام العالم ثراء الحضارة المصرية. دور المتحف في السياحة والثقافة وعلى مدار عقود، كان المتحف المصري وجهة أساسية للسياح من جميع أنحاء العالم. بفضل موقعه المتميز في قلب القاهرة، يتيح المتحف للزائرين فرصة الانغماس في تاريخ مصر العريق، مما يعزز من قيمة السياحة الثقافية. التحديات والآمال المستقبلية ورغم مكانته العظيمة، واجه المتحف المصري تحديات عديدة، منها الحاجة إلى تطوير وسائل العرض والتكيف مع التقنيات الحديثة. ومع افتتاح المتحف المصري الكبير في الجيزة، يتجه المتحف المصري بالتحرير إلى لعب دور تكميلي، يركز على عصور محددة ويستمر كرمز تاريخي وثقافي. اقرأ أيضًا| فتحى: الاستعانة بالذكاء الاصطناعى لترويج المقاصد الأثرية 122 عامًا من الحضارة ومنذ افتتاحه الرسمي في 15 نوفمبر 1902، ظل المتحف المصري بالتحرير رمزًا شامخًا للحضارة المصرية القديمة وأحد أهم الصروح الثقافية في العالم، يقدم المتحف تجربة فريدة تستعرض أكبر وأهم مجموعة من القطع الأثرية التي تروي قصة مصر عبر آلاف السنين. ومع مرور 122 عامًا على افتتاحه، يظل المتحف واجهة بارزة للثقافة المصرية ومصدر إلهام للباحثين والزوار من جميع أنحاء العالم. تاريخ المتحف الأم ويُعتبر المتحف المصري بالتحرير "المتحف الأم" لكل المتاحف المصرية، ويضم المتحف نحو 120 ألف قطعة أثرية معروضة في قاعاته، إلى جانب مجموعة مساوية في العدد محفوظة بمخازنه. هذا التنوع يجعل المتحف مصدرًا رئيسيًا للقطع الأثرية المعروضة في المتاحف الجديدة مثل المتحف المصري الكبير والمتحف القومي للحضارة المصرية. ويعد المتحف أول مبنى في العالم تم تصميمه منذ البداية ليكون متحفًا وليس قصرًا أو منزلًا تم تحويله لاحقًا، ما يمنحه أهمية معمارية وتاريخية فريدة. تطوير مستمر رغم التاريخ أكد الدكتور علي عبدالحليم، مدير عام المتحف المصري بالتحرير، أن المتحف لن يغلق أبوابه أبدًا، ليس فقط لأن المبنى نفسه يُعتبر أثرًا، ولكن لأنه يؤدي رسالة ثقافية وعلمية دائمة. يشهد المتحف حاليًا تطويرات شاملة تشمل سيناريو العرض المتحفي والبنية التحتية، بالإضافة إلى إدخال تقنيات حديثة مثل الواقع المعزز، التي تعيد تشكيل القطع غير المكتملة لتُعرض بحالتها الأصلية لأول مرة منذ آلاف السنين. إحياء التاريخ المصري ضمن مشروع "Project Revival"، أطلقت وزارة السياحة والآثار مبادرة تعتمد على الواقع المعزز بالتعاون مع شركة ميتا. يتيح المشروع للزوار تجربة تفاعلية تعرض القطع الأثرية بحجمها وشكلها الأصلي عبر تطبيق على وسائل التواصل الاجتماعي. الهدف هو جذب جمهور جديد وخاصة من الشباب، وتعزيز الوعي بالتراث المصري باستخدام التكنولوجيا الحديثة. مقتنيات توت عنخ آمون ومن بين أبرز المقتنيات التي يتميز بها المتحف، توجد 220 قطعة أثرية من مجموعة توت عنخ آمون، بما في ذلك القناع الذهبي الشهير، رغم أن هذه القطع سيتم نقلها قريبًا إلى المتحف المصري الكبير قبل افتتاحه الرسمي، فإنها تظل معروضة حاليًا في المتحف المصري بالتحرير، ما يمنح الزوار فرصة فريدة لمشاهدتها. امتداد لرسالة التحرير وصف الدكتور عبدالحليم المتحف المصري الكبير ب"الابن العملاق" للمتحف المصري بالتحرير. يقدم المتحف الكبير تجربة مميزة تشمل عرض المجموعة الكاملة لتوت عنخ آمون ومراكب خوفو وغيرها من الآثار الهامة. هذا التنوع بين المتحفين يعزز مكانة مصر كمقصد سياحي عالمي ويثري تجربة الزوار. التحول الرقمي بالمتحف أشار وزير السياحة والآثار، شريف فتحي، إلى أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة في تطوير المتحف، حيث تم تنفيذ حملات ترويجية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وحققت نتائج مبهرة من خلال استهداف الجمهور المناسب وتسليط الضوء على جماليات التراث المصري. مصدر للبحث العلمي إلى جانب دوره كمعرض للآثار، يظل المتحف مركزًا رائدًا للبحث العلمي ودراسة علم المصريات. تسهم مشروعات التطوير المستمرة في تعزيز هذا الدور، من خلال تحسين سيناريو العرض وتقديم تجربة تعليمية وتثقيفية مبتكرة للزوار. رسالة حضارية مستمرة وعلى مدار 122 عامًا، ظل المتحف المصري بالتحرير صرحًا عالميًا يعبر عن عظمة الحضارة المصرية القديمة، ومع استمرار مشروعات التطوير وإدخال التكنولوجيا الحديثة، يظل المتحف رمزًا خالدًا يربط بين الماضي والحاضر، ويؤدي دوره في الحفاظ على التراث المصري ونشره للعالم. وسييظل المتحف المصري بالتحرير شاهدًا على عبقرية المصري القديم وعظمة حضارته، ومع مرور 122 عامًا على افتتاحه، يظل هذا الصرح الثقافي مركزًا للإلهام والمعرفة، ومصدر فخر لكل مصري. إن تاريخ المتحف ومقتنياته ليست مجرد إرث ماضي، بل هي رسالة حضارية تتناقلها الأجيال، تعزز من حب الوطن والانتماء لتاريخه المجيد.