بدأت اليوم الأحد 19 يناير سريان هدنة الحرب في قطاع غزة مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وذلك بعد 471 يومًا من الحرب الإسرائيلية الوحشية في قطاع غزة، والتي أزهقت أرواح أكثر من 46 ألفًا و900 شهيدٍ في القطاع، في حين يُنتظر أن تكون الأرقام النهائية أكبر من ذلك مع حصر جميع الضحايا الذين خلفهم العدوان. هذا الاتفاق الذي جرى التوصل إليه برعاية مصرية وقطرية إلى جانب وساطة من الولاياتالمتحدة، سيستمر لستة أسابيع، وسيُجرى خلاله عملية تبادل أسرى بين إسرائيل وحركة حماس، وهي ثاني عملية تبادل للأسرى منذ اندلاع حرب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بعد هدنة أولى في بدايات الحرب استمرت لمدة أسبوع واحد أواخر شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2023. وبعد أكثر من 15 شهرًا من الحرب، لم تفلح إسرائيل في تنفيذ مخططها بالقضاء على المقاومة الفلسطينية في غزة، وأسقط الفلسطينيون في غزة بصمودهم "خطة الجنرالات"، التي كانت تهدف لاقتلاع الشعب الفلسطيني وتهجيره من أرضه، لتذهب تلك الخطة إلى غير رجعةٍ مع عودة الفلسطينيين إلى منازلهم مرة أخرى بعد إنهاء عمليات القتال وسريان الهدنة في القطاع. وستستمر تلك الصفقة، التي تتخللها عملية تبادل للأسرى بين الجانبين لمدة 42 يومًا، ليبقى السؤال المطروح الآن هل وضعت حرب غزة أوزارها ووصلت إلى خط النهاية أم أن إسرائيل قد تعيد الكرة مرة أخرى وتُهاجم القطاع مجددًا بعد انتهاء مدة ال42 يومًا، مثلما حدث الأمر في اتفاق تبادل الأسرى الأول، والذي استمر لمدة أسبوع. اقرأ أيضًا: خاص| متحدث هيئة الأسرى: مروان البرغوثي ليس ضمن صفقة التبادل «حتى هذه اللحظة» عودة الحرب «صعبة» وفي هذا الصدد، قال أشرف القصاص، المحلل السياسي الفلسطيني المقيم في غزة، إنه "من الصعب أن تعود إسرائيل إلى الحرب من جديد إذا التزمت المقاومة بتنفيذ الاتفاق وتم تبادل الأسرى". وأضاف القصاص، في تصريحاتٍ ل"بوابة أخبار اليوم"، أن "عودة النازحين إلى شمال غزة بكثافة ستجعل موضوع استئناف الحرب عملًا مستحيلًا". وأشار القصاص إلى أن الأمور في الاتفاق تسير على ما يُرام حتى الآن"، مضيفًا أن "المقاومة تريد من الاحتلال الالتزام لأن ديدنه المراوغة". واستطرد القصاص قائلًا: "إسرائيل توجد بها صراعات حزبية داخلية ومزايدات حول الاتفاق يقودها (وزير الأمن الداخلي إيتمار) بن غفير، لكن الالتزام بتطبيق الاتفاق سيد الموقف"، مؤكدًا أنه "لا طريق لعودة الأسرى الإسرائيليين إلا عبر اتفاق مع حماس". تصريحات نتنياهو حول إمكانية عودة الحرب ومع ذلك، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس السبت 18 يناير، إن إسرائيل تحتفظ بحق استئناف القتال في غزة بدعم أمريكي، متعهّدا بإعادة كل الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني إلى ديارهم، وذلك عشية بدء سريان صفقة وقف إطلاق النار في غزة. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، في خطاب متلفز، "نحتفظ بحق استئناف الحرب إذا لزم الأمر، بدعم أمريكي". وأردف: "نحن نفكر في كل رهائننا.. أعاهدكم بأننا سنحقق كل أهدافنا وسنعيد كل الرهائن"، وذلك حسب قوله. وشدّد نتنياهو التأكيد على أن المرحلة الأولى من الاتفاق ومدتها 42 يومًا هي "وقف إطلاق نار موقت"، متحدثًا عن أن إسرائيل إذا رأت استئناف الحرب ستفعل ذلك بقوة، حسب قوله. الحرب «انتهت» وحول ذلك، قال محمد دويكات، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية في فلسطين، "نحن نعتقد أن هذه الحرب قد انتهت وأن نتنياهو يُكابر في أنه سيستأنف الحرب، وذلك لأن الوضع الداخلي في الكيان الصهيوني والاحتجاجات التي حصلت في دولة الاحتلال تؤيد هذه الصفقة، ومن يعارض هذه الصفقة سيؤسس لمرحلة جديدة من الصراعات والإرهاصات الداخلية لدى دولة الاحتلال الصهيوني". ووأضاف دويكات، في تصريحاتٍ ل"بوابة أخبار اليوم"، "وكل المؤشرات تؤكد أيضًا أنه ليس بنية نتنياهو استئناف الحرب لأن الجيش الصهيوني قد أُنهك وتكبد خسائر كبيرة وواسعة في صفوفه". وتابع قائلًا: "بالتالي كل الدوائر الاستخباراتية والأمنية في دولة الاحتلال تنصح بعدم استئناف هذه الحرب والاستمرار في مواصلة المرحلة الثانية من الصفقة حتى إخراج كل الأسرى الذين هم بحوزة المقاومة، وهذا يعني استمرار الهدوء وتوقف الحرب، وأيضًا تكثيف كل الجهود من أجل إبرام صفقة أخرى تُمكن المقاومة الفلسطينية من إخراج باقي الأسرى من سجون الاحتلال، إلى جانب إعادة إعمار قطاع غزة وتوفير كل ما يلزم لأبناء القطاع من احتياجات إنسانية ومواد تموينية وأيضًا إعادة تأهيل المشافي والقطاع الصحي ليخدم كل أبناء شعبنا في قطاع غزة". وواصل السياسي الفلسطيني قائلًا: "أنا أعتقد استئناف الحرب غير وارد لدى الاحتلال الصهيوني ونحن كفلسطينيين هي مستعدة للتصدي لأي اعتداء أو أي خرق للهدنة"، مستطردًا: "وشعبنا الفلسطيني الذي أعلن بشكل واضح بصموده والتفاقه حول خط المقاومة أنه مستعد للذهاب بعيدًا للدفاع عن أرضه ويواجه كل أدوات الاحتلال الإجرامية". «محاولة إرضاء سموتريتش» وعلى نفس المنوال سار أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس والخبير في الشؤون الإسرائيلية، حيث قال "أعتقد تصريح نتنياهو من أجل إرضاء (وزير المالية بتسلئيل) سموتريتش، الذي يصر على ضمان بقاء الحرب، وقال لهم نتنياهو إن ترامب وبايدن وعداه بأنه إذا انتهت الحرب دون الوصل إلى الانتقال للمرحلة الثانية بهدوء والتزام حركة حماس فسندعمهكم للعودة إلى الحرب مرةً أخرى". وأردف الرقب، في تصريحات ل"بوابة أخبار اليوم"، "كل هذا فقط هو استخدام إعلامي ليس إلا.. فالحرب انتهت وكل شيء سيحصل بعد ذلك عبارة عن ترتيبات للمراحل التالية". وتابع الرقب أن "أمريكا مارست ضغوطات على نتنياهو لأنهم يريدون العودة إلى المشروع القديم (السلام الإبراهيمي)، وهذا لن يحدث مع استمرار الحرب، ونتنياهو لا يستطيع أن يُعارض ترامب إذا أصرّ في هذه المرحلة على وقف الحرب". ووفقًا لبنود صفقة وقف إطلاق النار، التي تم التوصل إليها في 15 يناير/ كانون الثاني، فإنه سيتم مبادلة 33 أسيرًا إسرائيليًا من بين الرهائن بنحو 1000 أسير من معتقلي غزة، الذين اعتُقلوا منذ 8 أكتوب 2023، ولم يشاركوا في عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023. كما سيتم إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال الإسرائيلي بناءً على القوائم المتفق عليها بين الطرفين. وبحسب مصدر مصري رفيع المستوى، فإن عدد الأسرى الفلسطينيين المفرج منهم من سجون الاحتلال سيصل إلى 1890 أسيرًا. وينص الاتفاق أيضًا على السماح بدخول 600 شاحنة محملة بالمساعدات إلى غزة كل يوم من وقف إطلاق النار الأولي الذي يستمر ستة أسابيع، بما في ذلك 50 شاحنة تحمل الوقود.