فى عام 1828 ولد الأديب الفرنسى الأشهر جول فيرن، الذى أنتج مؤلفات تعتبر الأساس لروايات الخيال العلمى، أهمها روايتاه «من الأرض إلى القمر» و«20 ألف فرسخ تحت سطح البحر»، اللتان كانتا بمثابة النبوءتين عما حققه الإنسان بعد صدورهما بعشرات السنين من إنجازات علمية بصناعة الصواريخ، التى وصل بها القمر والغواصات، التى سبر بها أعماق البحار. الفارق الزمنى بين خيالات فيرن والإنجاز البشرى بروايتيه وتحققهما تراوح فقط بين 40 و60 عامًا، وهو ما يعنى أن عجلة تقدم الحضارة الإنسانية فى القرنين التاسع عشر والعشرين كانت تدور بسرعة كبيرة جدًا وبحيث يلاحق الواقع الخيال البشرى. لم يتوقف الخيال البشرى عند فيرن ومبدعى زمنه، وإنما امتد لمَن أتوا بعدهم فى القرن العشرين، وقد سجلته الأفلام والأعمال الأدبية والصحف حول العالم منذ الأربعينيات، التى تظهر أنها كلها افترضت أن الإنسان بحلول عام 2000 سيكون قد حقق إنجازات علمية هائلة، فى كل المجالات وإلى حد تصور أن الحضارة الإنسانية بحلول الألفية كانت ستقهر المرض وتتحول إلى حضارة كونية عابرة للمجرات تتنقل فى الكون الفسيح بواسطة سفن ومركبات فضائية تقارب أحجامها المدن الكبرى، غير ما تم تصويره من تقدم فى وسائل الانتقال، حيث افترضت الخيالات والتوقعات أن الانسان كان سيصبح بمقدوره التنقل بين أنحاء كوكبنا فى سيارات طائرة وسينتقل من موقع إلى آخر بواسطة أشعات قادرة على تفكيك المادة البشرية، وإعادة بنائها مرة أخرى فى موقع الوصول. خيال لا محدود ارتبط عند الناس ببلوغ البشرية عام 2000، لكن شيئًا منه لم يتحقق، وصحيح أن الإنسان حقق فى القرن العشرين تقدمًا لافتًا يمكن أن يوصف بالطفرات فى أكثر المجالات إلا أن كل هذا التقدم لم يواكب الخيال البشرى، فالذى حدث هو أن كل التقدم تركز فى مجالات الاتصالات، التى بنيت كلها على اختراع البرق والهاتف وما اتصل بهما من توظيف لموجات الراديو اللاسلكية، وفى الميكنة وصولًا إلى استبدال العنصر البشرى بالروبوتات، لكن محركات السيارات والصواريخ وغيرها من وسائل الانتقال بقيت كما هى قائمة على مبادئها الأولى.