أبو شادي: 71 مليون مواطن مستفيد من الخبز المدعم.. وغراب: المخابز ملتزمة بالإنتاج    استجابة لشكاوي المواطنين.. محافظ الغربية يذلل معوقات تشغيل محطات الصرف الصحي    مطروح: توقيع بروتوكول تعاون مع المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية    مستقبل وطن: فلسطين والأمن المائي أبرز رسائل الرئيس السيسي بالمنتدى العربي الصيني    حزب «جانتس» يقدم مقترحًا لحل الكنيست وإجراء انتخابات مبكرة في أكتوبر المقبل (تفاصيل)    العميد يبحث عن حلول للجبهة اليسرى .. وغياب هؤلاء علامة استفهام فى الشارع الكروى    رياض محرز يرد على استبعاده من قائمة الجزائر: لم أتلق أي مكالمات من المدرب والاتحاد    ضبط صيدلية غير مرخصة تزاول المهنة بنجع الطويل في الأقصر    المشدد 6 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لعامل لإتجاره في الهيروين بشبرا    تكريمًا لنجوم الزمن الجميل    «السياحة» تعلن إقامة قاعة لفنون التحنيط في متحف الحضارة    العشر الأوائل من ذي الحجة.. منحة الله لغفران الذنوب    بسبب نقص المعروض من ألبان الأطفال وارتفاع الأسعار .. حتى الرضع يواجهون الموت فى زمن الانقلاب    ليفربول يحسم مصير أليسون بيكر بعد اهتمام السعودية    هل يجوز إخراج شعيرة الأضحية في صورة مال أو لحم؟ الإفتاء تُجيب    «مُنع تصنيعه في مصر».. ما هو عقار GHB الذي استخدمه سفاح التجمع لتخدير ضحاياه؟    جامعة دمنهور تنظم قافلة طبية توعوية بقرية بيبان فى كوم حمادة    فيديو | بشائر عيد الأضحى.. إقبال على شراء الأضحية في أسواق الماشية بقنا    مبان مفخخة.. كمائن المقاومة الفلسطينية تُكبد جيش الاحتلال خسائر كبيرة    مصدر مقرب من حسين الشحات يكشف ل في الجول خطوة اللاعب بعد حُكم الشيبي    الخط الثالث للمترو يعلن تقليل أوقات انتظار القطارات حتى عيد الأضحى    فيلم بنقدر ظروفك يحقق أقل إيراد يومي.. هل خسر أحمد الفيشاوي جماهيره؟    «التضامن» توجّه فريق التدخل السريع بنقل مسنة مريضة إلى دور رعاية في القاهرة    شوبير: من حق حمزة علاء يكون حارس المنتخب الأوليمبي    قبل عيد الأضحى.. تعرف على مواعيد القطارات VIP والروسية "القاهرة/أسوان" بمحطة سوهاج    بيت الزكاة: 500 جنيه منحة عيد الأضحى للأسر الأولى بالرعاية السبت المقبل    استفسارات المواطنين حول موعد عيد الأضحى المبارك 2024 وإجازات العمل    رئيس جامعة المنيا يُواصل جولاته التفقدية لامتحانات كليات التمريض ودار العلوم والتربية    «الصحة»: تقديم 4 آلاف و548 خدمة طبية مجانية فى مجال طب نفس المسنين    وضع حجر أساس إنشاء مبنى جديد لهيئة قضايا الدولة ببنها    البنك الأهلي المصري يطلق خدمة استقبال الحوالات الإلكترونية لحظيًا    وضع حجر أساس إنشاء مبنى جديد لهيئة قضايا الدولة ببنها    ل برج السرطان والحوت والجوزاء.. احذر تقع ضحية للعلاقات العاطفية السامة (توكسيك)    بعد قليل.. افتتاح المؤتمر العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب    رئيس الأعلى للإعلام: القاهرة الإخبارية صوت مصر ينقل رسالتها للعالم    الشامي : موقف رمضان صبحي صعب بسبب المنشطات    فرق الدفاع المدنى الفلسطينى تكافح للسيطرة على حريق كبير فى البيرة بالضفة الغربية    الحبس عام لنجم مسلسل «حضرة المتهم أبيّ» بتهمة تعاطي المخدرات    «التضامن»: طفرة غير مسبوقة في دعم ورعاية ذوي الإعاقة نتيجة للإرادة السياسية الداعمة (تفاصيل)    من حقك تعرف.. إهمالك لأولادك جريمة.. ما هى عقوبتها؟    وزير الري يتابع ترتيبات عقد أسبوع القاهرة السابع للمياه وأسبوع المياه الإفريقي    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    الدفاع المدني بغزة: الاحتلال دمر مئات المنازل في مخيم جباليا شمال القطاع    الأونروا يدعو إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة لبحث الهجمات الإسرائيلية على موظفي الوكالة    التصديري للصناعات الطبية والأدوية يبحث مع وفد أذربيجاني التعاون المشترك    التعليم العالي: مصر تشارك في الاجتماع الأول للمؤسسة الإفريقية للتعلم مدى الحياة بالمغرب    رئيس هيئة الرعاية الصحية يجري جولة تفقدية داخل مدينة الدواء.. صور    الصحة: القوافل الطبية قدمت خدماتها العلاجية ل 145 ألف مواطن بالمحافظات خلال شهر    سيد معوض: لست مؤيدًا لفكرة عودة أشرف بن شرقي للدوري المصري    رئيس الإمارات يؤكد أهمية إيجاد أفق للسلام العادل والشامل في الشرق الأوسط    كيف كشفت الحرب الروسية قصور الأسلحة الأمريكية؟.. أخطاء كارثية    نقابة الأطباء البيطريين: لا مساس بإعانات الأعضاء    كوريا الشمالية تُطلق وابلا من الصواريخ البالستية القصيرة المدى    وزير الخارجية: الصين تدعم وقف إطلاق النار فى غزة وإدخال المساعدات للفلسطينيين    هل تجوز الصدقة على الخالة؟ محمد الجندي يجيب    بيبو: التجديد ل معلول؟ كل مسؤولي الأهلي في إجازة    وزيرة الاقتصاد التونسي تؤكد ضرورة توفير المناخات الملائمة للقطاع الخاص في البلدان الأفريقية    الإفتاء توضح حكم التأخر في توزيع التركة بخلاف رغبة بعض الورثة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أدب الخيال العلمى.. رحل مع نهاد شريف!
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 05 - 09 - 2021


حسن حافظ
يحلِّق الخيال بنا إلى آفاق وعوالم غير معروفة، يخترق بنا السحب ويأخذنا إلى أعماق البحار، لكن روعة الخيال تزداد تألقا عندما ترتبط بالعلم، فينتج من هذا المزيج المدهش عالم الخيال العلمي، والذى بات يشكل أحد أركان مشهد الرواية على مستوى العالم، إلا أن هذا الفن الذى يعيد توظيف الاكتشافات
العلمية والنظريات المجربة فى بناء عمل روائى يجمع بين الحبكة الدرامية القائمة على تحدى الإنسان للمجهول والخطر، واستخدام عقله لمواجهة الجديد العلمي، لا يزال هامشيا فى مشهد الرواية المصرية والعربية.
رغم المحاولات المبكرة فى هذا الأدب والتى بدأت مع المجرب الكبير توفيق الحكيم، مرورا بإسهامات أجيال روائية مختلفة، فإن كتابة الخيال العلمى لا تزال ضعيفة، رغم توقعاتٍ عِدة بأن يكون لروايات الخيال العلمى الحيز الأكبر من إقبال القراء على مستوى العالم خلال السنوات القليلة المقبلة فى ظل رواج هذه الروايات فى الآونة الأخيرة.
وقد ظهرت روايات الخيال العلمى فى أوروبا منذ العصر الحديث بنماذج من نوعية رواية «الحلم» 1634، للألمانى يوهانس كيبلر، و«رحلات جوليفر» 1726، للإنجليزى جوناثان سويفت، لكن الميلاد الحقيقى لهذا النوع الأدبى كان فى القرن التاسع عشر، فى ظل طفرة الاكتشافات العلمية التى جعلت بعض الكتاب يعملون على استخدام أحدث النظريات العلمية لبناء عمل روائى يقوم على تخيل ما يمكن أن تصل إليه الاكتشافات والنظريات العلمية، ومن هنا ولد أدب الخيال العلمى الذى يختلف عن أدب الفانتازيا القائم على الإغراق فى الخيال كما هو الحال فى نص ألف ليلة وليلة. بدأ الخيال العلمى بشكل ناجح من خلال أعمال الفرنسى جول فيرن، الذى يعد على نطاق واسع أحد آباء روايات الخيال العلمي، والتى بدأ فى نشرها منذ منتصف القرن التاسع عشر، وحفرت اسمه بحروف من ذهب.. وتعتمد روايات جول فيرن على المنجز العلمى القائم فى عصره مع تطويره بشكل خيالى يستشرف المستقبل، فكتب رواية «عشرون ألف فرسخ تحت الماء» والتى تنبأ فيها بشكل الغواصة، وبالفعل استوحى العلماء الألمان شكل الغواصة من روايته ونفذوها بعد نحو 50 عاما من صدور الرواية، كما ألف رواية «من الأرض إلى القمر»، والتى تنبأ فيها بالصعود إلى القمر باستخدام صاروخ، وهو ما تم على أرض الواقع ولكن بعد نحو 100 عام من صدور الرواية، كما قدم روايته الشهيرة «حول العالم فى ثمانين يوما» والتى تعتمد على آخر الاختراعات وأحدثها حتى العام 1873 عام صدور الرواية التى تعد من أشهر روايات فيرن وأكثرها تقديرا من النقاد.
وإذا كان فيرن هو أديب فرنسا الأكبر فى أدب الخيال العلمي، فإن هربرت جورج ويلز، هو أديب الإنجليز الأشهر فى هذا الفن، عبر مجموعة من الروايات التى تحولت إلى أعمال سينمائية ناجحة، وفى مقدمتها رواية «آلة الزمن»، و«الرجل الخفي»، و«جزيرة الدكتور مورو»، و«حرب العوالم»، و«أوائل الرجال على القمر»، وتميزت هذه الروايات بمرحلة نضج أعلى من أعمال فيرن، إذ بدأت الحبكة الدرامية فى التعقيد والتشابك، ولم يعد هناك مجال للاكتفاء بإدهاش القارئ، بل عمد ويلز لتضمين انتقادات اجتماعية لاذعة للمجتمع الإنجليزى فى عصره ضمن أعماله التى وصل بها أدب الخيال العلمى لمرحلة نضجه.
فى النصف الثانى من القرن العشرين وصل أدب الخيال العلمى إلى ذروته، خصوصا أن الكثير من نصوصه عرفت طريقها إلى السينما الأمريكية التى اهتمت بتحويل هذه النوعية من الروايات الجماهيرية إلى أعمال سينمائية مضمونة النجاح، وظهر بالتوازى مع هذه الحركة ثلاثة من أهم كتاب الخيال العلمى فى كل العصور، وهم البريطانى آرثر تشارلز كلارك، والأمريكى روبرت أنسون هيينلين، والأمريكى الروسى إسحاق عظيموف، الذين أطلق عليهم «الثلاثة الكبار» فى مجال كتابة رواية الخيال العلمي، لضخامة تأثيرهم الفني، إذ لم يتركوا فكرة إلا وطرقوها، فتركوا بصمة لا تزول على هذا الفن الروائى وتركوا تأثيراً لا يمحى على أجيال من كتاب الخيال العلمي، وعلى أيدى الثلاثة الكبار تحولت رواية الخيال العلمى إلى فن قائم بذاته ويحظى بتقدير نقدى وجماهيرى واسع فى أمريكا وأوروبا، فضلا على اعتماد السينما العالمية على هذه الروايات فى إنتاج عشرات الأفلام القائمة على الخيال العلمى والذى جعلت لهذا الفن جماهيرية تتفوق على أى فن روائى آخر، ما جعل الكثير من النقاد يتحدثون عن أن رواية الخيال العلمى هى الإطار الذى سيبتلع كل أشكال الرواية الأخرى، وسيهضمها داخله بما فى ذلك الرواية الرومانسية والتاريخية.
إذا كان هذا هو واقع أدب الخيال العلمى فى العالم الغربي، فإن الوضع مختلف تماما فى مصر والعالم العربي، فلا يزال هذا الفن يحبو ويعانى التخبط، رغم أن بدايات أدب الخيال العلمى فى مصر كانت مبشرة، إذ كانت البداية مع توفيق الحكيم الذى كتب مسرحية «رحلة إلى الغد» 1957، وهى من أدب الخيال العلمى، ثم استلم الراية نهاد شريف الذى يعد أفضل من كتب رواية خيال علمى فى مصر والعالم العربي، حيث قدّم رائعته «قاهر الزمن» 1972، التى فازت بجائزة نادى القصة، واعتبرت أول رواية خيال علمى متكاملة بالعربية، ثم قدم مجموعة من الروايات والقصص التى رسخت أقدامه فى هذا الفن وجعلته رائده الأول.
لكن للأسف لم تستمر المحاولات الجادة على نفس المستوى الذى وصل إليه نهاد شريف، إذ حاول كل من نبيل فاروق فى سلسلة «ملف المستقبل» وأحمد خالد توفيق فى معظم سلاسله خصوصا سلسلة «فانتازيا» التى تقوم على اختراع علمى يحول الأحلام إلى حقيقة، الاستمرار فى فن الخيال العلمى لكن كانت أعمالهما رغم امتيازها بالتشويق والاعتماد على أحدث النظريات العلمية، إلا أنها كانت فى معظمها مندرجة تحت خانة أدب التسالى والأدب الموجه للمراهقين، وهو الأمر الذى أضر بسمعة أدب الخيال العلمى فى مصر ولم يعد ينظر إليه بالجدية الكافية على الرغم من أنه يحتاج إلى معرفة علمية عميقة بجوار موهبة أدبية عريضة.
من جهته، حلل الدكتور حسام عقل، أستاذ الأدب والنقد بجامعة عين شمس، أسباب تراجع أدب الخيال العلمى فى اللغة العربية، قائلا ل«آخرساعة»: «لا شك أن أدب الخيال العلمى له تراث فى مصر، فكان من أول من كتب فيه وأصلوا له توفيق الحكيم فى رائعته (رحلة إلى الغد)، ثم تلقف المسار من بعده نهاد شريف، الذى يعد الأب الروحى لأدب الخيال العلمى فى مصر، لكن لم يستمر هذا المسار فى النمو والازدهار، لأن أدب الخيال العلمى يحتاج لتأهيل خاص، ويحتاج لأرصدة خاصة من الخبرة، حيث يفترض إلماما بالنظريات العلمية الحديثة مثل نظرية الانفجار الكبير، أو نظرية الأكوان المتعددة، أو نظرية التطور، أو نظرية الأوتار الفائقة، أو غيرها من النظريات العلمية الجديدة ذات الطابع الفيزيائى والكيميائي، وهو ما يعنى أن الكاتب لهذا الفن يحتاج إلى تأهيل خاص».
وتابع عقل: «فى تقديرى الخاص أن أدب الخيال العلمى يمر الآن بمرحلة مأزومة بعد رحيل نهاد شريف، ومن الصحيح أن هناك كتَّاباً يجتهدون مثل محمد نجيب مطر، وصلاح معاطي، وبعض الكتاب القليلين، إلا أن هذا لا يرقى أبدا إلى خلق حركة أدبية تنتسب إلى أدب الخيال العلمي، ومن هنا فإن على العالم العربى أن يبذل جهده فى خلق مناخ علمى وفضاء مناسب للبحث العلمى يستقطب الشباب ويكون بيئة خصبة لإنتاج أدباء خيال علمي، خصوصا أن الشباب فى مجملهم يميلون إلى هذا النوع الأدبي، وقد خصص له بعض كتاب الشباب سلاسل كالراحلين نبيل فاروق وأحمد خالد توفيق، فمن واجبنا أن نقرع أجراس الإنذار إلى أن هناك حالة من شبه الفراغ فى كتابة الخيال العلمي، يتعين أن نبادر لعلاجها وإلى خلق حاضنة علمية يفيد منها الشباب».
ولفت عقل إلى خطأ شائع يقع فيه الجميع بالخلط بين أدب الخيال العلمى وأدب الفانتازيا أو الغرائبي، لذا فالأمر يحتاج لقراءة معمقة فى أدب الخيال العلمى وميراثه العالمى لتحديد السمات البارزة لهذا الإبداع، فالأدب العجائبى أو الغرائبى يقوم على التخيل المحض، ولا يشترط أن يكون له أدنى ملامسة للعلم ونظرياته، بل إن فيه أنساقاً تخيلية تتحدى العقل والعلم معا، أما أدب الخيال العلمى فيعتمد على الحقائق الصلبة، والبيانات العلمية الدقيقة، والاستناد إلى حقائق علمية لا يسمح للخيال أن يتلاعب بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.