حين تصمت المدافع صباح اليوم، يكون قد آن لأهل غزة أن يهنأوا بعيش لا يكونون فيه مشاريع شهداء، فعلى مدى 470 يومًا من الإبادة الجماعية الإسرائيلية لغزة كان كل غزى إما شهيدًا أو مشروع شهيد. تمترس الغزيون بأرضهم حتى بعد أن تحولت لأنقاض، ساعدهم فيها الإصرار المصرى على رفض المشروع الصهيونى للتهجير. ويظل السؤال مَن انتصر فى الحرب؟ التاريخ يعلمنا أن الانتصارات الكبرى غالبًا ما تكون نتيجة تراكم مستمر للضربات الصغيرة. لم يأت تحرير الجزائر فجأة ولكن جاء بعد توالى معارك صغيرة استمرت 132 عاما استشهد فيها 1.5 مليون جزائرى. لذلك يعد طوفان الأقصى خطوة على طريق طويل للتحرر الكامل، فقد تمكنت المقاومة الفلسطينية من أن تفقد الاسرائيليين ثقتهم فى أن جيشهم يمكن أن يحميهم وتسبب الأمر فى هجرة 600 ألف إسرائيلى. كما حرمت المقاومة عدوها من تحقيق أهدافه من الحرب وهى تدمير حماس واستعادة كل الأسرى بالقوة الغاشمة، بل ستحقق المقاومة هدفها بتحرير 1700 أسير فلسطينى. أما تداعيات طوفان الأقصى على المستقبل فستكون الاخطر بفقدان اسرائيل للدعم الغربى ممثلا بجيل شاب تظاهر فى اوروبا وأمريكا ضدها، هذا الجيل سيتولى القيادة مستقبلا وقد انكشف له الوجة العنصرى القبيح للصهيونية. وهو ما أكده جاك لو سفير أمريكا السابق بإسرائيل (يهودى أرثوذكسى) «ما قلته للاسرائيليين أنه عندما تنتهى هذه الحرب، عليهم أن يقلقوا بشأن ما سيحدث لأن ذاكرة الاجيال الحالية لن تمتد إلى تأسيس الدولة أو حرب الأيام الستة أو حرب أكتوبر أو حتى الانتفاضة. إنها تبدأ من هذه الحرب، ولا يمكن تجاهل تأثيرها على صانعى السياسات فى المستقبل، ليس مَن يتخذون القرارات اليوم، بل أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و35 و45 عامًا اليوم، الذين سيكونون قادة الأعوام الثلاثين أو الأربعين القادمة».