◄ لا أغار من عمر الشريف.. وسعاد حسني ممثلة «كويسة» قبل نحو 64 عامًا أجرت الكاتبة الصحفية حُسن شاه (1931-2012) حوارًا مع الفنانة فاتن حمامة (1931-2015) عقب عودة الأخيرة من يوغسلافيا حيث كانت تشارك فى مهرجان الفيلم العربى بعملها المميز «دعاء الكروان»، وتطرق الحوار إلى زوجها النجم عمر الشريف، ورأيها في الفنانة ماجدة والوجوه الجديدة وقتذاك مثل سعاد حسني وزيزي مصطفى، كاشفة سرًا بخصوص الفنانة فاطمة رشدي التي اعتبرت نفسها أعظم ممثلة ظهرت في الشرق.. التفاصيل نعيد نشرها بتصرف محدود في السطور التالية: عادت فاتن حمامة إلى القاهرة، بعد أن حضرت مهرجان الفيلم العربي في يوغوسلافيا لتجد في استقبالها بالمطار زوجها عمر الشريف ومجموعة من الأصدقاء، وكان أول سؤال ألقته على عمر بعد غياب 15 يومًا: كيف حال نادية وطارق؟ أما السؤال الثاني فكان: ما أخبار فيلم «نهر الحب»؟ ■ سعاد حسني ◄ أول سؤال وكانت إجابة عمر عن السؤال الأول هي: «نادية وطارق كويسين»، وكانت إجابته عن السؤال الثانى هي: «الفيلم ماشى كويس»، لكن الذى لم يقله لفاتن، وربما الذى لا يعرفه هو نفسه، هو مجموعة الآراء والإشاعات المتناقضة التي يتناقلها الناس حول الفيلم الذى اشتركا فيه.. رأى يقول إن الفيلم رائع، وآخر يؤكد أن الفيلم ليس فى مستوى أفلام فاتن.. رأى يعلن أن فاتن بلغت القمة فى تمثيل الفيلم، ورأى يشيع أن تمثيل فاتن كان أضعف من المعتاد، وأنها فعلت ذلك متعمدة مجاملةً لزوجها عمر الشريف، وأن عمر قد قفز بالفعل فى هذا الفيلم قفزة واسعة للأمام. والذى لم يقله عمر لفاتن، وربما الذى لم يعرفه عمر أيضًا، أن الناس يعقدون المقارنات في كل مكان بين فيلم «نهر الحب» وفيلم «المراهقات»، وأنهم يقارنون لأول مرة بين مستوى تمثيل فاتن حمامة وتمثيل فنانة أخرى هى ماجدة.. ناس يتحمسون للفيلم الأول، وغيرهم يتحمس للفيلم الثاني.. البعض يقول إن فاتن قمة لا يمكن لأي ممثلة الوصول إليها، والبعض يصر على أن ماجدة وصلت في فيلمها الأخير إلى نفس القمة. ◄ مهرجان يوغوسلافيا كل هذه الآراء والشائعات والمقارنات، كانت فى رأسي، وأنا جالسة أستمع إلى فاتن حمامة وهى تحدثني في صالون منزلها المطل على النيل، عن الاستقبال الحار الذي قوبل به الوفد السينمائي العربى من المسئولين في يوغوسلافيا، وعن الإعجاب الذى فازت به الأفلام العربية من الشعب اليوغوسلافي، ومن بينها «دعاء الكروان». ◄ قلت لها: ما هو فى رأيك أعظم دور قمت به في حياتك؟ - أنا أعتبر دائمًا أن آخر أدوارى هو أعظم أدواري. ◄ يعنى ذلك أن دورك في «نهر الحب» هو أعظم أدوارك؟ - نعم.. حتى أبدأ في تمثيل دور جديد. ■ فاتن حمامة وعمر الشريف وابنهما طارق ◄ اقرأ أيضًا | في ذكرى وفاتها.. فاتن حمامة طلبت الطلاق من عمر الشريف لهذا السبب ◄ يُقال إن دورك فى هذا الفيلم كان تكرارًا لعشرات الأدوار التى قمت بها في السابق، وهو دور الفتاة البريئة المظلومة. - غير صحيح، دورى فى هذا الفيلم كان دور امرأة سلبية، وأداء مثل هذا الدور صعب جدًا ويحتاج لمقدرة فنية كبيرة، وفى رأيى كلما كان الدور مليئًا بالحركة والحيوية والإيجابية سهُل أداؤه. ◄ يعنى أن دورك في «دعاء الكروان» كان أسهل؟ - دوري في «دعاء الكروان» كان فيه مجال أكثر لإظهار مقدرتى التمثيلية، وكذلك دورى فى «لا أنام» وفى «بين الأطلال»، ففى «دعاء الكروان» قمت بدور البنت القروية الساذجة التي غدرت بها الدنيا، فتحاول أن تنتقم عن طريق القتل، وعندما تكتشف أنه ليس لديها القدرة على قتل عدوها تحاول أن تنتقم منه بطريقة نسائية، بأن تجعله يحبها، وفى نفس الوقت تتبلور شخصيتها وتقع هى فى حب هذا العدو. أما «لا أنام» فإنني لعبت دور البنت الشقية الشريرة التي خربت الدنيا وكانت النتيجة أن المصائب كلها تجمعت في النهاية فوق رأسها، وفى «بين الأطلال» قمت بدور البنت التى تحب منذ الشباب حتى تصبح عجوزًا، وكان الدور كله حب ودراما، ففى هذه الأدوار كان هناك مجال كبير لإظهار ألوان مختلفة من العواطف والأحاسيس والحركة. ◄ طيب.. وفي «نهر الحب»؟ - في «نهر الحب» كان دورى البنت المظلومة التي تضحي من البداية للنهاية، وهو لا يقل صعوبة عن الأدوار التى ذكرتها، إن لم يكن أصعب، لأن من المهم أن تظهر البطلة سلبية طول الوقت، وتمثيل السلبية صعب جدًا، وعمومًا كنت أفضل أن تكون شخصية البطلة فى «نهر الحب» هى نفس شخصية «أنا كارنينا» كما كتبها تولستوي، شخصية المرأة الشابة المتزوجة من رجل يكبرها جدًا، التى تقع فى حب شاب من سنها، وتخطئ وتواجه زوجها والمجتمع كله بخطيئتها، وتكون نهايتها الانتحار، أما فى «نهر الحب» فقد جعلوا من البطلة شهيدة، فهى متزوجة من رجل يكبرها كثيرًا ويعذبها، وهى تحب رجلًا آخر لكنها تضحى بحبها ولا تخطئ، ومع ذلك ينتهى أمرها بالانتحار، وهذا النوع من الأفلام الخيالية قوي، لكننى أفضل عليه الأفلام الواقعية. ◄ أنسى كل شيء ◄ هناك شائعة تقول إنك أضعفت نفسك فى التمثيل متعمدة حتى تعطى فرصة الظهور لعمر الشريف؟ - ضحكت وقالت: الذين يقولون هذا الكلام، يجربون الوقوف أمام الكاميرا، عندما أقف أمام الكاميرا أنسى كل شيء إلا دورى الذى أقوم به. ◄ ألا تشعرين بالغيرة لو تقدم عليك زوجك عمر الشريف في التمثيل؟ - أبدًا، والله أنا أكون سعيدة جدًا، أنا لما أشوف حد يمثل قدامى كويس أبقى منسجمة جدًا، وأقول الله.. تمام زى ما أكون سامعة مقطوعة موسيقية جميلة. ◄ ألا تغارين لو قيل إن إحدى الممثلات أصبحت في نفس مستواك الفني أو تقدمت عليك؟ - لا أتضايق أبدًا، لو كانت هى بالفعل فى مستواى الفنى أو فى مستوى أحسن منى، لكن الذى يضايقنى أن يقال هذا الكلام من ممثلة ليست فى نفس مستواي.. مثلا أم كلثوم، أنا أعرف أنها تحب الاستماع لكل صوت جميل، فلو ظهرت مطربة عظيمة، فإن أم كلثوم ستكون أسعد إنسانة بسماعها، لأنها تعرف أكثر من غيرها دقائق فن الغناء، أما إذا ظهرت مطربة ضعيفة، وقامت على المسرح بحركة مثلًا جعلت الجمهور يصفق لها طويلًا، فليس معنى هذا أن تقتنع أم كلثوم بفن مثل هذه المطربة. ◄ سمعت فاطمة رشدي مؤخرًا تقول إنها أعظم ممثلة ظهرت فى الشرق، وأنه لن تظهر من تحتل مكانها فى التمثيل، ولو بعد مئة عام.. ما رأيك؟ - سأروى لك قصة، عندما بدأنا نختار ممثلى فيلم «دعاء الكروان» طلبتُ أن تقوم فاطمة رشدي بدور الغازية، وعرضنا عليها الدور بأجر قدره ألف جنيه: ولكنها أرسلت تقول: «قولوا لفاتن حمامة أنا أحسن منها واسمى لازم ينزل فى الإعلانات قبل اسمها» وضاع الدور على فاطمة رشدي، برغم أننى كنت أتمنى أن تظهر معي، وطبعًا أنا أعذر فاطمة رشدي، لأنها كانت فى يوم من الأيام أعظم ممثلة فى البلد، لكن عندما أسمع مثل هذا الكلام، أدعو الله عندما يحين الوقت الذى يجب أن أعتزل فيه التمثيل، أن أعرف قيمة نفسي وقيمة غيري، فأنا لا يزعجنى فى الدنيا أكثر من أمرين أرجو ألا يحدثا لى أبدًا، الأول عندما أرى سيدة طاعنة فى السن تتصابى، والثانى عندما أرى ممثلة قديمة لا تزال تعيش فى أحلام المجد. ◄ الوجوه الجديدة ◄ ما رأيك في الوجوه النسائية الجديدة؟ - زيزي البدراوي كويسة. ◄ ومن أيضًا؟ - سعاد حسني كويسة، وزيزى مصطفى كمان. ◄ هل صحيح أنك ستمثلين على المسرح في الموسم القادم؟ - اتفقت فعلًا مع الفرقة القومية على أن أظهر فى إحدى رواياتها خلال موسم 1961-1962. ◄ ما هو الأجر الذى ستتقاضينه؟ - ولا مليم، سوف أمثل مجانًا.. عندى حنين شديد للمسرح. ◄ والتلفزيون.. هل توافقين على العمل فيه؟ - أوافق بشرط أن يكون التصوير على فيلم سينما، وأن يكون المخرج والمصوّر ممتازين، لأن طريقة «الكلفتة» التى تظهر بها التمثيليات فى التلفزيون لا تعجبني. ◄ وما الأجر الذى تتقاضينه إذا ظهرت في التلفزيون؟ - طبعًا أقل من السينما. ◄ أدوار كوميدية ◄ هل عندك مشروعات أخرى؟ - نعم، سأقوم خلال هذا الموسم بتمثيل فيلم من النوع الكوميدى الخفيف، وقد عثرت على القصة بعد مجهود كبير. ◄ إذن سنكف عن البكاء فى الموسم القادم؟ - بل الحقيقة أنكم سوف تموتون من الضحك. («آخرساعة» 28 ديسمبر 1960)