قبل أيام من عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض رئيسا للولايات المتحدةالأمريكية فى فترة رئاسية جديدة، أرسلت له الطبيعة رسالة غاضبة من كاليفورنيا، عنوانها الرئيسي: «لا مجال بعد اليوم لإنكار التغير المناخي». واشتهر ترامب خلال فترة رئاسته السابقة، وحتى بعدها، بمواقفه المنكرة لظاهرة التغير المناخي، ففى عام 2012، غرد عبر موقع تويتر واصفا مفهوم الاحتباس الحرارى بأنه «خدعة صينية تهدف إلى جعل الصناعة الأمريكية أقل قدرة على المنافسة». لم تتوقف مواقف ترامب عند حدود التصريحات، بل اتخذ خطوات عملية تعكس معارضته للتوجهات العالمية بشأن المناخ، كان أبرزها انسحاب الولاياتالمتحدة من اتفاقية باريس للمناخ فى عام 2017، التى وصفها بأنها «غير عادلة» وتفرض أعباء غير مبررة على الاقتصاد الأمريكى. وفى حين يستعد الناشطون البيئيون لخوض معركة جديدة ضد مواقف ترامب المنكرة للتغيرات المناخية، والتى من المتوقع أن تتزايد وتيرتها بعد عودته للبيت الأبيض، قدمت الطبيعة درسًا قاسيًا عبر حرائق غير مسبوقة فى كاليفورنيا، من المفترض أن تهدئ من نبرة إنكار التغير المناخى فى خطاب الرئيس الأمريكي. وحرائق الغابات فى كاليفورنيا ليست ظاهرة جديدة، لكنها هذه المرة كانت بالغة القسوة وعلى نطاق أوسع، وتشير التقديرات المبدئية إلى أنها ستكلف الاقتصاد الأمريكى خسائر فادحة. ولا يمكن التعامل مع هذه الأزمة غير المسبوقة بتفسيرات «غير علمية» تتجاهل الأسباب الحقيقية، فالأمر الواضح هو أن الطبيعة لم تعد قادرة على تحمل عبث الإنسان بها، فقد تسبب الإهمال فى مواجهة الاحتباس الحرارى فى تغير أنماط هطول الأمطار، مما أدى إلى نقص المياه وتفاقم الجفاف، والذى بدوره أدى إلى جفاف الأشجار والنباتات وتحويلها إلى مواد قابلة للاشتعال. وإذا كانت الطبيعة قد عبرت عن غضبها فى كاليفورنيا قبل أيام من عودة الرئيس الذى ينكر التغير المناخي، فمن المتوقع أن يشهد عام 2025 المزيد من مشاهد غضب الطبيعة، ولا نعلم أى دولة ستكون الضحية القادمة، خاصة بعد أن كشفت تقارير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية عن تجاوز درجات الحرارة العالمية عتبة 1,5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية. فهل سيكون هذا العام هو الموعد مع مواقف أكثر حزمًا لوقف مسببات الاحتباس الحراري؟ أم أن العالم سيواصل التهرب من معالجة أصل المشكلة المتمثلة فى الزيادة المستمرة لانبعاثات الغازات الدفيئة مثل ثانى أكسيد الكربون (CO2) والميثان.