أصبح القتل هو ثمن الشهامة، الذي دفعه الشاب محمد إسماعيل كمقابل لأنه حاول إنقاذه فتيات من التحرش والمضايقات، رافضًا ما يحدث ويراه أمام عينه، إلى أن وقع فريسة للمجرمين الذين انهالوا عليه بالطعنات دون شفقة أو رحمة منهم والى التفاصيل التي شهدتها أحد مراكز محافظة الدقهلية. محمد إسماعيل، شاب يبلغ من العمر 25 عاما، يسكن مع والديه وشقيقه الصغير في بيت بسيط بمركز نبروه، التابع لمحافظة الدقهلية، بيت يملؤه الطيبة والسماحة، يعتبر محمد هو الابن الأكبر لوالديه بعدما تزوجت شقيقتاه، كان بارا بوالديه، يشهد الجميع له بالأخلاق الحميدة، محبوب من الكل، لا يتأخر عن مساعدة أحد، يحترم الصغير قبل الكبير، لم يكن له أي عداوات أو خلافات مع أحد، حصل محمد على دبلوم تجارة، ولم يكن كغيره من الشباب الذين يحبون اللعب واللهو، وإنما قرر أن يرتدي عباءة الشقاء منذ صغره، والخروج للعمل لمساعدة والده في رعاية وتربية الأغنام، بالإضافة لفرصة العمل التي جاءته بإحدى الدول العربية، فيسافر وعندما يعود في الإجازة لا يتأخر عن مساعدة والده في عمله. تربى محمد منذ الصغر على الشهامة والرجولة، لم يكن يعلم أنهما سيكونان سببًا في قتله وإنهاء حياته وهو مازال في ريعان شبابه.. فبين عشية وضحاها انتهت حياة هذا الشاب وسالت دماؤه بدم بارد أمام أنظار الجميع، دون أي ذنب اقترفه سوى رجولته إذا كنا نعتبر أن الرجولة والشهامة ذنب في زمننا هذا يستحق عليهما القتل. قبل عام وكما تحدثنا محمد وأسرته فهم دائما ما يتجنبون المشاكل والخلافات، حياتهم كانت آمنة مطمئنة، لم تكن هناك غير مشكلة واحدة تؤرق حياتهم، وهي الخلافات والقضايا التي بينهم وبين عائلة أخرى.. فجذور تلك المشكلة بدأت منذ عام وتحديدا في شهر سبتمبر 2023م، عندما خرج محمد كعادته بالأغنام ومعه كلبه الذي لا يفارقه، وأثناء سيره في الطريق، رأى فتيات قاصرات يتعرض لهن ثلاثة شباب أشقاء بالمضايقات، فحاول محمد الدفاع عنهن، لكن تهجم عليه الشباب وأحدثوا به عدة إصابات، ووصل الموضوع لإجرائه عملية جراحية في عينه، وقتها تم تحرير محضر واقتص القضاء لحق محمد وتم الحكم على المتهمين الثلاثة بالحبس لمدة سنتين، حاولوا معه مرارا وتكرارا إعطائه الأموال للتنازل عن حقه، لكن رفض محمد التنازل وصمم على أخذ حقه بالقانون، من هنا بدأت شرارة الحقد وسيطر الانتقام على المتهمين فأصبحوا لا يرون سوى الدم والتنكيل، بدأوا يرسلون التهديدات للضحية "لو متنازلتش هنقتلك" -كما قالت ابنة عمه-، لم يكن ذلك المسكين يدري أنهم سينفذون تهديدهم وحياته ستنتهي في غمضة عين. يوم الجريمة مرت الأيام وسافر محمد للخارج بسبب طبيعة عمله، ظل حوالي أسبوع في الغربة ثم عاد لبيته، نام قليلا، وعندما استيقظ قرر الذهاب لمنزل عمه؛ الذي يسكن بالقرب من منزل المتهمين. الساعة كانت 5 مساء يوم الجمعة 27/12/2024م، جميع الأهالي داخل بيوتهم منهم من هو عائد من عمله، ومن من هو عائد من أرضه، بينما كان محمد يسير آمنا مطمئنا، كان هناك من يتربص له وكأنه ينتظر فريسته لينقض عليها، فجأة ودون أية مقدمات انقض عليه المتهمون، ضربه الأب بعصا غليظة على رأسه أفقدته توازنه فسقط على الأرض، وبدون شفقة أو رحمة انهال عليه الأبناء الثلاثة بالطعنات ولم يتركوه إلا وهو غارق في دمائه، ظل محمد يصرخ، فخرج الأهالي على صوت الصراخ في حالة من الفزع، عقدت الدهشة ألسنتهم من هول ما رأوا، حاولوا نقل محمد سريعا للمستشفى في محاولة لإنقاذه لكن صعدت روحه للسماء قبل وصوله للمشفى، وبقي أن كل ما حدث رصدته كاميرات المراقبة بالصوت والصورة. وفي اللحظة التي مات فيه محمد داخل المستسفى، تجسد الجحود والقسوة في أبشع صورهما، عندما هرب الأبناء الثلاثة بينما الأب ذهب لمركز الشرطة لتحرير محضر ضد محمد بأنه تعدى عليه، ولكن أثناء وجوده في القسم جاءت إشارة من المستشفى بأنه توفى، فتم إلقاء القبض عليه. جنازة مهيبة حالة من الحزن انتابت الجميع من جيرا وأصدقاء الشاب الطيب الشجاع، حزنًا عليه، وودعه الجميع في مشهد جنائزي مهيب، معلقين صوره في كل مكان، لا يطلبون سوى القصاص العادل من المتهمين الذين قتلوا هذا الشاب دون أي ذنب. رسم الحزن خيوطه داخل منزل الضحية، أم مكلومة فقدت ابنها الكبير، أصبحت في حالة يرثى لها، تجلس داخل غرفته، تحتضن ملابسه كي تشم رائحته، تنتظر دخوله عليها في أي وقت، ولكن سرعان ما تستيقظ على الحقيقة المرة وهو أنه مات قتيلا ولن يعود لحضنها مرة ثانية، وشقيقتان اتشحتا بالسواد لا يطالبان سوى بالقصاص العادل من المتهمين الذين كانوا سببًا في حرمانهما من شقيقهما، وأب فقد سنده وعكازه في هذه الدنيا، وبدلا من أن يراه عريسا ويزفه لعروسه ويلعب مع أحفاده، زفه للآخرة وهو في ريعان شبابه، عندما مات غدرا بلا أي ذنب.. وجيران لا يتذكرون سوى كل خير قدمه هذا الشاب، بمجرد ذكر اسمه فقط لا أحد يتذكر أنه أغضبهم مرة أو افتعل معهم مشكلة، الكل اجتمع على طيبته وحسن خلقه. بلاغ تفاصيل تلك الجريمة البشعة دونتها سجلات المباحث، عندما تلقت الأجهزة الأمنية بقيادة مدير أمن الدقهلية، إخطارًا من مدير المباحث الجنائية، يفيد بورود بلاغ لمأمور مركز شرطة نبروه، بوفاة شاب بعد تلقيه طعنات متفرقة بالجسم خلال مشاجرة مع آخرين. وعلى الفور، انتقل ضباط وحدة مباحث المركز لمكان البلاغ، وبالفحص تبين مصرع شاب يدعى محمد إسماعيل الإمبابي، 25 سنة، يقيم بنبروه، وذلك بعد تلقيه طعنات متفرقة في البطن والصدر. كشفت التحريات الأولية وجود خلافات قديمة بين المجني عليه والمتهمين وهم؛ الأب فتحي، وأبنائه الثلاثة عمر وخالد وطلعت، وأثناء تقابله مع المتهمين يوم الواقعة نشبت بينهم مشاجرة، وتعدوا عليه بالضرب بسلاح أبيض وفروا هاربين. تمكن رجال المباحث من إلقاء القبض عليهم، وأمرت النيابة بحبسهم 4 أيام على ذمة التحقيقات. اقرأ أيضا: شاب يقتل شقيقه بالرصاص بسبب خلافات عائلية بقنا