محصول القرن وغذاء الفقير.. هذا هو «نبات الكسافا» الذى نجحت مصر في زراعته بل وبدأت فى تصنيع منتجات مختلفة منه لأهميته الغذائية والاقتصادية فى تحقيق الأمن الغذائى والطاقة المأمونة، وكذلك الاستفادة البيئية بالتوسع فى زراعته لمواجهة انبعاث كميات إضافية من عوادم الغازات المسببة للاحتباس الحرارى والمسئولة عن تغير المناخ، أهمية هذا النبات جعل منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة «الفاو» تطلق عليه لقب «محصول القرن الحادى والعشرين» فى ظل الارتفاع الكبير فى أسعار الحبوب خاصة القمح، وإمكانية تحويله لدقيق عالى الجودة.. حيث ينتمى إلى فئة الشجيرات المعمرة المستديمة الخضرة، والذى يتميز باحتواء جذوره الضخمة والمنتفخة والطويلة على محتوى مرتفع جدا من «النشا والدقيق»، ويمثل المحصول الغذاء الأساسى لنحو ما يزيد على مليار نسمة لدى 105 بلدان إذ يوفر ثُلث السعرات الحرارية المطلوبة يوميا. ◄ يحل أزمات الخبز والأعلاف ومصدر رئيسي للسعرات الحرارية والكربوهيدرات ◄ مناسب لمرضى حساسية القمح ومرضى التوحد تقول الدكتورة داليا طنطاوي، رئيسة مجلس قسم الخضر بكلية زراعة أسيوط، ومديرة وحدة استخراج الدقيق الخالى من الجلوتين والنشا من الكسافا، إن من مميزات «الكسافا» أن زراعته رخيصة واحتياجاته السمادية منخفضة، فى مقابل غزارة الإنتاج ليصبح مصدرا غذائيا للأسر محدودة الدخل، كما أنه لا يحتاج عناية خاصة بعد الزراعة، ووفق توقعات «الفاو» فإنه سيكون مانعا لحدوث المجاعات فى ظل الارتفاع الكبير فى أسعار حبوب القمح وإمكانية تحويله لدقيق عالى الجودة، وتعتبر «الكسافا» من المحاصيل الضرورية لتحقيق كل من الأمن الغذائى والطاقة المأمونة فهو يأتى بعد الذرة الصفراء كمصدر جيد للدقيق والنشا وهو من المحاصيل الواعدة لإنتاج الوقود الحيوى صديق البيئة وهو الإيثانول. ◄ سد الفجوة الغذائية أضافت: ويعمل على سد الفجوة الغذائية بطريقة مباشرة حيث يخلط مع القمح وبطريقة غير مباشرة بإحلاله كليا أو جزئيا فى علائق الحيوانات كبديل للذرة الصفراء، وزراعة الكسافا تعتبر نوعا من أنواع الأقلمة مع التغيرات المناخية وتحقيق مرونة فى مواجهة التغيرات المناخية السلبية، وهو ثالث أكبر مصدر للسعرات الحرارية بعد الأرز والذرة، وثانى محصول «نشوى» بعد البطاطا، ويعتبر أحد الممارسات لتطبيق منهج الزراعة الذكية مناخيا فى مصر وهذا يتفق مع رؤية مصر 2030 وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، لافتة إلى أن هناك استفادة بيئية من التوسع فى زراعته نظرا لأن مجموعه الخضرى غزير حيث يعمل على مواجهة انبعاث كميات إضافية من عوادم الغازات التى تسبب الاحتباس الحرارى والمسئولة عن تغير المناخ، ويزرع فى مصر خلال شهرى مارس وأبريل وأول مايو إما منفردة أو مختلطة مع محاصيل أخرى بتحميل محاصيل أخرى عليها، وتزرع بالعقل الساقية ويحتاج الفدان من 4000 ل6000 عقلة أى متوسط 5000 عقلة تقريبًا. ◄ فوائد بالجملة وأشارت داليا، إلى أن محصول الكسافا من المحاصيل ذات الجدوى الاقتصادية حيث يدخل فى العديد من الصناعات الغذائية لاحتوائه على الدقيق والنشا والحبوب والرقائق والجريشة، بالإضافة إلى استخدام أوراقه كغذاء للإنسان مثل السبانخ واستخدام الدرنات فى تغذية الحيوان وتعرف الكسافا، كعشبة معمرة، ويأتى نبات الكسافا بعد الذرة صفراء كمصدر جيد للدقيق وللنشا، وتعتبر الأصناف المطورة حديثا من «الكسافا» ذات نوعية ممتازة من النشا يتزايد الطلب عليها من قبل الجهات الصناعية لجودتها، وهو من المحاصيل الواعدة لإنتاج الوقود الحيوى صديق البيئة «الإيثانول»، وتستخدم أيضا أوراق بعض أصناف نبات الكسافا فى إعداد الطعام، حيث تعتبر جذورها غنية بالكربوهيدرات وأوراقها ليّنة يصل محتواها البروتينى إلى 25%، بالإضافة إلى غناها بعنصرى الحديد والكالسيوم، وفيتامين «أ» و «ج»، وتؤكل طازجة او مجمدة، أما «الساق» فتستخدم كعقل للزراعة وتطحن وتستخدم فى الأعلاف، و«الدرنات» تصدر لدول السوق الأوروبية لاستخدامها فى علائق الحيوانات المركبة، كما يتم تخمير الدرنات بكائنات معينة لإنتاج الوقود الحيوى صديق البيئة، وقشور الدرنات تستخدم فى الأعلاف والبيئات العضوية، ويستخرج منها النشا ويستخدم فى الصناعات الغذائية و«تنشية المنسوجات» ومستحضرات التجميل والمواد اللاصقة والغراء وصناعة الورق. ◄ عيش الكسافا وتوضح رئيس مجلس قسم الخضر بكلية زراعة أسيوط، أن فكرة إنشاء وحدة لاستخراج الدقيق الخالى من الجلوتين والنشا من الكسافا هى الأولى من نوعها على مستوى الجامعات المصرية، وقد تم توفير خط استخراج الدقيق والنشا من الكسافا وبالفعل تم تركيبه وتجربة الخط منذ شهر مايو الماضى، حيث نجحت الوحدة فى إنتاج «دقيق الكسافا»، وقمنا بإنتاج أنواع مختلفة من المخبوزات والفطائر والبسكويت والحلو، وبذلك نكون وفرنا من استهلاك القمح بنفس النسبة، كما أن هذا النوع من الدقيق مناسب لمرضى السلياك أو حساسية القمح ومرضى التوحد. وقالت إن نبات الكسافا معروف بمقاومته للظروف البيئية الصعبة كالجفاف وارتفاع درجة الحرارة، ويستخرج من جذوره أو درناته نشا مغذٍ ومصدر رئيسى للسعرات الحرارية والكربوهيدرات.. كما يساهم فى سد الفجوة الغذائية بخلطها بدقيق القمح وذلك بنسبة 10% لتكوين مخلوط من الدقيق يصلح لصناعة الخبز لمنع الاستيراد. أضافت، أن له فوائد طبية كثيرة منها أنه مصدر غذاء لبكتيريا القولون المُفيدة التى تنشط عملية الهضم، وينظم مستوى السكر ويقلل من خطورة الإصابة بمرض السكرى من النوع الثانى.. يضاف إلى ذلك أن «نشا الكاسافا» يستعمل فى أغراض صناعية مختلفة، وللعلم فإن الإنتاج العالمى من الكسافا حوالى 110-120 مليون طن تنتج إفريقيا منها 42%، وأمريكا الجنوبية 30%، وآسيا 28% وحوالى 90% من هذا الإنتاج يستهلك محليا فى البلاد المنتجة . تابعت، إن أوراق الكاسافا الغضة والفروع الحديثة تؤكل بعد طبخها كخضار وتعتبر مصدرا لبعض الفيتامينات والبروتين وتستخدم الدرنات الطازجة بعد تقشيرها بين الوجبات بشرط أن لا يزيد عمر هذه الدرنات على بضعة شهور، والدرنات الجافة تستخدم مباشرة كغذاء إلا أنه يفضل معاملتها حتى تصبح ذات طعم مستساغ سهل الهضم، يجهز منها أطباق عديدة مطبوخة أو محمرة وذلك بإضافة أى مصدر بروتينى لها حتى تصبح غذاء متوازنا، وتُصدر إلى الأسواق فى صور مختلفة مثل شرائح الكثافة أو درنات جافة مجزأة إلى مكعبات صغيرة أو كعك أو دقيق أو نشا، والكسافا والدرنات الجافة يستعملان بكثرة فى تحضير العلائق المركبة لتغذية الحيوانات المختلفة، وقالت: «من هنا أدعو للشراكة ما بيننا وبين جميع مكونات قطاع الزراعة فى مصر وأيضا القطاع الخاص والاستثمارات الزراعية، كما أتمنى أن تدخل الكسافا ضمن الزراعة التعاقدية التى تقوم بها وزارة الزراعة لتشجيع الفلاحين على زراعته واستغلال الأراضى الهامشية». ◄ تجربة أسيوط! يذكر أن تجارب زراعة الكسافا بمصر بدأت فى مارس ويونيو 1983، بمزارع الخطارة والعدلية بمحافظة الشرقية، ومزرعة كلية زراعة قناة السويس بمحافظة الإسماعيلية، ومزارع خاصة بمحافظة المنيا، ومعهد الكفاية الإنتاجية بجامعة الزقازيق، ومركز بحوث البساتين بالقاهرة.. حتى جاءت تجربة جامعة أسيوط بشكل مكتمل زراعة وتصنيعا، وكما يوضح الدكتور أحمد المنشاوى، رئيس جامعة أسيوط، فإن جامعته انفردت بتحقيق الأسبقية فى التوجه إلى زراعة نبات الكسافا فى مزارع الجامعة؛ وذلك تقديرا من الجامعة لأهمية ذلك النبات والذى يطلق عليه «محصول القرن» أو «غذاء الفقير» إذ يعد قيمة غذائية مرتفعة، ويعد ثالث أكبر مصدر للسعرات الحرارية، ومصدرا جيدا للدقيق والنشا، ويتم استخراج مواد لاصقة منه، وتستخدم بقاياه كعلف للحيوانات، واستخدام أوراق كمون للوجبات الغذائية مطهوة فى بعض الدول. ◄ المشروع القومي وفي إطار المشروعات التي تشرف عليها وزارة الزراعة فإن هناك البرنامج البحثي لمشروع التنمية المستدامة لمحصول «الكسافا» بديل القمح، وينفذه فريق بحثى تابع لمركز بحوث الصحراء بوزارة الزراعة، فى حقل تجريبي بمحافظة الوادي الجديد، ويتم إجراء العديد من التجارب التطبيقية وتحليل صفات الجودة وكذلك الجدوى الاقتصادية والزراعية للنبات قبل اتخاذها خطوات اعتمادها وتسجيلها ونشرها، ويقول الدكتور أحمد جمال، رئيس البرنامج، إن الفكرة بدأت منذ عامين بتكليف لقسم الأصول الوراثية بشعبة البيئة وزراعات المناطق الجافة، بإعداد رؤية ودراسة بحثية مستفيضة لجدوى زراعة نباتات جديدة يمكن أن تجود زراعتها فى الأراضى المصرية، وذات اقتصادية وزراعية وقيمة غذائية عالية تعود بالنفع على المزارع المصرى والدولة، وتم اختيار عدة محاصيل منها الكسافا، التين الشوكى، الدخن، الجوجوبا، حيث تم التركيز فى المرحلة الأولى للبرنامج على محصول الكسافا حيث تم استقدام العقل من دولة تايلاند لأنها الأولى على مستوى العالم فى تصديره، والنتائج التطبيقية بعد عامين من العمل أكدت نجاح زراعة الكسافا بمحافظة الوادى الجديد.