يعلم كل من يتعامل مع المجلات العلمية أن محرر المجلة هو صاحب القرار النهائى بشأن قبول البحث للنشر أو رفضه، وذلك بناءً على معيار أساسي: «هل يحتوى البحث على عناصر ابتكارية وغير تقليدية؟». هذا التقييم يعتمد بشكل كبير على خبرة المحرر الشخصية، لذلك كثيرا ما نسمع عن باحثين يعبرون عن غضبهم تجاه بعض المحررين، مشيرين إلى أنهم لم ينجحوا فى التعرف على الجوانب الابتكارية فى أبحاثهم. ولكن مع تقدم التكنولوجيا، بدأت تلوح فى الأفق وعود بحل هذا الخلاف بين الباحثين ومحررى المجلات عبر أداة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، يمكن أن تساعد فى تقييم الابتكار فى الأبحاث العلمية. الأداة الجديدة تُدعى «DeSci Publish»، وتعمل على قياس «الابتكار» باستخدام ما يُسمى ب «نقاط الابتكار». تقيس هذه النقاط التأثير المستقبلى للأبحاث العلمية، ويتم حسابها من خلال خوارزمية تقارن الكلمات المفتاحية والمراجع فى البحث مع الأبحاث السابقة لتحديد مدى تقديم البحث لأفكار جديدة وغير تقليدية، فإذا حصل البحث على نقاط عالية، فهذا يعنى أن من المحتمل أن يكون له تأثير كبير، بدأت هذه المنصة العمل تجريبيا منذ ثلاثة أشهر فقط، وتمكنت بالفعل من حساب نقاط الابتكار لأكثر من 50 مليون ورقة بحثية. ورغم أن هذه الأداة تبدو واعدة فى حل النزاع، إلا أننى أوافق على ما ذهب إليه بعض الخبراء، مثل الدكتور ماهر القاضي، الأستاذ المساعد بجامعة كاليفورنيا، الذى يرى أن هذه الأداة قد تزيد من تعقيد الأمور، فهى لن تكون قادرة على تقييم الأبحاث التى تقدم أفكارا ثورية جديدة لا ترتبط بشكل مباشر بالأبحاث السابقة. لذلك، فى تقديري، من الصعب جدا إيجاد مقياس موحد لتقييم الابتكار باستخدام الذكاء الاصطناعى فقط، وسيظل العامل البشرى هو الأساس فى تقييم الجانب الابتكارى للأبحاث، وسيبقى الخلاف بين محررى المجلات والباحثين قائما، والفيصل فى النهاية هو مدى تمسك الباحث بفكرته وسعيه لنشرها، حتى لو تم رفضها من أكثر من مجلة، والتاريخ العلمى مليء بعشرات الإنجازات التى رفضت فى البداية، قبل أن يعترف العالم بأهميتها ويُكرمها بأرفع الجوائز العالمية.