رئيس تايوان: التدريبات العسكرية الصينية تهدد الاستقرار الإقليمي    محمود عباس: الدولة الفلسطينية المستقلة حقيقة حتمية وغزة ستعود إلى حضن الشرعية الوطنية    العابدي: أتحدث اللهجة المصرية بسبب عبد المنعم.. وافتقدنا المتعة أمام تنزانيا    البدوى وسرى يقدمان أوراق ترشحهما على رئاسة الوفد السبت    منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة بالسودان: الأوضاع الإنسانية الراهنة في البلاد صادمة للغاية    طالبات "تمريض الأزهر" يصممن نموذج "طمأنينة" للكشف المبكر عن سرطان الثدي    إيمري يوضح سبب عدم مصافحته أرتيتا بعد رباعية أرسنال    وزارة الصحة: صرف الألبان العلاجية للمصابين بأمراض التمثيل الغذائى بالمجان    أسعار اللحوم بداية اليوم الأربعاء 31 ديسمبر 2025    محافظ الدقهلية يتفقد الأعمال الجارية بمجزر السنبلاوين تمهيدًا لافتتاحه    «حصاد التموين 2025»| الكارت الموحد وميكنة متابعة السلع ومراقبة الأسواق    برنامج " لا أمية مع تكافل" يسلم 100 شهادة محو أمية للمستفيدين بالمناطق المطورة    الارتقاء بأوضاع ملايين المواطنين    تنمية زراعية متكاملة    توقيع عقد تمويل مجمع إنتاج السيليكون المعدني ب 140 مليون دولار    الذهب يتراجع مع اتجاه المستثمرين لجني الأرباح عقب موجة ارتفاعات قياسية    السيسي يهنئ أبناء مصر بالخارج بمناسبة العام الميلادى الجديد    محافظ الجيزة يهنئ الرئيس السيسي بحلول العام الميلادي الجديد    «حافظ على نفسك»    إسرائيل تصطاد في "الماء العكر".. هجوم رقمي يستهدف السعودية بعد أزمة الإمارات بين لجان "الانتقالي" و"تل أبيب"    الاحتلال يقتحم قرية المغير وبلدة الرام ويطلق قنابل الغاز والرصاص المطاطى    هل يوم الخميس عطلة رسمية بمناسبة السنة الميلادية؟    الري: متابعة معدلات العمل في كل مشروعات الحماية من أخطار السيول    رسميًا.. الزمالك يعلن رحيل أحمد عبد الرؤوف    موعد مباراة منتخب مصر ضد بنين فى دور ال16 من كأس أمم أفريقيا    تفاصيل فشل انتقال حامد حمدان لصفوف النادي الأهلى    «عزومة» صلاح تبهج بعثة منتخب مصر في المغرب    البترول توافق على تنفيذ مشروع تعديل مسار خط غاز طلخا    إحالة عاطل متهم بالاتجار في الحشيش بالأزبكية للجنايات    الأرصاد: طقس شديد البرودة صباحًا ومائل للدفء نهارًا    رفع درجة الاستعداد للقصوى فى مستشفيات سوهاج    رابط التقديم للطلاب في المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسي 2026/2027.. يبدأ غدا    ضبط 150 كيلو لحوم وأحشاء غير صالحة للاستهلاك الآدمي ببنها    إصابة 8 عاملات في حادث انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوي القاهرة–الإسكندرية بالبحيرة    الداخلية تضبط قائدى دراجتين ناريتين بدون لوحات بعد استعراض خطير بدمياط    القومي للمسرح يطلق مبادرة"2026.. عامًا للاحتفاء بالفنانين المعاصرين"    نور النبوى ضيف برنامج فضفضت أوى مع معتز التونى على Watch it اليوم    برلمانى: قرار المتحدة للإعلام خطوة شجاعة تضع حدا لفوضى التريند    الإثنين.. مؤتمر صحفي للكشف عن تفاصيل مهرجان المسرح العربي    كريم محمود عبد العزيز يبدأ تصوير مسلسل «المتر سمير» | رمضان 2026    المركز القومي للمسرح يطلق مبادرة.. 2026 عام الاحتفال بالفنانين المعاصرين    إوعى تقول: مابصدقش الأبراج؟!    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 31ديسمبر 2025 فى المنيا    خطوات صارمة من التعليم للحد من الغش في الامتحانات (إنفوجراف)    صحة بني سويف ترفع درجة الاستعداد القصوى بالمستشفيات خلال الاحتفالات رأس السنة وعيد الميلاد    محافظ أسيوط: عام 2025 شهد تقديم أكثر من 14 مليون خدمة طبية للمواطنين بالمحافظة    "هتعمل إيه في رأس السنة"؟.. هادعي ربنا يجيب العواقب سليمة ويرضي كل انسان بمعيشته    108 دقة جرس كيف يحتفى العالم برأس السنة كل عام؟    طبيبة تحسم الجدل| هل تناول الكبدة والقوانص مضر ويعرضك للسموم؟    محمد جمال وكيلاً لوزارة الصحة ومحمد زين مستشارا للمحافظ للشؤون الصحية    نتنياهو: عواقب إعادة إيران بناء قدراتها وخيمة    «مسار سلام» يجمع شباب المحافظات لنشر ثقافة السلام المجتمعي    توتر متصاعد في البحر الأسود بعد هجوم مسيّرات على ميناء توابسه    المحامى محمد رشوان: هناك بصيص أمل فى قضية رمضان صبحى    زيلينسكي يؤكد استعداده للقاء بوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا    هل تبطل الصلاة بسبب خطأ فى تشكيل القرآن؟ الشيخ عويضة عثمان يجيب    خالد الجندى: القبر محطة من محطات ما بعد الحياة الدنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تنظيم الذكاء الاصطناعي.. هل ينجح في احتواء المخاوف العالمية؟
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 09 - 2023

نشر المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية مقالا للكاتبة رغدة البهى، تناولت فيه أبرز المخاوف العالمية من الذكاء الاصطناعى، وأبرز الجهود الدولية لمواجهة هذه المخاوف، ومدى فعاليتها... نعرض من المقال ما يلى.
فى الوقت الذى تحتدم فيه المنافسة الدولية فى مجال الذكاء الاصطناعى، تقف مختلف القوى الدولية فى مراحل متباينة على صعيد القواعد والأطر المقننة له وسط خلافات جذرية فيما بينها على أفضل السبل التى تكفل ذلك.
• • •
تدور المخاوف العالمية من الذكاء الاصطناعى حول جملة من النقاط:
1 التسبب فى وفيات بشرية: تسبب الذكاء الاصطناعى فى سابقة هى الأولى من نوعها عالميا؛ فقد أسفر استخدامه عن وفاة أحد مستخدميه بسبب استخدامه لأحد تطبيقات الدردشة فى بلجيكا. فقد انتحر أحد الباحثين المعنيين بالأبحاث البيئية عقب استخدامه المفرط لمنصة «إليزا»، وهى واحدة من أقدم منصات الذكاء الاصطناعى المعنية بتقديم المشورة النفسية ودعم الأفراد نفسيا عندما يحتاجون للتحدث عن مشاعرهم وتجاربهم. فقد أمضى ذلك الباحث ساعات ممتدة بحثا عن إجابات لأسئلته البيئية حتى أدمن استخدامها، وتحول شغفه بالمجال البيئى إلى قلق مفرط خوفا على كوكب الأرض من الكوارث التى تنتظره بسبب التغيرات المناخية، مما أدى إلى عزلته واعتقاده أن مجابهة ذلك يتطلب استخدام الذكاء الاصطناعى. ومع الثقة المتنامية فى المنصة، قالت له: «سنعيش معا كشخص واحد فى الجنة دون أن نفترق»، مما أدى لانتحاره.
2 غياب الأطر المقننة: طالب عدد من الخبراء التقنيين على شاكلة «إيلون ماسك» بالتوقف لمدة ستة أشهر عن تطوير أبحاث الذكاء الاصطناعى لحين اعتماد أنظمة حماية تمكن من تنظيم عمليات الذكاء الاصطناعى ومراقبتها والتصدى لما قد ينجم عنها من اختلالات، لا سيما أن الذكاء الاصطناعى سيسفر عن تطوير عقول غير بشرية قد تتفوق على البشر عددا ونوعا.
3 التأثير فى هيكل الوظائف: مع تزايد أتمتة الوظائف عالميا من ناحية، واتجاه الشركات الكبرى إلى دمج الذكاء الاصطناعى فى برامجها المعلوماتية ما يتيح لها مزايا استثنائية من ناحية ثانية، تتعدد الدراسات التى تحذر من التأثيرات السلبية للذكاء الاصطناعى على عالم الأعمال، وبخاصة مع الاستعاضة عن بعض الوظائف وتضرر أخرى. إذ يشير مصرف «جولدمان ساكس» إلى أن نحو ثلثى الوظائف الحالية عالميا قد تصبح آلية بدرجات متفاوتة، كما سيحل الذكاء الاصطناعى التوليدى محل نحو ربع المهام، وقد يسهم فى أتمتة 300 مليون وظيفة بدوام كامل مع تضرر الوظائف الإدارية والقانونية بصفة خاصة، لتتزايد ظاهرة تسريح العمال عالميا.
4التضليل الإعلامى: قد يتسبب الذكاء الاصطناعى فى أضرار دولية بالغة بسبب إمكانية توظيفه لأغراض التضليل الإعلامى، ونشر خطاب الكراهية عبر الإنترنت، ونشر معلومات مغلوطة. فقد كشف انتشار صور منشأة عبر الذكاء الاصطناعى التوليدى وبعض التطبيقات على شاكلة «ميدجورنى» (Midjourney) على منصات التواصل الاجتماعى الاجتماعية عن مخاطر الذكاء الاصطناعى وقدرته على التلاعب بالرأى العام لا سيما أن الصور المنشأة أكثر واقعية من الصور الحقيقية. وهى ما يذكى الصراعات ويهدد الديمقراطية ويقوض حقوق الإنسان ويضر بالصحة العامة، لا سيما فى ظل الافتقار إلى قواعد السلوك ذات الصلة بصحة المعلومات على المنصات الرقمية.
5 تراجع الفاعلية السياسية: لا يمكن إغفال تكلفة الذكاء الاصطناعى المرتفعة، وعدم قدرته على اتخاذ القرارات باستخدام العاطفة التى لا غنى عن الانسياق وراءها فى بعض الحالات لا سيما فى حالة القرارات الجماهيرية. كما لا يمكنه ابتكار حلول فريدة للتحديات السياسية بسبب افتقاره للإبداع. إذ يمكن برمجته لإنتاج أفكار «جديدة» ولكن ليس أفكار «أصلية»، ما يحد من قدرته على اتخاذ القرارات المبتكرة؛ إذ سيختار الذكاء الاصطناعى الأفضل فى ظل الظروف المتاحة إلى أن يتعلم قراءة وفهم المشاعر الإنسانية.
• • •
فى اتجاه مضاد للمخاوف العالمية وبهدف احتوائها، تتعدد جهود الدول والمنظمات الدولية الرامية إلى تقنين الذكاء الاصطناعى وتنظيم استخداماته. ففى يونيو 2023، أيد الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو جوتيريش» اقتراحا قدمه بعض المديرين التنفيذيين البارزين فى مجال الذكاء الاصطناعى بإنشاء هيئة رقابة دولية للذكاء الاصطناعى على غرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقد أعلن عن خطط لبدء العمل بحلول نهاية العام الحالى فى هيئة استشارية رفيعة المستوى للذكاء الاصطناعى لمراجعة ترتيبات حوكمة الذكاء الاصطناعى بانتظام وتقديم توصيات حول كيفية مواءمتها مع حقوق الإنسان وسيادة القانون والصالح العام، مع الأخذ فى الاعتبار أن هذا النموذج لا بد أن ينشأ بواسطة الدول الأعضاء فحسب لا الأمانة العامة للأمم المتحدة.
وفى 14 يوليو 2023، حذرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) من أن استخدام الذكاء الاصطناعى لتعزيز التطور فى مجال التكنولوجيا العصبية يشكل تهديدا لعقليات الأفراد. إذ تعمل اليونسكو على وضع «إطار أخلاقيات» عالمى يتعلق بحماية حقوق الإنسان فى مواجهة التكنولوجيا العصبية التى تعتمد على قدرة الخوارزميات على فك شفرة العمليات العقلية والتلاعب المباشر بآليات الدماغ التى تستند إليها نواياهم وعواطفهم وقراراتهم. ومن الأمثلة البارزة على ذلك وحدة «فك ترميز اللغة» التى أعلن عنها العلماء الأمريكيون فى مايو 2022 والتى تتيح ترجمة أفكار الشخص إلى نص مكتوب دون أن يتحدث بعد تدريب دماغه من خلال تمضية ساعات طويلة فى جهاز التصوير بالرنين المغناطيسى.
وقد دعت اليونسكو فى هذا الإطار إلى تطبيق التوصية التى أصدرتها فى عام 2021 والمتعلقة بطرق تطوير الذكاء الاصطناعى، والتى تشدد على ضرورة إنشاء أداة تشريعية لتنظيم الذكاء الاصطناعى ومراقبته على نحو يضمن الأمن الكامل للبيانات الشخصية والحساسة مع استحضار البعد الأخلاقى فى طموح الدول الاستفادة من هذا التطور التقنى لتقليل المخاطر الناجمة عنه.
• • •
بهدف تنظيم الذكاء الاصطناعى، أصدرت الصين فى يوليو 2023 إرشاداتها الرسمية لخدمات الذكاء الاصطناعى التوليدى، لتصبح بذلك واحدة من أوائل الدول التى تقننه بعد أن وضعت إدارة الفضاء الإلكترونى فى الصين (CAC) قواعد ملزمة فى صورة 24 بندا دخلت حيز التنفيذ فى 15 أغسطس 2023، لتلزم مقدمى خدمات الذكاء الاصطناعى بإجراء مراجعات أمنية، وتسجيل خوارزمياتهم لدى الجهات الرسمية.
وفى سياق متصل، حظرت الصين تطبيق «تشات جى بى تى» خوفا من تقديم إجابات لا تخضع للرقابة، كما شنت حملة على المواطنين الذين يستخدمونه، واعتقلت شخصا استخدم التطبيق لكتابة مقالات مزيفة. إذ تتمسك الصين بمشروعية المصادر المستخدمة فى توليد المعلومات بجانب حقوق الملكية الفكرية التى تتمتع بها البيانات المستخدمة من قبل الذكاء الاصطناعى.
وتتأسس تلك القواعد التنظيمية على رغبة الصين فى ريادتها عالميا فى مجال حوكمة الذكاء الاصطناعى كى تتمكن من بلورة المعايير العالمية فى ذلك المجال، ما يكفل لها جذب الاستثمارات العالمية وتحفيز نموها الاقتصادى.
أما على صعيد الولايات المتحدة، فقد استدعى رؤساء شركات التكنولوجيا إلى البيت الأبيض فى 5 مايو 2023 تأكيدا على ضرورة حماية مختلف المستخدمين من مخاطر الذكاء الاصطناعى انطلاقا من واجباتهم الأخلاقية ومسئوليتهم المعنوية من ناحية، وضرورة تنظيم ذلك المجال من ناحية ثانية، وحتمية وضع الضوابط والآليات التى تكفل سلامة وأمن الشركات التكنولوجية على اختلاف منتجاتها من ناحية ثالثة، وانفتاح الإدارة الأمريكية على تقديم لوائح وتشريعات جديدة فى مجال الذكاء الاصطناعى من ناحية رابعة.
وفى سياق متصل، أعلن البيت الأبيض عن تخصيص «مؤسسة العلوم الوطنية» ما يقرب من 140 مليون دولار لإطلاق 7 معاهد بحثية جديدة فى مجال الذكاء الاصطناعى. كما أطلق «المعهد الوطنى للمعايير والتكنولوجيا» (NIST) مجموعة عمل عامة لتقنيات الذكاء الاصطناعى التوليدى لتطوير الإرشادات الواجب اتباعها لمعالجة المخاطر التى قد تنجم عن تلك التقنيات على أن تتكون من متطوعين ذوى خبرة فنية من القطاعين الخاص والعام.
• • •
ختاما، على تعدد الجهود الدولية الرامية إلى تنظيم الذكاء الاصطناعى عالميا، فإنها لا تتقدم بنفس السرعة التى تتطور بها مختلف تقنيات الذكاء الاصطناعى على تعدد إشكالياتها. إذ يثير تنظيم الذكاء الاصطناعى بدوره مخاوف يصعب احتواؤها، وفى مقدمتها: التخوف من طرد الاستثمارات فى هذا المجال، ومنع الصعود السريع للذكاء الاصطناعى فى الوقت الذى تتسابق فيه مختلف القوى الدولية على تطويره؛ ليبرز فى هذا الإطار مقاربتان مختلفتان تنظم أولاهما البيانات، وتبسط ثانيتهما قبضتها عليها لصالح الأنظمة السياسية الحاكمة. ويظل دعم الابتكار من ناحية والحد من مخاطر الذكاء الاصطناعى من ناحية ثانية طرفين فى معادلة تنظيم الذكاء الاصطناعى رغم صعوبة تحقيق التوازن بين كليهما.
النص الأصلي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.