حقل ظهر «عملاق الغاز» بالبحر المتوسط.. ملحمة وطنية وطفرة نوعية فى مجالات الصناعة البترولية، كشف غازى كبير جاء كثمرة جهود مكثفة تكاملت فيها الأدوار ما بين قيادة سياسية واعية تدرك بفهم كامل احتياجات الحاضر وتستشرف المستقبل، وسلطة تنفيذية تعى متطلبات المرحلة وقطاع إنتاجى عريق، وشركاء عالميين حريصين على شراكة مصر تقديراً لمكانتها. «ظهر» كشف لم يكن وليدَ المصادفة، إنجازٌ تابعه العالم وأولته الدولة المصرية اهتماماً كبيراً ومتابعة دقيقة، الأمر الذى أسهم فى الإسراع بمعدلات التنفيذ ليكون مشروع الأرقام القياسية، بداية من توقيع اتفاقية امتياز بتروشروق بين قطاع البترول وشركة إينى الإيطالية فى 30 يناير 2014. اقرأ أيضًا | الهوى هوايا!.. حدائق القاهرة تستعيد روائح الزمن الجميل ويقع الحقل على مسافة 200 كيلو متر، من سواحل مدينة بورسعيد وفى أعماق تصل إلى 4100 متر، تحت سطح البحر بمنطقة امتياز شروق البحرية، باحتياطى مؤكد يُقدر بنحو 30 تريليون قدم مكعب غاز، وباستثمارات حوالى 15.6 مليار دولار على مدار عمر المشروع. 18 شهراً فقط من توقيع الاتفاقية تحقق الكشف، 6 أشهر من تحقيق الكشف إلى توقيع عقود التنمية، 28 شهراً من تحقيق الكشف بدأ الإنتاج، ليسجل بذلك إنجازاً فريداً من نوعه حيث تتطلب الاكتشافات المماثلة من 6 إلى 8 سنوات على المستوى العالمى حتى تصل إلى مرحلة الإنتاج. تطلب لتنفيذ المشروع تقنياتٍ عاليةً ومتطورة وأعمالاً وخبراتٍ فنيةً متخصصة، ولحرص الدولة على دخوله مرحلة الإنتاج فى وقت قياسى، تم تكوين لجنة عليا برئاسة وزير البترول والثروة المعدنية للمتابعة الدائمة وتذليل العقبات وذلك لأول مرة فى تاريخ تنفيذ المشروعات البترولية نظراً لضخامة حجمه وأهميته الإستراتيجية. وشهد عام 2019 الإسراع واستكمال مراحل تنمية الحقل ليتضاعف إنتاج حقل ظهر من الغاز 8 مرات منذ افتتاح الرئيس السيسى باكورة إنتاجه فى يناير 2018 بمعدل إنتاج مبدئى 350 مليون قدم مكعب غاز .. وبلغ متوسط قدرته الإنتاجية قبل نحو عام حوالى 7ر2 مليار قدم مكعب يومياً من الغاز الطبيعى، وتبلغ ذروة إنتاجه وفق المخطط أكثر من 3 مليارات قدم مكعب غاز. وساهم حقل ظهر بدور رئيسى بجانب اكتشافات الغاز الأخرى الجارى تنميتها فى تحقيق الاكتفاء الذاتى لمصر، حيث تم تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى المنتج محلياً فى نهاية سبتمبر 2018 مما أدى إلى تخفيف أعباء تكلفة استيراد الغاز الطبيعى المسال عن كاهل الموازنة العامة للدولة. فتح حقل ظهر باب الأمل فى تحقيق اكتشافات أخرى تدعم الاقتصاد القومى وجذب شركات عالمية لتكثيف أعمال البحث والاستكشاف فى المياه العميقة المجاورة لحقل ظهر بالبحر المتوسط لتسهم فى زيادة احتياطيات مصر وإنتاجها من الغاز الطبيعى. قبل نحو عام واجه «ظهر» مشكلة تكمن فى تأخر سداد المستحقات للشركة المشغلة للحقل، وتراجع ضخ مزيد من الاستثمارات التى تحافظ على معدلات الإنتاج التى تراجعت، وتم العمل سريعاً على حل كافة التحديات ووضع حوافز للشركات، وأعلن المهندس كريم بدوى وزير البترول والثروة المعدنية عن عودة أعمال التنمية فى حقل غاز ظهر وبدء أعمال حفر بئرين تنمويتين خلال الشهر الجارى، كما أكدت الوزارة تواصل العمل مع شركة إينى دون أى تأخير للجدول الزمنى المُعد مسبقًا، وانطلاق أعمال الحفر باستخدام التقنيات الحديثة، بهدف زيادة الإنتاج والعودة إلى مخططات الإنتاج المُعتمدة.