مع بداية كل عام يسرع المحللون فى طرح الاحتمالات والتوقعات لما هو قادم وغالبًا ما تكون تلك التوقعات ما بين التفاؤل والتشاؤم إلا أنه فى ظل ما يشهده الوضع الإقليمى والدولى من توتر متصاعد، فان كل التوقعات تشير إلى أن المنطقة ستسيطرعلى عناوين الأخبار. يواجه الشرق الأوسط هذا العام قدرًا كبيرًا من عدم اليقين. فهناك أسئلة لا حصر لها حول حرب الإبادة التى تمارسها إسرائيل فى غزة والوضع فى سوريا ما بعد الأسد، والأعمال العدائية بين إيران وإسرائيل، وسرقة إسرائيل للأراضى فى الضفة الغربية، والدور الحوثى، والطبيعة التى لا يمكن التنبؤ بها للإدارة الأمريكية القادمة. كل هذه الديناميكيات ستشكل الأحداث هذا العام. وسنبدأ فى هذا المقال مقاربة للأحداث المتوقعة فى سوريا. كل الدلائل تؤكد أن سقوط النظام السورى فى 8 ديسمبر الماضى لم يكن سوى زلزال جيوسياسى كبير ستكون له تداعيات كبيرة على الدول المجاورة وعلى المنطقة. وسيكون لتدخل الأطراف الخارجية فى سوريا تأثير كبير على هذه المرحلة الانتقالية الدقيقة، حيث سيسعى العديد من اللاعبين للتأثير على هذا التحول بطرق تخدم مصالحهم الخاصة، مما يثير المخاوف حول مستقبل استقرار سوريا وسلامة أراضيها. وتستعد كل من تركيا وإسرائيل لأن تصبحا المستفيدين الاستراتيجيين من التحول السياسى فى سوريا بعد تراجع النفوذ الإيرانى هناك. وتسعى إسرائيل لإبقاء الدولة السورية ضعيفة وغير قادرة على مواجهتها، وهو ما يساعد فى تفسير قيام إسرائيل بشن مئات الغارات الجوية فى جميع أنحاء سوريا بعد سقوط نظام الأسد واستيلائها على المزيد من الأراضى السورية بجانب هضبة الجولان التى تحتلها من عام 1967، لتعزيز وجودها جنوبسوريا، ومنع صعود نظام سنى محافظ فى دمشق. ونظراً لتضارب المصالح بين أنقرة وتل أبيب فيما يتعلق بسورياوغزة وقضايا أخرى، فقد تتصاعد هذا العام التوترات بين تركيا وإسرائيل، مع احتمال تدخل الولاياتالمتحدة وهو ما قد يؤدى لتفاقم هذه التوترات. وستضطر إدارة ترامب القادمة لمنع تصاعد التنافس التركى الإسرائيلى فى سوريا حتى لا تخرج الأعمال العدائية بين تركيا -أحد أعضاء الناتو- وتل أبيب عن نطاق السيطرة.